رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصطفى محمود يكتب: يافرج الله

مصطفى محمود
مصطفى محمود

في مجلة صباح الخير عام 1957 كتب الدكتور مصطفى محمود مقالا افتتاحيا للعدد قال فيه:

«في شارع العطارين رائحة غريبة هي مزيج من رائحة الجنزبيل والمغات والشاي والعنبر والجوافة والنعناع والريحان، رائحة غريبة تمازجها الأتربة والعرق المتصاعدة والملاءات اللف والفساتين الجابوني، أنه شيء يمكن أن نسميه رائحة الحياة.


الشارع ضيق لكنه مزدحم بالدكاكين وأصوات السمكرية والنجارين والباعة، وكل خطوة تصطدم في طريقك بشحاذ أو رجل ضرير أو امرأة حامل، أو طفل يلعب بالطوب، وأجهزة الراديو تشخشخ في المقاهي بأغان تؤدى بأصوات نشاز.

وفى آخر الشارع خرابة وعربة بطاطا تسد الطريق، والبائع يلعلع بصوته "معسلة قوى يابطاطا.. يالى زى الشهد يا بطاطا" والبنات يلعبن الحجلة، والأولاد يتغامزون بالنكت القبيحة وينفجرون بالضحك.

وأنا أسير في خطوات متثاقلة وامامى شيخ ملتح، وافندى يسيروالشيخ يقول «حى رحيم، رحمن، قيوم، شوف ياطلبة افندى مادام ربنا موجود ماتحملش هم، ده لطف ربك مالوش آخر».

قال الافندى: والله ياأخى انا جالي لطف في مخي من كلامك ده.

قال الشيخ: خليك جمل شوف ايوب عمل ايه وكل يوم كان يقول الحمد لله.

قال: انا حامده وشاكره لكن بلوتي كبيرة ومرضي مش لاقى له دوا.

قال الشيخ: فرجه قريب اعمل زي ماقلت لك واديني جنيه واتكل على الله ومالكش دعوة، انا مش عاوز حاجة، انا عاوز اقدم الخير وبس، نام انت في سريرك وسيبني ادور على السائل اللى مابيسألش واقوله طلبة افندي بايديك ادعي له ربنا ياخد بيده، اعطي طلبة افندى جنيها للشيخ الذي قال له: روح انت بقى صلي ركعة الحاجة وسيبنى.

مشى الشيخ وأنا خلفه اراقبه فرأيته يقف عند دكان قصاب اشترى منه ثلاث ارطال لحم ثم اشترى أوزة ومنديل حرير وعقد خرز ثم سار إلى بيته وهو يقول يافرج الله ».
Advertisements
الجريدة الرسمية