رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «سيمون أرزت» أقدم مول بمصر يتحول إلى «خرابة» «تقرير»

فيتو

رغم أنه يقع في أهم منطقة بمحافظة بورسعيد وهي المنطقة المطلة على الممر الملاحي لقناة السويس، ويعتبر أول مول بالشكل المتعارف عليه في مصر بأكملها، إلا أنه تحول إلى "خرابة مغلقة" منذ عشرات السنوات ممنوع فتحها أو التفكير للدخول إليها للتعرف على تاريخها.. إنه مبني " سيمون أرزت ".


تم بناؤه أوائل القرن الماضى، ولا يوجد تصميم هندسى مثله في عصرنا الحالي إلا في نابولى، وقد تم إنشاؤه في بورسعيد ليكون متجرا للبضائع والتبغ وذلك للصيادين والبحارة الأجانب الذين يعبرون على متن السفن من خلال الممر الملاحي لقناة السويس.

انتقلت " فيتو" إلى موقع " سيمون أرزت "، وتبين أنه مغلق منذ عشرات السنوات، والأتربة والغبار تكسو أركانه من الداخل ويظهر ذلك على نوافذه الزجاجية، ليتحول بمرور الزمن إلى مكان مهجور مغلق، ولا يظهر منه من الخارج سوى لافتة كبري على واجهته تحمل اسم صاحب المتجر "سيمون أرزت".

مؤسس المكان
صاحب المتجر هو سيمون ارزت، وهو مزارع تبغ تركى يهودي الديانة، وصل لبورسعيد عام 1869، وهو نفس عام افتتاح قناة السويس، وقد اتى ليستثمر أمواله في مصر، فافتتح مصانع للتبغ في القاهره والإسكندرية من عام 1907 إلى 1913، كما كان يصنع سجائر خاصة به، وكان هناك نوع سجائر باسمه كماركة سجائر هامة في ذلك الوقت.

الانتقال لبورسعيد
وبعد أن ذاع صيته في القاهرة والإسكندرية، بدأ "سيمون أرزت" رحلته مع محافظة بورسعيد وانتقل إليها، ولكنه أنشأ ذلك المحل الكبير والذي يعتبر أول مول على الطراز المتعارف عليه أمام الممر الملاحي لقناة السويس عام 1923، وحمل اسمه " سيمون أرزت".

وعقب ذلك توسع " أرزت " في نشاط المتجر الكبير وأصبح واحدة من أكبر المتاجر في عصره ونقطة جذب على مستوى العالم.، فلم يعد يبع التبغ فقط، بل كان يبع كل شئ بداية من الطربوش والملابس الجاهزة، ومستحضرات التجميل والشامبوهات والأحذية، وذلك ليسد حاجات السفن التي تعبر القناة، وكانت البضائع مستوردة من مالطا والصين، والفضة من دمشق، بجانب المطرزات والملابس المصرية والهندية.

كما كان ملحقا في المتجر الضخم ستوديو تصوير وصيدلية ومحل تصفيف الشعر، وحتى مكتب بريد، أي كان يعتبر أول مول متكامل ينشأ بذلك الشكل الحضارى.

الزي الموحد

وعندما ذاع صيت المتجر وأصبح رواده من كل الجنسيات والسفن ترسو خصيصا ليذهب البحارة إليه، قرر مالك المتجر أن يجعل هناك زيا موحدا لونه " أبيض في أحمر " لكل العاملين بالمتجر مع ارتداء " شابو " " غطاء للرأس طقية " مميزة لهم ومن يخالف ذلك كان تطبق عليه عقوبة.

تصميم سيمون أرزت
التصميم الهندسي لمتجر سيمون أرزت اختفى من عصرنا الحالي، ولم يتبقي من ذلك الطراز المعماري الأثري إلا مبني واحد فقط شبيه للمبني الموجود في بورسعيد، وهو متجر أثري في نابولى بإيطاليا وهو يتبع عائلة سيمون أرزت أيضا.

وكان قد تم بناء متجر " سيمون أرزت في بورسعيد" على طراز أوروبي ليضاهي متاجر «جاليريا فيتوريو إيمانويل الثاني» بمدينتي ميلانو ونابولي بإيطاليا في ذلك الوقت، حيث تم إنشاؤه على مساحة ألفي متر مربع، مع واجهة الشارع من أربعين مترا، وكان يتألف من قاعة مستطيلة مع صالات العرض على طابقين.

كما أن سقف "أرزت" ببورسعيد كان من الزجاج الملون لأن المهندسين الذين قاموا ببنائه صمموه بحيث يسمح للإضاءة الطبيعية بأن تدخل له من كل مكان.

وعود بالتطوير

وفي 30 أبريل 2017 الماضى أعلنت الصفحة الرسمية لمحافظة بورسعيد بأن اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، قد اجتمع مع مجلس إدارة شركة مصر القابضة للتأمين، ورؤساء الشركات التابعة للتأمين، وممثلى شركة مصر للأصول العقارية، ومكتب "صبور" للاستشارات الهندسية، لعرض دراسات الجدوى لبعض المشروعات التنموية.

وتضمنت قائمة المشروعات أيضا، مشاركة الشركة مع المحافظة في تطوير عدد من بالمنشآت والمبانى التراثية ببورسعيد، ومنها "سيمون أرزت"، مع المحافظة على طابعها الأثرى، وقد أشار المحافظ بأن التطوير سيكون بالتعاون مع الجهاز القومى للتنسيق الحضارى،كما أنه هناك خطة زمنية للتنفيذ.

ومن ذلك التاريخ وحتى وقتنا هذا أي قرابة ثلاثة أشهر، لم تظهر أي معالم في بداية تنفيذ الخطة حتى الآن، وما زال مبني "سيمون أرزت" شامخا أمام السفن العابرة للممر الملاحي لقناة السويس، ولكن لأتربة تكسو ملامحه وتقضى مخالبها على تراثه المعماري الأثري.
الجريدة الرسمية