رئيس التحرير
عصام كامل

الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء


لم يعد التماس الإنصاف خارج الحدود الوطنية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان نوعًا من الاستقواء، حيث تمنح الأطر القانونية الإقليمية أصحاب الحقوق الذين انتهكت حقوقهم إمكانية رفع قضيتهم أمام هيئة إقليمية، ويستلزم ذلك أن تكون الدولة جزءا من الاتفاقية الدولية ومصدقة عليها وأن تكون جميع سبل الانتصاف الوطنية قد استنفدت من خلال الآليات الوطنية، وقد كانت مصر في مقدمة الدول التي أسهمت في صياغة وإصدار أقدم الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وعلى المستوى الإقليمى بأفريقيا كان لمصر دورها الواضح في إصدار الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي تم صياغته في 27 يونيو 1981 في نيروبي (كينيا) ودخل الميثاق حيز التنفيذ في21 أكتوبر 1986، بعد أن صادق عليه 25 دولة من الدول الأفريقية..


وهو الميثاق الذي يعتمد أساسًا على ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية التي كانت مصر في مقدمة من دعوا لتأسيسها؛ ثم يستمر دور مصر وتسهم في إنشاء اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وتأتى مصر على رأس الدول التي تسهم طوال الوقت في البحث عن مبادرات لتنمية القارة الأفريقية وشعوبها فتتبنى مصر مع الجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا والسنغال رؤية أفريقية لاستراتيجية شاملة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالقارة‏،‏ صاغها وتبناها رؤساء الدول الخمس واعتمدتها قمة منظمة الوحدة الأفريقية بلوساكا في يوليو‏2001، لتصبح بذلك برنامج الاتحاد الأفريقي لتحقيق التنمية الشاملة بالقارة‏.‏

وهى ما تعرف بـ(النيباد) وهي مبادرة استراتيجية لإعادة هيكلة أفريقيا وتخليصها من التخلف، وتعزيز التنمية المستقلة والنهوض بالاقتصاد والاستثمار في الشعوب الأفريقية، ومواجهة التحديات الحالية التي تواجه القارة الأفريقية، والتي تتمثل في الفقر المتزايد والتخلف واستمرار التهميش كما تستهدف القضاء على الفقر‏،‏ وتحقيق حياة أفضل للمواطن الأفريقي من خلال التعامل مع مشكلات القارة المختلفة وإيجاد الحلول الملائمة لها..

وقد قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتنظيم حوار رفيع المستوى حول النيباد يوم‏ 16‏ سبتمبر ‏2002،‏ ثم اعتمدت (النيباد) في قرارها‏ 7/57‏ الصادر في نوفمبر‏ 2002‏ كإطار لتنمية أفريقيا‏،، ودعت أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وغيرها من شركاء التنمية إلى مواءمة برامجها الموجهة لدعم جهود التنمية في أفريقيا مع برامج عمل النيباد‏، ومتابعة لهذا القرار يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد تقرير دوري حول التقدم المحرز في تنفيذ المبادرة‏،‏ مستندًا في ذلك إلى ما يتلقاه من ردود من مختلف الأطراف‏، ومن بينها مصر‏، وفي عام 2004، أنشأ الأمين العام فريقًا استشاريًا معنيًا بالدعم الدولي للشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا، ويهدف تقرير هذا الفريق إلى المساهمة في رصد الدعم الدولي للشراكة ويورد عددًا من التوصيات لمواصلة العمل من أجل دعم تنفيذ أهداف وبرامج الشراكة.. ‏وتتطور الآليات الأفريقية لتقوم ( النيباد ) بإطلاق‏ وتتطور الآليات الأفريقية لتقوم ( النيباد ) بإطلاق ما يعرف بـــ "الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء‏"..

وهي أداة أفريقية خالصة‏،‏ تهدف إلى مراجعة مستوى الكفاءة والأداء في الدول الأفريقية الأعضاء بالآلية‏، وسبل العمل المشترك على تطويره والارتقاء به‏،‏ من خلال تبادل المعرفة واستفادة الدول الأفريقية من تجارب وخبرات بعضها بعضا‏، والتعاون فيما بينها‏،، بعيدا عن أي مفاهيم عقابية‏.. ‏وهى الآلية التي تستهدف الديمقراطية والحكم الرشيد؛ وفيه يجب التأكد من أن كل الدساتير الوطنية تعبر عن روح الديمقراطية وتوفير فرص التمثيل السياسي لجميع المواطنين وتوفير مناخ للمساءلة، ضمان وجود آليات للمساءلة والرقابة للمسئولين؛ محاربة الفساد السياسي، تعزيز حقوق المرأة وحماية حقوق الأطفال.. حماية حقوق الفئات الضعيفة، وفي مجال الإدارة الاقتصادية، وذلك بتجسيد الإدارة الاقتصادية الجيدة عن طريق الشفافية في الإدارة المالية، والتي تعتبر شرطا رئيسيا لتعزيز النمو الاقتصادي..

وهذه الآلية التي تسعى لتشجيع المشاركة بين الحكومة والمجتمع المدني في كل بلد، فضلا عن المشاركة مع غيرها من البلدان الأفريقية التي تشاطرها الرأي، وتعمل على تحسين المؤسسات والممارسات الإدارية، وهى آلية طوعية وليست عقابية وهى كذلك نابعة من المحيط الأفريقى وتتفهم ثقافته ومشكلاته، فضلا عن أن هذه الآلية تحظى باعتراف الأمم المتحدة ويمكن لها أن تسهم في تحقيق التنمية للقارة الأفريقية، هي آلية فقط تنتظر دور مصر الفاعل في بث الروح لهذه الآلية التي تسببت الظروف السياسية التي مرت بها مصر منذ عام 2011 في الغياب المؤقت، والأمل معقود على الدبلوماسية المصرية في سرعة تعيين اللجنة الوطنية المصرية لاستكمال دور مصر الإقليمى في قيادة مبادرات تنمية القارة وتحقيق الرفاهية لشعوب القارة السمراء.
الجريدة الرسمية