رئيس التحرير
عصام كامل

وبشر الصابرين


ما من كائن على وجه الأرض إلا وهو يتقلب بين اثنتين، رزق مقسوم لا حيلة فيه، وأجل محتوم لا مفر ولا مهرب منه، لذا وجب علينا أن نرضى بقسمة الله تعالى ونسلم له في قدره عز وجل، هذا والإنسان منا في رحلة حياته يتقلب ما بين الوسعة والضيق والفرح والحزن والصحة والمرض، وما كان هذا التقلب إلا لأننا في دار ابتلاء واختبار وهي الدنيا وهي دار مكابدة وعناء وشقاء، يقول سبحانه: "ولقد خلقنا الإنسان في كبد"، ويقول عز وجل: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".


هذا وكلما كان العبد أشد إيمانا ودينا كان حظه في الابتلاء أشد لقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: "يبتلى المؤمن على قدر دينه فإن كان في دينه زيادة زيد له"، ولقوله أيضا: "أشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الصالحين فالأمثل فالأمثل"، هذا والإيمان الحقيقي يقع ما بين الصبر والشكر وذلك لتقلب المؤمن بين النعمة والابتلاء، فعند النعمة يشكر ربه تعالى وعند ذلك يفتح الله له باب المزيد من النعم والفضل لقوله جل وعلا: "ولئن شكرتم لأزيدنكم"..

وعند الابتلاء المؤمن يرضى ويسلم ويصبر ويحتسب، وعند ذلك يقيمه الله في معيته لقوله تعالى: "إن الله مع الصابرين"، ويدخله سبحانه جنته دون حساب وسؤال لقوله عز وجل: "ويوفي الله الصابرين أجرهم بغير حساب"، والصابرين لهم البشرى من الله تعالى، يقول سبحانه وتعالى: "وبشر الصابرين"، هذا ويتفاوت حال العباد عند المحن والشدائد والابتلاءات، فالعبد ضعيف الإيمان يصبر ويشتكي، وقوي الإيمان يصبر ويحتسب دون شكوى وهذا ما أشار إليه عز وجل بالصبر الجميل أي الصبر الذي لا يصحبه شكوى..

هذا وأما عن حال كمال الإيمان وأهل الإحسان وهم السادة الأنبياء والأولياء، الرضا بابتلاء الله والتلذذ به وذلك لأنهم أهل محبة الله وهو سبحانه المقدر والمبتلي ورضاهم وسعادتهم وتلذذهم بابتلاء محبوبهم عز وجل هو من علامات صدقهم في محبتهم لربهم، هذا ونحن شعب مصر أرض الكنانة تتوالى علينا المحن والابتلاءات والشدائد والله ما أرى ذلك إلا لمحبة الله لنا ولعظيم العطاء الذي ادخره الله لنا عند لقائه تبارك وتعالى، نعم نحن الآن في شدة ومحنة وكرب شديد وغلاء بعدما تكالب علينا أهل الشر وأرادوا تقسيمنا وتركيعنا وإخضاعنا وحاربونا بكل أدوات الحرب الخسيسة وحاصرونا اقتصاديا..

ولكن علينا أن نصبر ونتحمل حتى نحافظ على أمن وسلامة ووحدة مصرنا الحبيبة ولنحذر من أعداء مصر الذين يصطادون في الماء العكرة ويستغلون حاجة الناس ومعاناتهم ويشككون في قيادة مصر التي أنقذ الله مصرنا من الضياع والتقسيم والتشريد على يديها..

هذا وعلى الحكومة تشديد الرقابة على الأسواق ومراعاة معدومي ومحدودي الدخل وإعفاءهم من فواتير الكهرباء والماء، والله ما أقول لكم هذا الكلام تملقا لأحد فإني بفضل الله وستره لا عوز لي ولا حاجة عند أحد ولكنها أمانة الكلمة التي سوف أسأل عنها أمام الله عزوجل وإني لعلى يقين كامل أن شعبنا الصبور الحر الواعي سيتحمل وسوف تمر هذه المرحلة القاسية بسلام وسوف يعم الرخاء البلاد والعباد، وفي الختام أذكركم بقول الله تعالى: "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا"، ولن يغلب عسر يسرا، وبشر الصابرين.. حفظ الله مصرنا وقائدها المخلص الذي لا يستطيع أحد أن ينكر وطنيته ونزاهته إلا إذا كان جاحدا أو حسودا من كل شر وسوء..
الجريدة الرسمية