رئيس التحرير
عصام كامل

«الأونكتاد»: مصر تعزز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أفريقيا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكد تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" عن الاستثمار العالمي الصادر في أوائل يونيو الجاري، "World Investment Report 2017"، أن قوة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى مصر خلال عام 2016، حدّت بدرجة كبيرة من تراجع الاستثمارات الوافدة إلى القارة الأفريقية، والذي اقتصر على 3% ليبلغ إجماليها 59 مليار دولار. 

وساعد ذلك على ارتفاع التدفقات إلى منطقة شمال أفريقيا بنسبة 11% مدفوعة بالإصلاحات في مجال الاستثمارات الأجنبية واستكشافات الغاز الطبيعى، حيث بلغ حجم التدفقات الواردة إلى مصر خلال عام 2016 نحو 8.1 مليار دولار بزيادة نسبتها 17% والتي عززها الكشف عن حقول الغاز الطبيعي في الصحراء الغربية، مما فاق أثر الانخفاض الحاد في الاستثمارات الوافدة إلى دولة المغرب بنسبة 29% لتبلغ 2.3 مليار دولار.

أما في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، فقد أسفر انخفاض أسعار السلع الأولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية بها مما أدى إلى إعراض المستثمرين إلى حد كبير.

وظلت أنجولا الدولة الأكثر جذبًا للاستثمارات على مستوى القارة رغم تراجع نصيبها بنحو 11.2% إلى 14.4 مليار دولار، وسجلت الاستثمارات الوافدة إلى نيجيريا وجنوب أفريقيا ارتفاعًا رغم أنها ظلت أدنى من متوسطاتها التاريخية.

وبالنسبة للاستثمارات إلى خارج القارة، فقد استقرت عند نفس مستواها البالغ 18 مليار دولار خلال عام 2015، حيث أدى ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى خارج أنجولا إلى تحييد أثر انخفاضها من نيجيريا وجنوب أفريقيا.

ويتوقع التقرير تصاعد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أفريقيا بواقع 10% خلال عام 2017، لتبلغ 65 مليار دولار تقريبًا وخاصة في قطاع البترول في ظل زيادة أسعاره العالمية، والتي قد تساعد على استقرار الإنفاق الرأسمالي في الدول الأفريقية التي يعتمد اقتصادها على البترول، وفى حالة استمرار المستوى المنخفض لأسعار السلع الأولية، فسيترتب على ذلك زيادة الحاجة إلى الاستثمارات غير البترولية.

وأضاف أن الاستثمارات الواردة لتأسيس شركات جديدة أو زيادة رءوس أموالها "Greenfield investments" تصاعدت بالفعل خلال عام 2016 وتركزت في مجال الاستثمارات العقارية، يليه على الترتيب الغاز الطبيعى، ثم البنية الأساسية، والطاقة المتجددة، والكيماويات، وصناعة السيارات، ومن المرجح أن تكون الصين والإمارات العربية المتحدة هما المصدر الرئيسي لمعظم الاستثمارات الوافدة خلال العام الحالي وأن يتم توجيهها إلى مجال البنية الأساسية وخدمات قطاع الأعمال.

أما على الصعيد العالمى فيتوقع التقرير زيادة تدفقات الاستثمار العالمي الأجنبي المباشر خلال عام 2017 بنسبة 5% لتصل إلى نحو 1.8 تريليون دولار، مع زيادة احتمالات ارتفاع معدل النمو الاقتصادي في معظم الأقاليم الاقتصادية الرئيسية، وعودة التجارة العالمية إلى النمو، وانتعاش أرباح الشركات.

وتوقع التقرير استمرار الزيادة المتواضعة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2018، ليصل إجماليها إلى 1.85 تريليون دولار، إلا أنها ستظل دون مستوى الذروة القياسي الذي بلغته في عام 2007 ومقداره 1.9 تريليون دولار.

وفي هذا السياق، أبدى الأمين العام للأونكتاد تفاؤلًا مشوبًا بالحذر، معلقًا بأن "الطريق إلى تحقيق التعافى الكامل للاستثمار الأجنبى المباشر ما زال محفوفًا بالصعوبات"، فعلى الرغم من توقع حدوث زيادة متواضعة في هذه التدفقات عام 2017، إلا أن نطاق هذا التعافي يتأثر ببعض العوامل المعوقة، مثل تصاعد المخاطر الجغرافية وحالة عدم اليقين السياسي، والسياسات الضريبية عبر الحدود.

جدير بالذكر أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على الصعيد العالمي سجلت تراجعًا طفيفًا بنسبة 2% عام 2016 لتصل إلى 1.75 تريليون دولار، نتيجة لضعف نمو الاقتصاد العالمي وتأثره بالمخاطر السياسية، واحتفظت الولايات المتحدة عام 2016 بمركز الصدارة كأكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي، وتلتها المملكة المتحدة، بينما جاءت الصين في المركز الثالث.

وأشار التقرير إلى أن الاستثمار الصيني في الخارج يمر بمرحلة نمو سريع مسجلًا زيادة بنحو 44% في عام 2016 ليصل إلى 183 مليار دولار.

واحتلت الصين مركز الصدارة كـأكبر مستثمر في البلدان الـ 49 الأقل نموًا، حيث يصل حجم استثماراتها إلى ما يزيد عن ثلاثة أضعاف استثمارات فرنسا التي تليها في القائمة.

وذكر مدير الاستثمار والمشاريع في الأونكتاد، أنه على الرغم من هذا النمو السريع، فمازال الاستثمار الصينى يواجه الإجراءات التجارية الحمائية وغيرها من التحديات الأخرى.

وترجح "الأونكتاد" أن تصبح الصين هي المصدر الرئيسى لتدفقات الاستثمار الأجنبى خلال العام الحالى تليها على الترتيب الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وأن تعاود كل من إيطاليا واليابان وإسبانيا الصعود إلى مراكز أكثر تقدمًا.

وعلى مستوى الاقتصادات الناشئة، فمن المتوقع أن يتحسن ترتيب كل من الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا وتركيا، أما الوجهة الرئيسية لتلك التدفقات فمن المرجح أن تكون هي الولايات المتحدة الأمريكية، تليها الصين ثم الهند.

وأشار التقرير إلى ثقة الشركات العالمية متعددة الجنسيات في أداء الاقتصادات النامية بآسيا وخاصة إندونيسيا وتايلاند والفلبين وفيتنام وسنغافورة.

وتوقع التقرير تصاعد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية بنحو 10% خلال العام الحالى، مع زيادتها بصورة حادة في الاقتصادات النامية بآسيا نظرًا لأن تحسن النظرة المستقبلية لمعظم الاقتصادات الرئيسية بها من شأنه تعزيز ثقة المستثمرين، وكذلك في أفريقيا مدعومة بالزيادة المحدودة للاستثمارات في قطاع البترول وبتزايد التكامل الإقليمى.

وعلى العكس من ذلك، من المتوقع أن تتأثر الاستثمارات الوافدة إلى أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبى سلبًا بحالة عدم التيقن على صعيد الاقتصاد الكلى والأوضاع السياسية.

ويذكر أن الاستثمارات الموجهة إلى الاقتصادات النامية انخفضت بنحو 14% خلال العام الماضي لتقتصر على 646 مليار دولار، عِلمًا بأن الاستثمار الأجنبي المباشر هو المصدر الرئيسي للتمويل بها (مقارنة باستثمارات المحفظة المالية وتحويلات العاملين بالخارج، ومعونات التنمية الرسمية).

أما في الاقتصادات المتقدمة، فقد توقع التقرير استقرار هذه الاستثمارات خلال العام الحالى، بعد تزايدها خلال العام الماضى بنسبة 5% لتبلغ نحو 1 تريليون دولار مستحوذة بذلك على 59% من الاستثمار الأجنبي المباشر على الصعيد العالمى، نتيجة لارتفاعها بدرجة محدودة في أمريكا الشمالية وبدرجة كبيرة في الاقتصادات المتقدمة الأخرى، على الرغم من انخفاضها في أوروبا.

وفيما يخص الإصلاحات في مجال الاستثمار، فيرى التقرير أن النسبة الأكبر منها (79%) استهدفت تحرير الاستثمارات وتعزيزها وتيسيرها، وجاء معظمها من جانب الاقتصادات النامية بآسيا بهدف تسهيل دخول الاستثمارات إلى عدد من الصناعات.

كما عملت العديد من الدول على تبسيط إجراءات تسجيل الاستثمار وتقديم حوافز استثمارية، والاتجاه إلى الخصخصة، أما النسبة المتبقية من هذه الإجراءات (21%) فقد استهدفت فرض قيود أو تنظيمات جديدة على الاستثمارات، بدافع التخوف من ملكية الأجانب للصناعات الإستراتيجية، أو بغرض حماية الأمن القومى، أو الحفاظ على تنافسية المنتجات المحلية.

ويرى الأمين العام للأونكتاد أن "الاتجاه إلى تبني سياسات جاذبة للاستثمار لابد أن يقترن بالعمل على ضمان شمولية واستدامة هذه السياسات".
الجريدة الرسمية