رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الشعب المصرى.. وصبر أيوب!


"هناك رضا بين المواطنين على زيادات الوقود، والشعب يعى المرحلة".. لا أصدق أن د.شريف إسماعيل رئيس الوزراء الذي قال ذلك الكلام أن يكون صدق نفسه، أو أن من حوله صدقوا ذلك الكلام، يعرف الكثيرون أن هناك زيادة متوقعة في أسعار البنزين، ولكن أيضا في طوال الشهر هناك مؤشرات تعكس تراجع تفكير الحكومة عن الزيادة، فالسيد وزير الكهرباء صرح بأنه بناء على تعليمات الرئيس السيسي سيتم رفع الدعم عن الكهرباء في مدة من 5 إلى 7سنوات بدلا من سنتين، وأن هناك بعض الخطوات لمراعاة المواطن، لدرجة أن المواطنين استبعدوا أن يتم رفع سعر الوقود في الوقت الحالى، أو يتم التعامل مثلما أعلن وزير الكهرباء.


المستفز أن وزير البترول صرح مساء الأربعاء أن الحكومة لم تقرر موعد رفع سعر الوقود، ولأنه لم يقل الحقيقة فبعد تصريحاته بساعات فوجئ المواطن برفع سعر الوقود، ياترى من صاحب القرار؟ قرار رفع الأسعار يوم الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونية!؟ من صاحب العكننة على الشعب المصرى الذي ذهب يلعن كل شىء بدلا من الاحتفاء واستعادة ذكرى ثورة 30 يونيو؟ بل ذهب البعض ليلعن كل الثورات، المشكلة الأساسية التوقيت السيىء الذي أضاع بهجة العيد، وبهجة الاحتفاء بثورة 30يونيه، أي غباء هذا؟!

تعلمت من رجل الأعمال المهندس أحمد إبراهيم شكرى حكمة جميلة، ارددها في كثير من المناسبات، وهى مرتبطة بتوقيت اتخاذ القرار الصعب، فكان يردد: القرار الصح + التوقيت الخطأ = قرار خاطئ... وقرار خطأ + توقيت صح = قرار صح!

وهنا يقصد لو أن هناك قرارا صحيحا 100% ولكن اتخذ في التوقيت غير المناسب، النتيجة فشل القرار ويصبح القرار خاطئا!.. والعكس لو أن هناك قرارا غير صحيح 100% ولكن اتخذ في وقت مناسب أي يمكن إصلاحه أو تجويده أو تغييره، وبالتالى يتحول إلى قرار صائب، وتعلمنا زمان أن أي قرار يصدر من الحكومة هو في الأصل قرار سياسي، يراعى المناخ السياسي وحالة المواطن، من هنا كان فشل قرارات الرئيس السادات في يناير 1977، والتي بسببها اندلعت مظاهرات غير مسبوقة في جميع المحافظات، ونزل الجيش الشوارع، وألغى السادات القرارات، ويومها كانت الملاحظة الأولى هي غياب الحس السياسي لدى أصحاب القرار، بالرغم من خبرة من كان على رأسهم السيد ممدوح سالم رئيس الوزارة ود.عبدالمنعم القيسونى رئيس المجموعة الاقتصادية.

وبعودة للتاريخ في الأربعينيات  فقد تمخض الملك فاروق الأول وحكوماته أن يكون المشروع القومى الأول في مصر هو "محاربة الحفاء"، تخيلوا المشروع القومى في مصر "محاربة الحفاء"، وجاءت ثورة 23 يوليو 1952، وبأحلام وطموح غير محدود، وتم توزيع الأرض على الفلاحين، وبناء مصانع ومدارس والسد العالى..إلخ، كل هذا من أجل نهضة حقيقية لمصر والعالم العربى، وكانت نكسة يونيو 1967 بمثابة الزلزال الذي أطاح بأحلام الملايين..

وبدلا من حلمنا تحرير فلسطين، أصبح الموقف تحرير سيناء أولا، وكان الشعار الذي رفعه الزعيم جمال عبدالناصر"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" والتقشف إلى أن يتم تحرير الأرض، واستعادة كرامتنا التي أهدرت في حرب يونيو 67، واصطف الشعب أمام الجمعيات التعاونية من أجل الحصول على احتياجاته بالكاد، وجاء السادات صاحب قرار الحرب، وحققنا انتصارا أذهل العدو قبل الصديق، وهنا تنفس الشعب المصرى الصعداء على أمل أن الحرب كما قال السادات:آخر الحروب..!

وجاء الانفتاح الذي أطلق عليه الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين.. انفتاح سداح مداح!، ووعد الرئيس السادات الشعب المصرى بالرخاء بعد عامين، وكان ذلك في عام 1988، وبدلا من الرخاء غرقت مصر في الارتباك غير العادى في كل شىء، والطريف أن الراحل الرئيس السادات في ديسمبر 1979 وفى حوار تليفزيونى قال شيئا عجبا للسيدة همت مصطفى قال: ياهمت يابنتى نزلت الشارع وجدت الناس راكبة عربيات.. الرخاء جه بدرى سنة ياهمت! ولم نر الرخاء.. بل جاء الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وقدم للشعب أولى مهامه إعادة البنية التحتية وبالتالى كانت الميزانية أول بنودها إعادة البنية التحتية، وعلى مدى ثلاثين عاما لم يتحقق الرخاء أو النقلة النوعية للاقتصاد المصرى أو حتى حياة المواطن البسيط، وترعرع شجر الفساد الذي تم زراعته في منتصف السبعينيات، إلى أن وصلنا إلى 25 يناير2011، ومن المفارقات الطريفة أن حسنى مبارك وهو يعلن عن مشروع توشكى قال: إحنا بنبنى مشاريع للمستقبل، علشان الناس ماتجيش تسألنا في 2017 عملنا إيه!

يومها ضحكت وقلت 2017! وياسبحان الله نحن اليوم في 2017، ولايزال مبارك على قيد الحياة، ولكن للأسف أصبحت توشكى ليست الحلم أو المشروع الذي قيل إنه مستقبل مصر!

إننى مازلت أؤمن بوطنية السيسي وإخلاصه، ولكن لابد أن يعترف أن هناك ممن حوله غير أكفاء تماما، ويسيئون له وللدولة المصرية، أن يتم رفع الأسعار يوم العيد  والذكرى الرابعة للثورة غباء سياسي لا شك، ولابد أن يراجع السيسي خطاباته، عندما تولى وعد شعبه أن الحال سيتحسن بعد عامين، ولم يحدث!

ومنذ ستة أشهر وعد بان الأمور ستتغير، وكانت الهدية هي رفع الأسعار يوم عيد الثورة!

الهدف من خلال السرد السريع، أن الشعب ينتظر الغد دائما على أمل أنه الأفضل، وكل حاكم يأتى يعد الشعب بأنه يعمل للمستقبل ومن أجل أولادنا، العجيب أن الأولاد الذين عاشوا في عصر عبدالناصر أطفالا أصبحوا شيوخا، ولم يتحقق ماوعدوا به في ثلاثة عصور(ناصر-السادات -مبارك) وطبيعى لم يتحقق للأجيال الأخرى التي وعدت في عهد السادات أو مبارك والغريب أن الأخطاء واحدة، والوعود تتشابه، وتختلف فقط في العناوين أو فى الشكل فقط!

ولايزال الشعب ينتظر الغد الذي قد لايأتى!

منذ عشرين عاما سألت العالم المثقف د.إسماعيل صبرى عبدالله عن مصر والعالم في القرن 21 قال: سيتم جنى ثمار العولمة، وسيصبح الغنى أكثر غنى.. والفقير أكثر فقرا!
Advertisements
الجريدة الرسمية