رئيس التحرير
عصام كامل

رفع الفائدة وعائده على الاستثمار


يلجأ البنك المركزي إلى زيادة نسبة الفائدة على الودائع بالبنوك كإجراء وقائي لمواجهة التضخم فهو يهدف إلى جذب الأموال من السوق الموازية والأموال المودعة خارج نطاق الجهاز المصرفي للدخول اليه مرة، فعندما تزداد الفائدة تزداد تكلفة الأموال وبالتالي يقل الاقتراض للأشخاص من أجل الإنفاق الاستهلاكي، والذي يمثل الطلب الدافع لارتفاع الأسعار.


أما بالنسبة للشركات المنتجة فإنها يمثل ارتفاعا لتكلفة الاقتراض، مما يدفعها لقبول الشراكات بنسبة أكبر من اللجوء للاقتراض وهو ما يدفع لزيادة الشركات العاملة والمنتجة مما يشكل زيادة الاستثمار وعرضا أكبر من السلع والخدمات ويؤدي إلى تخفيض معدل التضخم بتخفيض مستويات الأسعار في المدى القصير.

ومن ناحية أخرى فإن رفع سعر الفائدة يدفع إلى زيادة الطلب على العملة المحلية وبيع العملات المقابلة أملا في تحقيق فائدة أكبر للحيازة هو ما ظهر أثره الآن حين انخفض سعر العملة الصعبة في مواجهة الجنيه لتخلي حائزي العملة الصعبة عنها أملا في جنى أرباح تنافسية أكبر.

ويبقى سؤال هل ارتفاع الفائدة سيدفع المستثمرون لغلق أنشطتهم وبيع أصولهم من أجل الراحة وجني العائد البنكي دون جهد؟ وهو ما يسمى العائد الخالي من المخاطر؟

بالطبع لا.. لأن العائد الذي يطلقون عليه العائد الخالى من المخاطر في الواقع له مخاطر أخرى في المستقبل وهو أن الاحتفاظ بالعملة التي تمر عليها السنون تنخفض القوى الشرائية لها مع مرور الزمن بالطبع ويكون هو العائد المحفوف بمخاطر التآكل وانخفاض القوة الشرائية ولذلك فإن من يلجئون إلى غلق أنشطتهم لا يبادرون لذلك لعلمهم بهذه المخاطرة علاوة على تكلفة الفرصة البديلة لارتفاع القيمة للأصول في حاله لو كانت في حوزتهم لكان ذلك أفضل لهم.

ارتفاع الفائدة ملازم لكل موجة تضخم مواكبة لارتفاع الأسعار أملا في الوصول إلى الإصلاح الاقتصادي المنشود وهو ما يتطلب منا زيادة الجهود من الدولة والمواطن لوجود حلول حقيقية نحو التوظيف من جهة والشراكة بين الناس من جهة أخرى ولعل أفضل الحلول التي يمكنها علاج الكثير من أعراض التضخم إرجاع القطاع العام بمشاركة القطاع الخاص وبإشراف إحدى مؤسسات الدولة الناجحة وهو ما سيترتب عليه استغلال قوى بشرية هائلة.

هل ارتفاع الفائدة سيسبب ارتفاع تكلفة الاستثمار مما يسبب معه إغلاق الشركات؟
ليست بالطبع كل الشركات مقترضة مع أن ذلك كفيل بتوجيه الصناعات إلى الأنشطة الضرورية، وهي التي تحل محل الاستيراد، مما توفر العملة الصعبة والبديل في كل الأحوال موجود قرض بفائدة ٥٪‏ المتاح للصناعات وهو الفرصة الحقيقية لمن يملكون القدرة على خلق الأعمال وتحقيق أرباح وخصوصا أن ارتفاع الأسعار كفيل بإرجاع الأنشطة التي خرجت من السوق، أملا في جني أرباح أكبر مما كانت تجنيه وسط المنافسة في الماضي وهو ما يؤدي إلى إعادة فتح المصانع المغلقة مرة أخرى.

السياسة النقدية في النهاية هي "وسيلة" وليست هدفا للإصلاح الاقتصادي فالهدف هو زيادة الموارد من صادرات بترولية غير بترولية وسياحة وعاملين بالخارج وتوفير النفقات وهو ما يستتبع جهود التنفيذيين المضاعفة من أجل تحقيق ذلك، وليس الاكتفاء بتعديل بنود السياسة النقدية التي تمثل فقط الوسيلة.
الجريدة الرسمية