رئيس التحرير
عصام كامل

أنت حبيبي يا ربنا


نصيحة مني لك ونحن في شهر رمضان الكريم، لا تظن أن الأدعية التي تتجه بها إلى الله رب العالمين يجب أن تكون سابقة التجهيز، أو أنها يجب أن تكون بليغة فصيحة، ولا تظن أن الأدعية التي تبدأ فيها بقولك مثلا: "اللهم يا مالك الملكوت يا كريم يا رحيم افعل كذا وكذا" أو قولك مثلا: "اللهم إنا نسألك في يومنا هذا في بلدنا هذا أن تفعل كذا وكذا" لا تظن أن هذا النمط من الأدعية هو الذي يتقبله الله من عباده، وإنما الدعاء- لأنه من عبادات القلوب- يجب أن يكون صادقًا بسيطًا، خاطب الله وابتهل له باللغة التي تريدها وبالكيفية التي تستريح لها..


استخدم المفردات التي تخرج من قلبك قبل أن تخرج من لسانك، خاطبه بلغتك الفصحى، أو بلهجتك العامية أو الريفية، أو الصعيدية، أو السيناوية، أو البورسعيدية، أو الإسكندرانية، أو خاطبه حتى بالإشارة، المهم في هذا كله أن تكون صادقا في الدعاء مخلصا في الابتهال، ادع الله لأنك تحبه وكن على يقين أنه يحبك، ولو لم يحبك ما خلقك لتكون خليفة في الأرض، ولأنه يحبك جعلك حرا في عبادته لتذهب له من باب الحب لا من باب الخوف، فاذهب إليه لأنك تحبه، ولا تذهب إليه مرغما، ما قيمة أن تعبد الله لأنك تخافه وتخشى ناره! الخوف ليس عبادة، الخوف رهبة ووجل وفزع، فهل يفزع المحب من حبيبه! فإذا كبك في النار فهل ستنتقم منه وتبغضه!

وحين تعبد الله من أجل الجنة فأنت تعبد الجنة، فإذا وهبك الجنة فهل ستتوقف عن عبادته! الحب الذي له سبب يزول بزوال السبب.
خاطبه بعفوية ولا تتصنع فالتصنع هو بضاعة العقول لا القلوب، قل له بعفويتك: "أنا في مشكلة يارب وأنا بلجأ ليك لأنك ربي وماليش رب سواك، أنا في جاهك يا رب، علشان خاطر النبي حبيبك يا رب" لا تتردد وأنت تخاطب الله، ولا تمسك بيدك جدولا أو "كتالوجا"، ولكن المهم أن تكون صادقًا في الدعاء وأن تدعو بخير..

واحذر أن تدعو على أحدٍ من الناس بِشَر مهما كان ومهما فعل بك، ولكن ادع له بالهداية، لا تظن أن الله شُرطي مهمته أن يستجيب لأوامرك، كيف تتصور الله؟ سبحانه وتعالى عما يصفون وعما يعتقدون، بعضهم يظن أن الله سبحانه هو "آلة علوية وقوة مهيمنة" مخصصة لمصلحة عبادٍ بأعينهم، بحيث يُدْخِل الواحد منهم الدعاء بالشر وبالتخلص من خصومه من ناحية، فتخرج الإجابة من الناحية الثانية، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، هو الودود الرحيم، كم أنت جميل يا الله، أنت حبيبي يا ربنا.
الجريدة الرسمية