رئيس التحرير
عصام كامل

قول كلام غير دة يا أستاذ (سيد علي)!


حيرتني الاتجاهات المُتضاربة والمتعاكسة خلف خلاف خليفة خلف الله اللي مش مُحامي للزميل الأستاذ (سيد علي) حتى اتهريت من الحيرة، وأصبحت مواظبًا على جلسات العلاج الطبيعي، وكذلك على إدمان أقراص وكبسولات "الأنتي هيرة" التي كتبها لي كبار الأطباء وصغارهم على حدٍ سواء، ده غير الدجالين، والعطَّارين، حتى الجناينية، وقريبًا قد اضطر للخضوع لعملية جراحية لاستئصال المرارة، لتلحق بما فقدت من أعضاء عزيزة في جسدي المسكين لعل وعسى يكون بنتيجة، والسبب في ذلك الأستاذ (سيد) ومواقفه!


ولأننا هنا في بوابة فيتو أسرة واحدة بالتأكيد، فطبيعي أن نتفق كثيرًا، ونختلف أيضًا، زينا زي أي أسرة في العالم، والمُهم إن الوِد لا يختفي لما نختلف، يعني لما أعمل العملية المذكورة التي أشرت لها في الفقرة السابقة، فأكيد سأظل في انتظار زيارة الأستاذ (سيد) لي في المستشفى لعيادتي ومعاه فاكهة أو شيكولاتة، علشان مليش أنا في شُغل الورد بصراحة لأن طعمه مبيعجبنيش!

والحكاية التي أرويها وأنا في فراش المرض، بعدما قرأت مقال الأستاذ (سيد علي) الأخير، وبجواري كومودينو الندم بسبب إقدامي على قراءة المقال، تتلخَّص باختصار في موقف الزميل الفاضل من موقع اسمه "المصريون"، وهو موقع إخواني إرهابي بامتياز، وقد تم غلقه ضمن ما أُغلِق من مواقع الفتنة والإثارة وبث الأخبار الكاذبة ذات الغرض الخبيث المدروس، لا الكاذبة حُبًا في الكذب والسلام، أو الكاذبة عن خيابة وقلة حيلة تحريرية أو مهنية، ورغم أنه لا يختلف اثنان على تصنيف الموقع المخفي، إلا أن الزميل الفاضل أكد في أول كلمتين في مقاله اللي اتحشر في زوري فلم تفلح أبدًا معه محاولات التقيؤ التي جابت كُل ما في معدتي وسابتها خاوية على عروشها طول نهار رمضان، تبكي ألمًا وقهرًا بسبب ما جرى عندما أكد الزميل الفاضل أن الموقع المخفي مستقل ووسطي ومعتدل، وبالتالي لما المقال يبدأ بهذه الطريقة، فطبيعي أن يكون باقي الجواب مُشابهًا لعنوانه المُضلل!

الأستاذ (سيد علي) هاجم أجهزة الدولة، ووصفها بالغبية، لأنها وضعت موقع "المصريون" ضمن قائمة المواقع الإرهابية، والحقيقة إن هذه الأجهزة تقدر تدافع عن نفسها، وعن اتهامها بالغباء، لكن الأستاذ (سيد) وله مني كُل الاحترام والتقدير واتنين كيلو شيكولاتة فوق الرُبع كيلو اللي هيجيبهولي لو جابه، انحرف للدفاع عن قضية خاسرة منتهية الصلاحية، مكشوف عنها غطاء المجرور وريحتها جايبة لآخر البلد، فلو كانت المُشكلة في الأجهزة الأمنية بشكل خاص، أو أجهزة الدولة بشكل عام، فما فيش أي مُشكلة في الأصل لأن حق النقد مكفول للجميع طبعًا، ومكفول للأستاذ (سيد) بشكل خاص جدًا ودقيق كمان لأنه لما بيزعل بيكون زعله وحش، بس السؤال للزميل الفاضل: هو حضرتك بتدخل على الإنترنت؟ يعني بتشوف الموقع وبتقرأ نوعيات أخباره؟ وبتفهم ما بين السطور؟ طيب بنفسك بتتابعه من إمتى بعيدًا وحياتك عن الدليل قالوا له؛ لأن ده بيخلي الكاتب كالشاهد اللي ما شافش حاجة؟!

طيب هل حضرتك ضميرك مرتاح وهادئ ومستكنيص وأنت بتوصف موقع مثل هذا بالوطنية والاعتدال والشجاعة والبطولة، وناقص تقول كمان إنه قدَّم شهداء من أجل معركة الوطن، وكان له السبق في تحرير سيناء، وطرد الهكسوس من مصر، وتوحيد القطرين؟!
يا عم (سيد) باشا الله يرضى عن حضرتك، الموقع إخواني قلبًا وقالبًا، ولا يُمكن أن يخيل على أي حَد بيفهم نُص فهم حركات انتقاده للإخوان ساعات دي خصوصًا لما كانوا في السُلطة، فهي حركات قارعة ـ لا مؤاخذة مش قصدي حاجة وربنا ـ لا تدخل على عيِّل صغير، زيها زي باقي الحركات الإخوانية القارعة ـ أقسم بالله ما أقصد حاجة تاني ـ مثل انشقاق (عصام سلطان) و(أبو العلا ماضي)، وتكوين حزب الوسط، الذي تحوَّل قبيل التمكين الإخوانى لحزب هز الوسط لصالح الإخوان، يعني باختصار تمثيلية لا تشبهها إلا تمثيلية انتقاد (عبد المنعم أبو الفتوح) للإخوان أحيانًا برضو، اللي هو شُغل كده وكده، علشان الشخص أو الكيان منهم يبقى عنده قال إيه بعض المصداقية لما ينتقد جهات أخرى، أو يركع ويسجد شاكرًا ومُهللًا ومُكبرًا باسم الإخوان كما جرت العادة الهباب، وهو بمنأى ـ في نظر البلهاء ـ عن شبهة الولاء والانتماء والسمع والطاعة لكيان إرهابي وضيع كان خلاص قرَّب يضيع يا (وديع)، والدُنيا تنضف بعد 30 يونيو تمامًا، لولا قبلات الحياة التي يمنحها له بعض المُتشدقين بالليبرالية والثورية والتراللي أقوالًا وأفعالًا وكتابات!

يا أستاذنا الفاضل، يا مَن تدعو لاحتضان الموقع، والعاملين فيه، واصفًا إياه بأنه ذا سَمَت إسلامي، والمُشكلة في بلدنا ـ على حَد قولك ـ أن أي شخصية عامة لها سمت إسلامي فهي إرهابية أو متطرفة حتى يثبت العكس، ودة طبعًا شبه حقيقي لأننا اتهرينا حرق من الشوربة لحد ما بقينا ننفخ في الزبادي والإخوان سوا رغم إنهم عكس بعض تمامًا، بس أرجوك تفضل فاكر ـ على مرَّ التاريخ ـ إن كُل اللي خلطوا الدين بالسياسة ـ بهذه الطريقة ـ كانوا أفَّاقين مُجرمين سفاحين، من أول (حسن الصبَّاح) ـ لو كُنت تعرفه ـ لحَد (حسن البنا)!

لكن السؤال وارجع لموضوع الحيرة ومُشكلتي الأساسية، هو حضرتك يساري ولا يميني ولا راديكالي ولا أهلاوي ولا زملكاوي ولا إسلامي ولا حزب وطني ولا إيه بالظبط يا أستاذ (علي)؟ أصل الأستاذ (علي) بتاع قبل ثورة يناير، ليس هو بتاع أثناء ثورة يناير، وليس هو بتاع أثناء ثورة يناير، وليس هو بتاع أثناء ثورة يناير، وعلى فكرة الشريط لم يسِف، وهذه ليست أخطاء مطبعية، لكن المُشكلة إن الموقف اتشقلب 180 درجة 2000 مرَّة أثناء ثورة يناير، فمنين نجيب ناس لمعناة الاتجاه يفهموه؟!

والمفروض يا سادة ـ كلامي في هذه الفقرة ليس للأستاذ (سيد) لأنه لا يهمه ولن يُثمِّنه ـ أن المشرحة لم تعد ناقصة قتلى من الأبرياء اللي بتروح أرواحهم بسبب الإرهاب الذي تشارك في صنعه مثل هذه المواقع، ولا ناقصة قتلى برضو بسبب المقاوحة والجدل و"اللغوشة" على كُل ما هو إرهابي تحت مُسميات ومع مقاوحات من عينة "دول ناس طيبين أنا عارفهم كويس" و"هُما كانوا عملوا إيه؟" و"هو فيه بالذمة كلمة بتقتل؟" آه والمصحف فيه كلام بيقتل يا عم (سيد)، زي كلام (القرضاوي) و(وجدي غنيم) و(البلتاجي) اللي أكيد أولهم في نظرك عالِم جليل، وثانيهم مُجاهد جميل، وثالثهم بيطلَّع بقاليل!

ونعود للأستاذ (سيد) وناهيك عما حدث بعدها، مواقف شمال ولا مؤاخذة، ومواقف يمين مُتطرفة برضو لا مؤاخذة، وشوية ضد هذا، وحبَّة مُضاد لدة، وكلام عن المهنية، ومقالات في المهلبية، وبرامج كُنافة بالسوداني، هو فيه إيه يا أستاذ (سيد)؟ إحنا مش هندوق بقى حاجة عليها القيمة ولا إيه؟ موقع إيه ده اللي تكتب مقال طويل عريض دفاعًا عنه، بينما هو يتسبب بسياسته التحريرية ـ الموجَّهة ـ في تخريب اقتصاد البلد، وأمنها، وقطع أرزاق المئات، وقتل العشرات في معارك ضد الإرهاب الذي يدعمه الموقع ومَن يقف خلفه سواء المسئولين عنه أو حتى المُدافعين عن منعه في مصر؟!

أستاذ (سيد علي)، لو لم يكُن أرشيف الموقع المخفي عند حضرتك، فسهل جدًا أي مُعد من اللي كانوا بيكتبولك برامجك يجيبهولك، لكن الأسهل إن الشخص يذاكر لنفسه قبل ما يدخُل الامتحان ويقرر يكتب مقال سيقرأه الملايين، ويتحسَّروا على حال مثقفينا وإعلاميينا عندما يتحوَّل الواحد منهم للدفاع الصريح عن الإرهاب، سواء وهو عارف إنه إرهاب وهذه جريمة، أو وهو جاهل بكونه إرهاب والمصيبة هنا أنقح، يا أستاذ (سيد)، كتابة المقال زي الامتحان، والقارئ ـ زي حضرتي ـ ليس غبيًا ولا مُغيبًا إلى هذه الدرجة علشان يصدَّق هذه الادعاءات، واللي مُمكن بُناءً عليها بكرة نلاقي سيادتك بتقول لنا إن (مرسي) رئيس شرعي، وإن الإخوان جماعة مُسالمة، وإن ثورة يونيو قام بيها عساكر أمن مركزى ومُجندي جيش لابسين أزياء مدنية لرجال ونساء وأطفال رُضَّع، بينما الشعب كان نايم في البيت، أو بيدعي للإخوان إن ربنا ينصرهم، أو موجود كُله في رابعة بيصلي في رُكن الحريم ورا المُرشد وهو لابس النقاب، فأرجوك تتقبَّل عتاب زميل مُحب مستني منك علبة الشيكولاتة لما تيجي تزوره في المستشفى، لو عاش وكان له عُمر بعد قراءة مقالك المُقبل!

يا أستاذ (سيد).. عارف إني طوِّلت عليك، وجايز أكون زهقتك، مش مُشكلة، أهو نرُد لسيادتك بعض الأفضال، لكن أخيرًا مش إنجاز أبدًا إنك توصل للجنة الامتحان أول واحد، وتكتب اسمك على الورقة قبل كُل زمايلك، وبعدين تملاها إجابات غلط، الإنجاز الحقيقي إنك تكتب في الورقة أجوبة صحيحة، مش تلوم المُصححين إنهم تجاهلوا صحيانك بدري، ووصولك للجنة قبل باقي الدُفعة، وتطالبهم بمنحك درجات لأنك كتبت اسمك صح، مكنش حَد غلب يا فندم!
الجريدة الرسمية