وماذا بعد؟

يصعب على المرء أن يفقد شيئا يريده طوال الوقت سواء الهاتف أو حتى مجرد النظارة التي يرى بها الأشياء جيدًا ولكن اختلف الوضع كثيرًا حاليًا، فنحن حاليًا جميعًا فقدنا شيئًا ربما لا يستطيع أي شيء مهما كان غاليًا أو مهمًا أن يعوضنا عنه، وهو الوطن، نعم، فقدنا جميعًا الوطن.

الوطن الذي منذ حداثة عمرنا وهم يخبروننا بأننا من المهم أن نحافظ عليه وألا نتركه يضيع من أيدينا، وكانوا يبثون تلك الأفكار بتلك الحواديت والمسلسلات والأعمال الدرامية التي تجسد أمجاد عام ١٩٧٣ والطريق للنصر حتى استرد الوطن من أيدي الغزاة الطامعين في الوطن.

ولكن الآن أصبح الوضع مختلفًا ربما كثيرًا، وهذا ما يجعلني أنا وكثيرين نشعر بأننا قد فقدنا الوطن وهو الأهم من كل شيء، أصبح الوضع الآن أنهم يحاولون أن يبثوا في أرواحنا أنك عندما تعطي قطعة من أرضك التي سال عليها دم أحد أقاربك ليس إلا إرجاعًا للحق، فالوضع اختلف من أنك كنت تحارب كي تستعيد أرضك ليتحول لأنك أنت المغتصب الذي سرق أرض غيره!

على الرغم من أن بلدي مصر، ونحن من حاربنا لتتحرر كل حبة رمل منه وليس لسرقتها كما يدعي بعض السياسيين والبعض من وسائل الإعلام، كيف سنقول لأولادنا أن من حاربوا من أجل إرجاع بلادهم بعد النكسة ورفعوا علم بلادهم على الأرض، تبدل بهم الحال حاليًا وهم من يريدون إنزال العلم ورفع علم دولة أخرى! ستنصف تلك النكتة الماسخة تحت تصنيف الخيال العلمي، والذي لا يمكن أن يحدث حتى في مجلة ميكي!

الأرض من العرض وليس مقبولًا بأي شكل من الأشكال التخلي عنها، فليس من السهل بعدما دفع الكثير من الأبرياء دمهم ثمنًا لها يأتي أي مسئول ليبيعها وكأن شيء لم يكن، الأرض باقية مدى الدهر ولكن لا بد أن يتذكر كل من مضى بأن المناصب أو الكراسي زائلة.
Twitter.com/PaulaWagih