رئيس التحرير
عصام كامل

تذكر «المنسي»


يغير "عباد شمس" اتجاهه باستمرار للحصول على أكبر أشعة ضوء ممكنة، بينما يظل "الصبار" ثابتًا في مكانه محذرًا الجميع من الاقتراب من الأرض، حتى لا يؤذيهم بأشواكه.


إذا كنت مهتمًا بالتاريخ والجغرافيا فبالأمس جرت ملحمة جنوب رفح، التي استشهد وأصيب بها عدد من أبطال القوات المسلحة بينما تخلصنا من عشرات الإرهابيين الذين ظنوا أن بإمكانهم اقتحام بوابتنا الشرقية.

أما إذا لم تهتم بالهندسة الرياضية فلا تبحث عن رسائل (الأصول) لإقليدس، لكن يجب أن تتحلى بعنوانها وتعرف أن الصف يستقيم استعدادا لتوحيد الله مثلما يتوحد الصف لمواجهة الشدائد.. ولأن البطولة حدث يُلهم الجماهير ويجعلها أكثر تفهمًا للتحديات وأكثر صلابة في مواجهتها، فإن علينا الاختيار بين النسيان أو التذكر، والأول قد يحدث مع تلاحق الأحداث، أما الثاني فيمكن تحقيقه إذا حرصنا على بقاء المعركة وبطولة أصحابها ماثلة في الأذهان بنفس قوة الانشغال بها يوم حدوثها.

بالأمس كانت الملحمة هي الحدث الأهم لدى مستخدمي الإنترنت بمصر، فأثناء كتابة المقال كانت أربع جمل بحثية من ضمن الخمس الأكثر رواجًا بين مستخدمي جوجل بمصر تتحدث عن "رفح" بالإضافة إلى تواجد ستة هاشتاجات من ضمن العشرة الأكثر تداولًا بين مستخدمي تويتر بمصر عن المعركة.. ومن ضمنهم هاشتاج أطلقه الجمهور عن الشهيد "أحمد منسي" قائد الكتيبة.

لكن اهتمامات جمهور الإنترنت كالبرق يخطفك للحظات، لكنه لا ينير الطريق للأبد وسرعان ما تسقط الأمطار بأحداث أخرى تشغله وتنسيه ما سبق لذا وجب القيام بجهود تذكرنا دائمًا بكل تضحيات الشعب في مواجهة الإرهاب، ويمكن أن تكون البداية من جنوب رفح.

بعد أن انتهت المعركة عرفنا أن قائمة الشهداء والمصابين الذين دافعوا عن الكمين سبق وجاؤوا إليه من كل محافظات مصر تقريبًا، بداية من العاصمة مرورًا بالإسكندرية، البحيرة، القليوبية، الدقهلية، الشرقية، الغربية، المنوفية، دمياط، كفر الشيخ، الإسماعيلية، الفيوم، المنيا، سوهاج، أسيوط وغيرها.

علينا دعوة الجهات المسئولة لبدء حملات توعية ببطولات شهداء ومصابي كمين جنوب رفح وغيرهم من شهداء ومصابي الجيش والشرطة والمدنيين في كل محافظة ومدينة وحي وحارة جاؤوا منها لتصبح تضحياتهم وبطولاتهم ماثلة دائمة في الأذهان، بداية من رفع صورهم في شوارعهم مع نبذة عما قدموه دفاعًا عن الأرض، وحتى إطلاق أسمائهم على الميدان وإقامة التماثيل لهم.. مع العلم أن هناك دولا منها أمريكا تكرم أبناءها المجندين -في أوقات السلم- بأن ترفع في مدنهم صورهم وتشكرهم على قضاء مدة الخدمة.. فلا تجعلوا "أحمد منسي" منسيًا بل تذكروه مع رفاقه اليوم وغدًا، ويوم خروجنا من المحن لنفرح سويًا، ويوم مواجهة المصاعب لنتغلب عليها..

بالتذكر الدائم للتضحيات والبطولات نعلن تمسكنا بأرضنا كالصبار مهما شاهدنا البعض يبتعد عنها متوجهًا نحو الضوء كعباد الشمس أو عباد الدولار، وإذا أمرنا الله مسلمين ومسيحيين أن تكون القِبلة إلى الشرق فلنتجه إليها الآن بقلوبنا ونصلي لسيناء.

الجريدة الرسمية