رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

اتكلم يا سيسي


الجدل حول جزيرتي تيران وصنافير سوف يستمر طويلًا، القضية حسمها القضاء، وقال البرلمان فيها كلمته، وها هي تستقر في الاتحادية ليفصل فيها الرئيس، بعيدًا عن هذا الجدل.. فقد تعلمنا أن للتاريخ خانات، وكل منا عليه أن يتحسس قبل أن يضع اسمه في الخانة التي يختارها لأن التاريخ لن يرحم، تتوارى الأشخاص ثم تختفى ويظل التاريخ يتدارسه الأجيال.


وبعيدًا أيضًا عن التخوين من هنا وهناك.. لم أجد حتمية في التعجيل بمناقشة هذه القضية أو حسمها في الوقت الحالى، ففى مصر غليان من الداخل.. بسبب غلاء الأسعار، وغليان على الحدود بسبب الإرهاب، ولا أعتقد أن المملكة العربية السعودية بمنأى عن ذلك، شأنها شأن كل الدول العربية.

فماذا لو تأجل حسم القضية عاما أو عامين لحين استقرار المنطقة؟! يقينى أن الذين أشاروا بحسم القضية في هذا التوقيت.. لم يحسبوها جيدًا، حتى طريقة التعاطي مع القضية ومناقشتها وطريقة إخراجها فيها تعالٍ وعجرفة، ليس فقط من البرلمان والإعلام الذي يؤكد سعودية الجزيرتين، ولكن من بعض الشخصيات التي لم يجبرها أحد على الظهور وزجت بنفسها متطوعة لتقول كلمتها، واتضح فيما بعد أن ما قالوه الآن يتنافى مع ما قالوه من قبل، يستوى في ذلك مفيد شهاب وفاروق الباز وأحمد شفيق وهم الذين زادوا الطين بلة.

كان هناك العديد من السيناريوهات التي تنأى بنا عن "التطبيل والتقليل" أو توزيع صكوك الوطنية أو التخوين، فمصر لم تعد تحتمل تظاهرة واحدة يندس فيها أعداء الوطن، وحتى لو أحكمت الداخلية قبضتها اليوم على عشرات دعوا للتظاهر فلن نضمن ماذا يحدث غدًا، التعاطي مع هذا الملف لا يختلف كثيرًا عن التعاطي مع ملف استرداد أملاك الدولة، فطريقة الإخراج واحدة، فلم تكن هناك أمانة على شعبية الرئيس في الملفين، حيث وجدنا أنفسنا أمام مباراة بين المحافظين في تجريف الشجر والحجر ولم توقف آلة الهدم بكاء أسرة أنفقت ما لديها في بناء منزل ولا أخرى هربت من الوادى الضيق إلى الصحراء لتستزرع بضعة فدادين بعد أن حصلت على موافقات من الجهات المعنية ولا مبنى ضخم طلب صاحبه الإبقاء عليه والتبرع به لصندوق تحيا مصر..

بالتأكيد الرئيس لم ترق له هذه الطريقة في هدم كل شىء بل إنه سبق وطالب بتفعيل روح القانون في واقعة لم يمض عليها أكثر من شهر، فعلى الهواء مباشرة رفض الرئيس طريقة التعامل مع فتاتي مصر الجديدة اللتين نصبتا كشكًا لبيع الأطعمة الخفيفة هربًا من طابور البطالة، قالها الرئيس لوزير الداخلية على مرأى ومسمع من الجميع.. التعامل كان من الممكن أن يكون بطريقة أخرى، وتحدث الرئيس في نفس اللقاء عن الأسلوب الذي تم التعامل به في هدم كافيهات مصر الجديدة، وكان واضحًا أنه لم يكن راضيًا عن ملايين الجنيهات التي أنفقت على هذه الكافيهات وتساوت مع الأرض، الرئيس أيضًا تحدث عن التجاوزات التي طالت البسطاء أثناء استرداد أملاك الدولة، فهدأ من روع البعض.

لذلك وجب على الرئيس أن يخرج إلى الناس ويتحدث عن ملف جزيرتى تيران وصنافير وبكل شفافية حتى لو كان في الشفافية مرارة؛ لأنه لم يعد خافيًا على أحد أن تفاصيل كثيرة في المنطقة لا يعلمها الشعب ويسيء عرضها المحيطون بصناع القرار، وللأسف.. لم يعد أغلب المواطنين يثقون لا في البرلمان ولا في الإعلام، فقط.. يثقون في كلمة يقولها الرئيس، والمواطن الذي تحمل أعباء غلاء الأسعار وتمديد فترة انتظار الرخاء حبًا في السيسي.. لابد أنه ينتظر منه كلمة تشعره بالأمان وبأن كل الأرض المصرية حرام على غير المصريين.
basher__hassan@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية