رئيس التحرير
عصام كامل

مدير مركز التحاليل الجوية بـ«الأرصاد»: إمكانياتنا لا تسمح بتنبؤات صحيحة لأكثر من 4 أيام

فيتو

  • التنبؤات الخاصة بالفصول ليس لها أساس من الصحة
  • مقولة "الصيف القادم أكثر حرارة" ليس لها أي أساس علمي
  • ربع مليار جنيه لتحديد رؤية أوضح في درجات الحرارة
  • نتعامل مع البحر الأحمر على إنه أرض يابسة وليس مسطحًا مائيًا
  • نتعاون مع الطيران والمطارات الحربية يوميًا
  • التغيرات المناخية قضية سياسية وهذه أبرز الشائعات عن حالة الطقس



هو الخبر الأهم لدى جميع المواطنين يوميًا، خاصة في فصل الصيف، الكل يريد أن يعرف درجات الحرارة، ما هو الطقس الغد، لا يقف الأمر عند حدود المواطنين بل إن هيئات بعينها تنتظر معرفة الطقس، الذي يمكن أن يتسبب في خسائر مالية إذ اضطر أحد الموانئ للإغلاق أو تعطلت بعض الطائرات بسبب الظروف الجوية.
تلك المسئولية تقع على عاتق مدير مركز التحاليل الجوية بهيئة الأرصاد الجوية الدكتور أحمد فاروق، الذي تحاوره فيتو في السطور التالية لمعرفة عمل تلك الهيئة المهمة، وكيف يخرج خبر الطقس وما رحلته.

*في البداية هل توجد جهات أخرى مسئولة عن إصدار النشرات الجوية؟
المركز الرئيسي للتحاليل والتنبؤات الجوية هو المكان الرئيسي الممثل لهيئة الأرصاد الجوية عن نشرات التنبؤات الجوية لجميع القطاعات ولا هيئة أخرى.

*ما المقاييس التي يتم مراعاتها عند رصد درجات الحرارة؟
نقوم برصد الهواء المحيط، حيث يوجد مكان عبارة عن كشك خشبي يوجد به فتحات تهويه مثل الشراعات ويوضع به ترمومتر مع الحرص على عدم التعرض المباشر للشمس ولا يوجد غلق تام لكتلة الهواء ليعطينا درجة الحرارة الطبيعية.

*ما أقصى عدد الأيام التي يمكن التنبؤ بها سلفا؟
في أمريكا يتمكن الخبراء من التنبؤ لمدة عشرة أيام من يوم الرصد بنسبة تحقق جيدة، وفي أوروبا 7 أيام، وفي مصر 4 أيام، وهذا يتوقف على الموجة التي تستغرق دورتها حول الكرة الأرضية من 6 إلى 7 أيام، فبالتالي يصعب التنبؤ بالموجة في دورتها التالية بالإمكانيات التقليدية لذا نسبة التحقق في الأربعة أيام عالية تصل إلى 99% خاصة في ظل الإمكانيات المتاحة في مصر.

*ما مدى دقة البيانات التي يمكن أن توفرها الإمكانيات المصرية في الرصد؟
الإمكانيات لا تعني حاسب أفضل من حاسب، وإنما تتمثل في البرمجة والنظم العددية وامتلاك أقمار صناعية علمية مصر لا تمتلكها، والمعلومات التي نستمدها تأتي من الأقمار الصناعية نتيجة بروتوكولات مع أمريكا أو الاتحاد الأوروبي أو روسيا، فكل منهم له نصيب من الأقمار الصناعية، حيث نتعاقد معهم لأخذ البيانات وهذا يحكمنا فإذا احتجنا بيانات شديدة الدقة أو الأهمية في مجال ما، سيكون من خلال دفع مبلغ مالي كبير.

*ما آخر الإمكانيات التي تم التوصل لها لخدمة التنبؤات الجوية؟
يوجد إمكانيات تجعل درجة وضوح الرؤية على مسافة 50 و30 كيلو كما يوجد درجة وضوح 10 كيلو، وأحدثها وصلت درجة الوضوح على مسافة 3 كيلو، مما يعني رؤية واضحة جدا يمكن بناء تنبؤات دقيقة على أساسها، وهي التي تستخدم في أمريكا حاليا.

*ما إمكانيات مصر في هذا الجانب؟
إمكانياتنا محدودة في هذا الجانب، لدرجة أن بعض المناطق مثل البحر الأحمر يتم رصدها على كونها يابسة وليس مسطحا مائيا لبعد المسافة، فرؤيته تحتاج على الأقل لمسافة 30 كيلو ودرجة الوضوح الذي نرصد به 50 كيلو، فالتنبؤات البحرية لهذا المسطح المائي يجب رصدها من قمر صناعي آخر أقرب مما يعني دفع مبلغ ضخم.

*ما تكلفة الحصول على درجة رؤية أوضح؟
من المتداول أن الكويت تريد شراء درجة وضوح لمسافة 4 كيلو ب 30 مليون دولار، مما يعني ربع مليار جنيه مصري، ومن الصعب إنفاق هذا المبلغ من جهة خدمية في مصر.

*ما أبرز القطاعات التي تعتمد على نشرات وتقارير الهيئة المتعلقة بالأرصاد الجوية؟
نتعامل مع العديد من القطاعات الحكومية منها وزارة الطيران المدني، حيث يوجد تنبؤات جوية خاصة بالمطارات، والوضع ذاته بالنسبة للمطارات الحربية، حيث نتعاون مع القوات المسلحة من خلال إمدادها بتصورات للحالة الجوية في الأوقات الخاصة بتدريباتها، ومع قطاعات السياحة الخاصة والحكومية.

*كيف يتم التعاون مع وزارة الطيران المدني؟
من خلال هيئة السلامة للطيران المدني وهي مؤسسة دولية نمدهم بالبيانات والتقارير التي تبرز طبيعة التغيرات الجوية الموجودة في مسارات رحلات الطيران ووضوح الرؤية والظواهر الجوية التي من الممكن حدوثها.


*ما وظيفة محطات الأرصاد الجوية؟
محطة الأرصاد الجوية ترصد ضغط واتجاه الرياح وسرعتها ونسبة الرطوبة، فالمحطة ترصد ما تراه ومركز التحاليل من خلال الصورة التي ترسلها المحطة يقوم بتحليل البيانات بالصورة المجردة وهذا النظام تقليدي، أما النظام الجديد يتمثل في تلقي البيانات على الحواسب، حيث توجد نماذج تقوم بتحليل مبدئي للخريطة ثم يقوم المتخصص بالتحليل الدقيق لها.

*ما الذي يحكم منظومة الأرصاد الجوية على مستوى دول العالم؟
الأرصاد الجوية تحكمها منظمة دولية لتصبح النتائج الفنية محكومة على مستوى العالم بشكل موحد، وهذا ما تقوم به المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

*ما آليات التعاون مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية؟
يتم إرسال البيانات التي يتم تلقيها من المحطات للمركز الرئيسي بالمنظمة والمنظمة بدورها بعد أن تتلقى جميع البيانات الخاصة بدول العالم تقوم بإعادة بثها بتفاصيل الأرصاد بالدول الأخرى، حيث يتم توقيعها على الخرائط ويتم تحليل البيانات الموجودة على الخرائط من قبل مركز التحاليل الجوية، ومن خلال تلك الخرائط تظهر مناطق الضغط المرتفع والمنخفض واتجاهات الرياح ودلالات عن سقوط أمطار أو الدخول في موجة حارة.

*ما حقيقة ما يثار حول أن الصيف القادم الأكثر حرارة؟
التنبؤات الخاصة بالفصول ليس لها أساس من الصحة أو دلالة علمية، وأن ما يشاع مثل "الصيف القادم أكثر حرارة" أو "الشتاء أكثر برودة" مجرد كلام ليس له أي أساس علمي وعارٍ تماما من الصحة، وما يمكن التنبؤ به هو الملامح التكرارية للفصول، وغالبا لا تختلف نتيجة التنبؤ، عن العام السابق له كثيرا، ويتم معرفة ملامح الفصول والمميزات الثابتة لكل فصل من الدراسات التي أجريت على فترة طويلة، نحو 50 عاما على مدار الأربعة فصول.

*وما أبرز المفاهيم الخاطئة نتيجة وجود شائعات في هذا الشأن؟
يقال إن درجة الحرارة في الظل أقل من درجة الحرارة في الشمس أو مختلفة عنها، وهي معلومات ليس لها أساس علمي وعارية من الصحة فمن البديهي أن التعرض المباشر لأشعة الشمس القوية لفترة طويلة دون غطاء للرأس أو واقِِ يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، وهذا ما لا يحدث عند الوقوف في الظل عند درجة الحرارة ذاتها، مما يعني أنه عندما يقال إن درجة الحرارة قاتله ستكون مجرد "افتكاسة" يتم تداولها، وذلك يشبه ما يحدث عند وضع الترمومتر في الشمس بشكل مباشر، حيث ستستمر ارتفاع درجة حرارته لما لا نهاية حتى ينفجر، فهو جسم مخصص للاحتواء الحراري.

*هل نسبة درجات الحرارة في الصيف لها علاقة بدرجات الحرارة المتوقعة في الشتاء؟
وجود صيف شديد الحرارة لا يعني شتاء شديد البرودة كما يعتقد البعض فهو كلام عارِِ من الصحة، ولتوظيف الموضوع علميا يتم التحقق من الدراسة المناخية على مدار الـ50 عاما، ثم نستخدم الإحصائيات في تلك البيانات.

*ما الإجراءات المتبعة عند رصد حالات شاذة في أحد الفصول المناخية؟
نقوم بعمل دراسة عن أسباب حدوثها وهل توجد ظروف طبيعية أو غير طبيعية.

*وما الملابسات التي يمكن أن تحدث نتيجة تدخل الظروف الطبيعية أو غير الطبيعية؟

على سبيل المثال كان هطول الأمطار في أحد الأماكن بمقدار 20 ملم، وفي السنة التالية رغم هطول النسبة ذاتها من الأمطار إلا أنها وقعت وفيات نتيجة ما اعتقده الإعلام من وجود سيول والسبب الحقيقي لحدوث تلك الكارثة كان يرجع لتغير ظروف معينة في المنطقة الجبلية التي حدثت بها تلك الكارثة فترجمة الكارثة دون الرجوع لهيئة الأرصاد خطأ فدور مركز التحليل عمل دراسة على المنطقة جغرافيا.


*كيف يتم عمل التنبؤ المناخي؟
يوجد مميزات ثابتة مثل تعرض الصيف لموجات حرارة عالية ورطوبة عالية تزيد من الشعور بدرجات الحرارة أو تعرض الشتاء لسقوط أمطار تؤدي إلى سيول من الممكن، حيث يتم تحديد الملامح التكرارية لكل فصل، كما يتم عمل دراسة عددية على الحاسب الآلي من خلال رسم موجة أو خط منحني لحالة الطقس على مدار عدة سنوات فنتوقع أن الصيف سيزيد درجة أو درجتين عن الماضي وهو ما يتماشى مع التنبؤ المناخي، وعلى سبيل المثال تكرار سقوط أمطار غزيرة في الخريف مرة واحدة أو مرتين يجعلنا نتوقع هطول نسبة مقاربة من الأمطار تقل أو تزيد.


*وماذا عن نظرية التغيرات المناخية؟
التغيرات المناخية تحولت إلى قضيةسياسية أكثر من كونها معالجة علمية، فالمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بتأثير الانبعاث الحراري على التغيرات المناخية والتي أبرزها اتفاقية باريس تحدد لكل دولة بنسبة معينة لا يتم تجاوزها من نسبة الانبعاثات الصادرة عنها، حيث تلزم الاتفاقية 195 دولة بالإبقاء على ارتفاع معدلات الحرارة عند مستوى 2 درجة، ومحاولة خفض هذا المستوى إلى 1.5، من شأنه أن يؤثر سلبيا على الدول الصناعية الكبرى التي يزيد نسبة انبعاثاتها عن النسبة المحددة، كما أن الوضع البيئي لم يتحسن حيث لا يوجد حلول علمية فعالة.

*ما هو الخلاف في تلك الاتفاقية؟
بعض الدول الصناعية الكبرى، الموقعة على معاهدة باريس للمناخ، تعمل على زيادة النسبة المحددة لها عن طريق شراء النسبة التي تحتاجها من دولة نظيفة لا تحتاج للنسبة المرخصة لها، وعلى سبيل المثال في حال تحديد 10% نسبة أمريكا من الانبعاثات، من الممكن أن تقف عائقا أمام التنمية الصناعية بها، في هذه الحالة من الممكن أن تلجأ إلى الاتفاق مع دولة أخرى لا تستخدم النسبة المحددة لها مثل فنلندا، وتقوم أمريكا بشراء النسبة التي تحتاجها لتستفيد فنلندا ماليا وتتوسع أمريكا في صناعاتها، وهذا ما جرى عليه الحال بين العديد من الدول.

*وهل ستتسبب التغيرات المناخية في غرق الإسكندرية كما تردد؟
أولًا نظريات التغير المناخية نظريات وليست حقائق مثل غرق الجبال الجليدية، والغازات المنبعثة لها تأثير حراري سلبي فيوجد تغيرات مناخية لكن لا أحد يعرف نسبتها أو طبيعتها ويتم عمل أبحاث علمية على مستوى العالم في هذا الشأن، وهيئة الأرصاد الجوية العالمية تجري أبحاثا وتشارك البيئة وجهات أخرى.
الجريدة الرسمية