رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الكابوس


هناك حالة من الصدمة فرضت نفسها على غالبية المصريين منذ قرار زيادة أسعار المحروقات الخميس الماضى.. لم يكد القرار يدخل حيز التنفيذ حتى قفزت أسعار جميع السلع بشكل جنونى.. على سبيل المثال تم إضافة 2200 جنيه على أسعار طن الحديد مما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بجميع فئاتها.. فضلا عن ارتفاع أسعار جميع مواد البناء.. ومن المؤكد أن هذه الزيادة تمثل عبئا كبيرا على غالبية المصريين وليس محدودى الدخل الذين لم يعد لديهم القدرة على التعاطى مع هذه الأسعار.. ولم يعد محدود الدخل له وجود من الأساس بل أصبح كائنا افتراضيا نسمع عنه ولا نراه.


الحكومة من جانبها تردد نفس الكلام مع كل زيادة أن الأسعار لن تمس محدودى الدخل، ولن ترفع أسعار باقى السلع، هي تحاول أن تقنع نفسها بالمستحيل، والمواطن يعرف أنها كاذبة ويسأل نفسه هل تشعر هذه الحكومة بالمواطنين؟، من المؤكد أن الإجابة يعرفها الجميع، فهى لا تعرف شيئا عن المواطن أو الأسواق أو أسعار السلع الحقيقية، هي تحتفظ في جيبها بقائمة أسعار تحدد فيها السعر الذي تريده، ومن المؤكد أن هذه الأسعار لا وجود لها.

ومع كل زيادة جديدة لا تنسى الحكومة أن تعاير المواطن بورقة الدعم، وتعايره بمناسبة وبدون مناسبة أنها تدعم الكهرباء والبنزين والسولار والمواد الغذائية وباقى المنتجات، والدعم ليس بدعة مصرية كما تحاول الحكومة أن تصور لمواطنيها فكل دول العالم تدعم أبناءها حتى يعيشوا بشكل كريم...

أسطوانة الحكومة المشروخة لا تتوقف عن ترديد أن هذه القرارات تصحيح لأخطاء عقود طويلة، والرد على هذه الحكومة هل من العقل أن تعالج أخطاء عقود طويلة في عامين فقط؟ فالحكومة تعتبر المواطن "الحصالة "التي تفتحها عند وجود عجز في الموازنة العامة للدولة.

منذ سنوات ونسمع من هذه الحكومة أن الخير قادم، وأن غدا أفضل والمستقبل ينتظرنا على ناصية الشارع، ولا شيء يتحقق من وعودها، وكأنها تعد الشيطان بدخول الجنة، نحن نعيش في كابوس من صنع شريف إسماعيل الذي لا يعرف حتى هو نفسه لماذا جاء به إلى هذا المكان.

صدمة ارتفاع الأسعار لم تقتصر فقط على غضب مكتوم بل خلقت نوعا من البلادة والانسحاب والاكتئاب على الجميع، وهذا الأمر تأثيره خطير على الوطن، فلا تحدثنى عن الانتماء والبطون جائعة، ولا تحدثنى عن المستقبل والحاضر سيئ، ولا تحدثنى عن الخير ونحن لم نعد نراه سوى في الأحلام.. المواطن يشعر أنه يتحمل فاتورة الإصلاح وحده، وأن الحكومة لا تمثل المواطنين في قراراتها..

يجب أن تكون يد المواطن في يد الحكومة فبدونه لن تفعل شيئا.. فهل ننتبه من انتقال العلاقة بين الحكومة والمواطن من مرحلة "أهى عيشة والسلام" إلى مرحلة الكره؟ أم نظل نعاند ونكابر ولا نرى الإشارات ونرفض تصديق الدلالات ونتجاهل التحذيرات ونقول إن هذا هو الطريق الوحيد.. عفوا هناك طرق بديلة ومسارات مختلفة ورجال آخرون.
Advertisements
الجريدة الرسمية