رئيس التحرير
عصام كامل

د. حسين خيرى نقيب الأطباء: لم أتزوج حتى الآن لهذا السبب.. والطبيب لايجب أن يكون «جزارًا»

فيتو



  • >> خدمة الناس.. نعمة من الله
  • >> مهنتنا ليست وسيلة لتكوين الثروات.. ووالدى غرس فىَّ حب خدمة المرض


طبيب الغلابة.. أينشتين الطب.. راهب قصر العينى والأب الروحى لطلاب قصر العيني، لا يختلف اثنان على محبته، الجميع يقدره ويكن له كل الاحترام، سخر حياته لخدمة قصر العينى والمرضى والطلاب.. إنه الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء والعميد السابق لكلية طب قصر العيني، الذي يقدم نموذجا يحتذى به عن مهنة الطب ودور الطبيب في خدمة مجتمعه. كما يضرب مثلا رائعا في العطاء والتفانى في خدمة من يعرف ومن لايعرف دون أن ينتظر جزاء أو شكورًا.

في بداية اللقاء معه بمكتبه بدار الحكمة رفض خيرى الجلوس على مقعد النقيب في المكتب الخاص به وجلس على كرسى آخر، مؤكدا أنه عندما تولى عمادة كلية الطب بقصر العينى لم يجلس نهائيا على كرسى العميد، وكذلك لحين انتهاء مدة تولى مسئوليته نقيبا للأطباء لمدة 4 سنوات لم يجلس على مقعد النقيب، ولكنه يتابع أعماله من داخل المكتب المفتوح للجميع.

في حوار إنسانى عن شخصية الدكتور حسين خيرى وكيف حصل على حب الناس ولماذا لم يسافر للعمل بالخارج أو يفتح عيادة خاصة به أو يعطى دروسا خصوصية لطلاب كلية الطب لكسب المزيد من الأموال وتكوين ثروات طائلة، وكيف كان قدوة لجميع شباب الأطباء.. وإلى نص الحوار:


> ما الذي أسهم في نشأة الدكتور حسين خيرى وسبب دخولك كلية الطب ؟
والدى كان طبيبا جراحا يعمل رئيسا لقسم الجراحة في قصر العينى وعمل على إرساء حب المهنة لدى أنا وأختى وكذلك والدتى التي تعمل أستاذ أمراض الباطنة وأختى مدرس أمراض نفسية بكلية الطب، فنشأت في عائلة تحب الطب وقصر العينى وتشبعت بها وكان والدى يكرس كل وقته لقصر العينى ونقل لى حب المكان والمهنة.

> وما سر حب الشباب في قصر العينى لك حيث يعتبرونك الأب الروحى لهم ؟
لا أعرف سبب ذلك وأعتقد أن الشباب يشعرون بأن من يحاول أن يوجد معهم لفترات طويلة وهدفه مصلحتهم وجعلهم الأفضل دائما يبادلونه الود ذاته وكل ذلك توفيق من ربنا، وإذا أراد الله من إنسان أن يعطى الكثير يرجع له ذلك من خلال حب الناس والتعامل معهم وهى أكبر نعمة ربنا منحها لى وأسعى دائما للحفاظ على ذلك وأخشى عليه لأن الإنسان إذا قدر له أن يكون نافعا لغيره فهى نعمة كبرى يمتعه الله بها وعليه أن يحافظ عليها.

> وكيف كانت المرحلة العمرية للدكتور حسين خيرى في الثانوية ؟
كنت متفوقا منذ الصغر وكنت من أوائل الثانوية العامة، وكنت حريصا طوال حياتى على عدم الحصول على دروس خصوصية وكنت أحضر المحاضرات من أول اليوم إلى نهايته أيا كان نوعية ما يدرس لنا، وكنت دائما أريد أن أثبت أن أبناء الأساتذة متفوقون وملتزمون عن مجهود، وكنت أحب أن أكون متفوقا وفى مرحلة الشباب أغلب الشباب كان يظن أنه يريد أن ينفصل عن والديه ويكون مستقلا في التكوين إلا أننا بعدما نكبر نتأكد أن لهم فضلًا كبيرًا على أبنائهم.

> ولماذا لم تسع إلى تكوين ثروة مالية أو زيادة مصادر دخلك مثل عدد من أساتذة الكليات ؟
الدروس الخصوصية مخالفة للقانون وعلى الطلاب الالتزام في الكلية وعلى أستاذ الجامعة الإخلاص والتفانى في العمل وتحسين مستويات التدريس، وأنا أرى أن رفع مستوى التدريس هو السهل الممتنع لمنع وجود دروس خصوصية، ولم يخطر في عقلى يوما إعطاء دروس خصوصية لطلابي، خاصة أن مشهد الطلاب يشاركون في المحاضرات وازدحام المدرجات يثير إعجابى وعندما كنت طالبا بعض الأساتذة تزدحم مدرجاتهم للغاية بالطلاب، وكذلك “سكاشن “العملى فكنت أرغب دائمًا في تقليد ذلك وحلمى أن أدرس للطلبة ويستفيدوا مما أدرسه لهم ولم أرغب نهائيًا في أخذ الغياب مطلقًا خلال محاضراتى لمنع إجبار الطلاب على الحضور.

فهدف التدريس ليس الامتحان فقط بل تخريج دفعات من الأطباء ممارسين للمهنة على مستوى عالٍ من التعليم يعود بالإيجاب على المريض؛ لأن نظام التعليم المعتمد على الحفظ والامتحانات ينتج عنه طبيب يجد صعوبة في ممارسة الطب ويحتاج لإعادة تدريب.

> لماذا لا تمتلك عيادة خاصة حتى الآن ؟
طوال الوقت أسعى لرفع شأن المستشفى الذي أعمل به وهــو قصر العينى ولا أفضل أن يكون لى عمل خارجى أو عمل خاص وكانت لدى عيادة والدى –رحمة الله عليه- ولكن لم أذهب إليها كثيرا، وذلك لأن حصول المريض على الخدمة الطبية على أكمل وجه داخل مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية وخدمة مرضية أمر يسعدنى وكنت أعمل عليه وكل ذلك توفيق من ربنا ولا يوجد شيء ينسب لى.

كما أن الطلبة بكلية طب قصر العينى هم محور عملى وهدفى الدائم وطالما أراد الله عز وجل لى وقدر لى أن أكون طبيبا وجب على أن أعمل جاهدا لتقديم خدمة بمستوى عال للمترددين على المستشفى، لذا يجب على كل فرد يعمل يسلم نفسه لعمله إذا عاد لمنزله خير وإن لم يعد فيعتبر ذلك أمرا طبيعيا، إضافة إلى عدم ارتباط العمل بوقت محدد بل بانتهاء العمل خاصة في مجالنا في الطب والتعليم والتدريب ليس لهم نهاية.

> وما مدى تقييمك لمستوى الخدمة الطبية المقدمة سواء في قصر العينى أو جميع المستشفيات ؟
قصر العينى يقدم خدمة صحية جيدة وعليه عبء كبير ويستقبل فئات كثيرة وتجرى به العمليات في تخصصات دقيقة وتكلفة طرق العلاج بمختلف الأقسام لو في أي مكان خارج قصر العينى لا تكلفة كبيرة جدا ولا يتم رفض أي مريض يدخل قصر العينى لأن المستشفى ملك للمواطنين يستقبل أعدادا ضخمة لذلك قوائم الانتظار مرتفعة، وأشعر بسعادة عندما يتم علاج أي مريض دون أن يدفع أي نفقات أو رموز بسيطة لا تذكر.

> ولكن بعض المرضى يرون الطبيب في صورة جزار فقط يحصل منهم على أموال باهظة لتكوين ثروات واختفاء الطبيب الإنسان.. ما تعليقك على ذلك ؟
الطبيب الإنسان ما زال موجودا ولا أدافع عن الجميع، ولكن يوجد كثيرون يتسمون بالصفات الإنسانية والطب عمره ما كان مهنة تكوين ثروات مثلما يعتقد الجميع بالعكس يوجد أطباء مع ظروف المهنة وظروفهم المالية صعبة للغاية بسبب تدنى الرواتب التي يحصلون عليها، وإذا كان يوجد بعض الأطباء لديهم ثروة مالية فهم أقلية تعد على الأصابع.

> عبارة «الطب مهنة سامية» تحولت إلى سخرية من البعض مؤخرا.. كيف يتم تغيير ذلك المفهوم ؟
بالتأكيد مهنة الطب مهنة إنسانية وسامية، وأتمنى أن الفترة القادمة تشهد طفرة في مستوى الأداء الطبي، وترجع المهنة لمكانتها الطبيعية وهو أمر طبيعي، وكل ما في الحياة يشهد فترات ازدهار والعكس ويعود بعد ذلك.

> وأيهما أفضل برأيك العمل النقابى أم التدريس بين شباب كلية الطب وأيهما أحب إلى قلبك؟
أحاول التوفيق بين العمل بالكلية والنقابة ولا أحب التقصير في شيء ولكن أحتفظ بالإجابة عن السؤال بعد انتهاء فترة تولى مسئولية النقابة.

> وماذا تتمنى لمستقبل الأطباء في مصر ؟
أتمنى أن يجد الأطباء بعد تخرجهم فرصًا حقيقية للتعليم؛ لأن لديهم أحلامًا كثيرة وقدرات كبيرة وإذا أتيحت لهم الظروف الملائمة يتميزون، ولدينا كل عام في شهر مارس 10 آلاف خريج سنويا، وكل منهم لديه أحلام يتمنى أن يصبح عالمًا ونابغًا في تخصصه وعلينا توفير تلك الفرص لهم.

> وهل كنت راضيا عن أدائك خلال فترة عمادة طب قصر العينى ؟
راض عما قدمته وكان نفسى أقدم أكثر وكنت أول عميد منتخب من 20 سنة وضميرى مرتاح.

> ولماذا لم تسافر للعمل بالخارج ؟
أنا سافرت فترة للتعليم ولكن لدى شغفى بالإقامة في مصر وقصر العيني، وأحب التحديات والصعوبات وأبذل كل جهدى لخدمة المرضى في مصر.

> وبماذا تنصح شباب الخريجين ؟
الوجود في مكان العمل والمثابرة وعدم التوقعات المرتفعة وحماية نفسه منها حتى لا يصاب بالإحباط والشعور بالمسئولية وتطوير أنفسهم باستمرار.

> هناك من يصفونك بــ”راهب قصر العيني”.. هل عدم زواجك سبب في كل ما وصلت إليه الآن؟
ابتسم قائلا: أنا بعتبر كل طلبة قصر العينى وكل الأطباء ولادى ومبسوط وراض الحمدلله”.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية