رئيس التحرير
عصام كامل

بريطانيا وقطر وثالثهما أردوغان


منذ بدء مقاطعة قطر تسارعت الأحداث، وتباينت مواقف الدول العربية والغربية حيال الأزمة، بينما فضل البعض "النأي بالنفس" والتزام الصمت بانتظار ما تسفر عنه الوساطة الكويتية. وواكب ذلك حملة إعلامية بين مؤيد ومعارض ومحلل وشامت. أما في "التواصل الاجتماعي" فبدا الأمر أشبه بحرب مغردين!


لعل أوضح نماذج الحرب الإلكترونية، تلك التي رافقت تغريدة القطري مبارك الهاجري زوج المغنية الإماراتية أحلام، فما أن نشر صورة تميم في "انستغرام" مرفقه بهاشتاغ "الله الوطن الأمير"، حتى انهالت التعليقات الخليجية والعربية، أكثر المؤيدين لقطر كانوا من فلسطين والجزائر والكويت والعراق ولبنان، بينما المعارضون من دول المقاطعة وبعض الدول التي تقرأ الوقائع بشكل صحيح، ومع تدني مستوى التغريدات طلب أحدهم من الهاجري غلق خاصية التعليق لكنه لم يستجب، ولأن زوج أحلام خالف تعليمات عدم التعاطف أو تأييد قطر، فقد طبقت الإمارات عليه القانون، وطلبت مغادرته البلد على وجه السرعة، ولم تتمكن زوجته أحلام رغم علاقتها بالمسئولين من استثنائه، فالقانون على الجميع.

حرب "التواصل الاجتماعي" المستعرة دفعت وزير العدل الكويتي فالح العزب للتحذير من "الإساءة إلى الدول الشقيقة والصديقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، ملوحا بمقاضاة المسيئين وكشفهم ومن يقف خلفهم، وقال العزب: "هناك طابور خامس بدأ العمل في الخليج، ودوره الافتراء وتقويض العلاقات بين الأشقاء والإساءة لهم".

كما انتشرت رسائل "واتس آب" تحذر مما يروجه "التواصل الاجتماعي"، ويؤكد أصحاب التحذير على تجنيد 5 آلاف مغرد من لبنان وسورية والعراق وإيران لإثارة الفتنة وترويج الشائعات حتى تتحول مقاطعة قطر إلى حرب عسكرية بين العرب.

على أرض الواقع السياسي سعت قطر عبر جولة وزير الخارجية لتدويل الأزمة وتحويلها إلى قضية حقوق إنسان، وأن الحصار يحرم الشعب من أبسط حقوقه، وهي مراوغة قطرية معتادة للهروب من أصل المشكلة، كما قال وزير الشئون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش "ما هكذا تورد الإبل عبر المظلومية والتدويل والتتريك (في إشارة إلى الاستعانة بقوات تركية)، بل عبر إدراك الشقيق أنه سَّبَب لجيرانه الأذى، وأنه آن الأوان ليفارق دعم التطرف والإرهاب"، مضيفا: "بعد كل المجهود إلى التدويل سيكتشف الشقيق أن الحل في الرياض وعند الملك سلمان".

كما استعانت قطر بوزير العدل الأمريكي الأسبق جون أشكروفت، ضمن مساعيها للتأكيد على جهودها بمحاربة الإرهاب العالمي، وستتولى شركته إدارة الأزمة، والتواصل مع وسائل الإعلام والدفاع عن قطر.

قطر الساعية إلى تدويل الأزمة أكد وزير خارجيتها ضرورة "الحوار مع الدول المقاطعة حول هواجسها وافتراضاتها بتدخلنا في شئونهم وتأثير سياستنا على أمنهم". ثم شدد على أن " قناة الجزيرة شأن داخلي وسياستنا الخارجية أمر سيادي ولا يحق لأحد أن يملي علينا ما نقوم به".

تصريحات الوزير القطري مليئة بالتناقضات خصوصا ما يتعلق بحركة حماس والإخوان، كما أنه يؤكد أن حل الأزمة خليجي، وفي الوقت نفسه تستعين بلده بتركيا وإيران وباتت تحت حمايتهما. وتخفيفا للضغط الخليجي العربي على إمارة قطر قرر تنظيم الإخوان الإرهابي انتقال قياداته من الدوحة إلى تركيا وبريطانيا باعتبارهما مع قطر "مثلث الشيطان راعي الإخوان"، من هنا لم يتوقف التركي أردوغان عن التصريح يوميا دعما لقطر وتميم وتنديدا بمقاطعة يدفع ثمنها الشعب القطري، وتمنى المصالحة الخليجية هذا الشهر متجاهلا مصر!!

أما بريطانيا حاضنة "الإخوان" فالتزمت الصمت، حتى أيد ترامب مقاطعة قطر واعتبر "عزلها إيجابي لأن تاريخها في تمويل الإرهاب طويل ومعروف". وبعد ذلك طالب وزير الخارجية البريطاني دول الخليج ومصر "باتخاذ إجراءات فورية لتخفيف الحصار ووقف التصعيد بحق دولة شريك لنا والعمل على الوصول إلى حل عبر التفاوض". كما حض "قطر على أن تأخذ مخاوف جيرانها بجدية"، ثم أعلن عن لقاء يجمعه بوزراء خارجية السعودية والكويت والإمارات مستثنيا مصر.

وهو أيضا نهج المغرب الذي يزور وزير خارجيتها حاليا أطراف الأزمة في الخليج، لحثهم على حوار صريح يمهد لمصالحتهم. والرأي نفسه قاله وزير خارجية الكويت السابق الشيخ د.محمد الصباح "إذا حجت حجايجها ما لنا إلا مجلس التعاون الخليجي"، وأخيرا حذر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد من أن "خلافات السعودية والإمارات والبحرين، من جهة، وقطر من جهة ثانية، قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه".

تدفع قطر والمستفيدون منها إلى مصالحة خليجية فقط بعيدا عن مصر، حتى تتنصل من التزاماتها، وتظل على دعمها للإرهاب وتمويله في مصر، وإشعال الجبهات المحيطة بها، وعلينا أن نستعد لردعها والرد عليها.
الجريدة الرسمية