رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements

حافظ أبو سعدة: قانون الجمعيات الأهلية مخالف للدستور ومصر في مأزق أممي بسببه

فيتو

*قانون القصبى يصادر العمل الأهلي في مصر
*العقوبات السالبة للحريات داخل القانون قاسية
* اللجنة التنسيقية للتمويل الأجنبي " ترعب"

* أطالب الرئيس بإسقاط القضية 173 لسنة 2011
* الملف الحقوقي معقد والقانون زاده تعقيدًا
*العلاقات الخارجية تحكمها المصالح الاقتصادية
*شكلنا لوبي يعمل في كافة المسارات لإسقاط القانون
*فوجئنا بإقرار القانون ووعدنا بتمرير قانون الحكومة
*9 جهات تتحكم في مصير المجتمع المدني

«نخوض معركة وطنية بامتياز، وإن لم نمتلك الأدوات الداخلية، علينا أن نتنحى جانبًا».. هكذا يرى الدكتور حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، طبيعة المعركة التي تخوضها الجماعة الحقوقية المصرية، لإسقاط قانون الجمعيات الأهلية الجديد المعروف إعلاميًا بقانون «القصبي»، الذي تم إقراره في أواخر شهر مايو الماضي.
يكشف «أبو سعدة » في حوار لـ«فيتو» الإجراءات التي ستتخذها الجماعة الحقوقية لإسقاط هذا القانون، وموقفه من الضغط الخارجي ومدى تأثيره، وقياس حالة حقوق الإنسان في مصر.. الحوار على النحو التالي..

*ما تأثير قانون الجمعيات الأهلية على نشاط المجتمع المدني في مصر؟
القانون الجديد يصادر العمل الأهلي في مصر، ويحدد مجالات العمل وفقًا لخطة التنمية الاجتماعية للدولة، كما أن القانون لم يشر إلى أي نشاط لمجال حقوق الإنسان، وإنما يقتصر على الأنشطة التنموية فقط، وكونه يشترط أيضًا، حصول المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، على موافقة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعمل الدراسات والبحوث الميدانية، وهذا يعرقل عمل هذه المنظمات، وبخاصة أن الأبحاث الميدانية، هي جوهر عمل منظمات حقوق الإنسان لمعالجة الظواهر الخطيرة في المجتمع ولاسيما الإرهاب، والتحرش وغيرها.

*ما أبرز القيود والعقبات التي تعترض العمل الأهلي داخل قانون «القصبي» ؟
اللجنة التنسيقية أو ما يعرف بـ«الجهاز التنظيمي» المنوط بالموافقة على النشاط والتمويل الأجنبي للمنظمات، يتكون من تسع جهات بدءًا من وزارة الدفاع والمخابرات العامة والرقابة والإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات وصولا إلى وحدة غسل الأموال التابعة للبنك المركزي، كلها إجراءات بيروقراطية تعرقل عمل المنظمات بمختلف أنشطتها.
وكذلك العقوبات السالبة للحريات التي نص عليها القانون والتي تصل عقوبتها إلى خمس سنوات حبس، وغرامة تصل إلى مليون جنيه وهذا مبلغ ضخم جدًا، يطبق على من يدير المنظمات إذا لم يخطر الأمين العام بقرار مجلس الإدارة بنقل مقر الجمعية أو المنظمة، وكذلك إلزام الأعضاء المؤسسين جميعهم بتقديم الصحيفة الجنائية «فيش وتشبيه» أمر يشعر المؤسسين بالخطر، مما يؤدي بدوره إلى العزوف عن المشاركة في تأسيس الجمعية.

*ما مدى مخالفة القانون لنصوص الدستور؟
كل القيود الإدارية مخالفة للمادة 75 من الدستور المصري التي تنص على التسجيل بالإخطار، وهذا لم يحدث في القانون، وكذلك الدستور نص على حرية العمل، ولكن التشريع حدد بشكل قسري مجالات العمل وربطها بخطة التنمية للدولة، ومن يخالف تطبق عليه عقوبة إما بالحبس أو بالغرامة، فضلا عن أن الدستور نص أيضًا، على عدم تدخل الجهة الإدارية في شئون الجمعية، والقانون أطاح بهذا النص، فهناك تدخل إداري بدايةً من رفض وحل أعضاء مجلس إدارة، إلى وقف نشاط الجمعية لحين العرض على القضاء، بل يعطي الحق للجهة الإدارية لاستبدال مجلس الإدارة.

*أما آن الأوان أن يتوحد البيت الحقوقي المصري لتعديل مواد القانون المختلف عليها أو حتى إسقاطه؟
نحن سلكنا كل السبل المتاحة لعدم تمرير هذا القانون، شكلنا جماعة ضغط، وشاركنا في لجنة مع الحكومة لوضع قانون توافقي، وتقدمنا اجتهادات، فضلا عن طرح مشروعات قوانين بديلة، ومن بعدها الحكومة شكلت لجنة ترأستها للاستقرار على أفضل المشاريع المقدمة، وإنتاج مشروع مناسب، وبذلنا قصارى جهدنا، وفي نهاية المطاف تم إقرار قانون النائب عبدالهادي القصبي، رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب.

*ما الإجراءات التي ستتخذونها حيال القانون؟
نحن أمام معركة طويلة للطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا، تستمر لسنوات تصل على أقل تقدير إلى 3 سنوات، وكما سنبدأ في مخاطبة كافة الجهات المعنية سواء مؤسسة الرئاسة، أو مجلس الوزراء، وسنبدأ في توعية المنظمات بإجراءات تقنين أوضاعهم وفقًا للقانون خلال عام، وسننصح من يرغم في الاستمرار في العمل الأهلي أن يسجل منظمته وفقًا للقانون ويحترمه حتى وإن كان من رافضيه، أو يتوقف عن العمل تمامًا، نظرًا لقسوة العقوبات المطروحة في القانون، بالإضافة إلى تشكيل فريق قانوني لمساعدة الجمعيات التي ستسجل وفقًا للتشريع الجديد.

*هل هناك تواصل مع نواب البرلمان من رافضي القانون للضغط على تعديله أو إسقاطه؟
لا، لم نتواصل حتى الآن ولكن سنشكل مجموعات للتواصل مع كافة الجهات، ومنهم النواب المؤمنين بأهمية العمل الأهلي، وبخاصة أننا كانا متفائلين بإرجاع القانون إلى البرلمان من قبل رئيس الجمهورية، لكن فوجئنا بهذه الخطوة المتسرعة، وبالتالي ربما تكون تحركاتنا للتواصل مع الحكومة خلال الفترة المقبلة أكثر فاعلية، باعتبار أن لها الأغلبية المساندة في البرلمان، وسنخاطب رئيس الحكومة عن موافقتنا على القانون المقدم من وزارة التضامن الاجتماعي، وربما يتم مناقشته خلال الدورة الحالية أو ما بعدها وفقًا للإجراءات البرلمانية.

*ما ردك حول ما أثير عن لجوء البعض للخارج للضغط على إسقاط القانون ولاسيما الاتحاد الأوروبي؟
في تقديري أننا أمام معركة وطنية بامتياز، ولابد أن تدار داخل مصر ومع الحكومة المصرية، ونحن نعمل بكافة الأساليب والوسائل الديمقراطية المشروعة والممكنة لمنظمات المجتمع المدني، فلسنا حديثي العهد بمثل هذه القوانين المقيدة، فالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان خاضت، كفرع من المنظمة العربية في مصر، معركة طويلة، حتى نحجنا في التسجيل، وبعدها خضنا معركة مع قوانين 32 لسنة 64، 153 لسنة 99، 84 لسنة 2002، وبالتالي فنحن قادرون بأدواتنا المتاحة البسيطة الضغط على الحكومة المصرية لإسقاط القانون، أما الاستقواء بالخارج أمر غير مقبول.
فيما يتعلق بالبيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي، فمن واقع خبرتي في العمل الحقوقي، فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول لها الأولوية وفوق كل اعتبار، وهذا ما واجهناه في عام 2012 في لقاء مع ممثلي الاتحاد الأوروبي في القاهرة وعدد من المنظمات المصرية والشخصيات العامة، أكدوا حينها بشكل صريح أن علاقتهم بمصر مهمة، وكان الحديث عن مساعدات بنحو 5 مليار يورو، بالتزامن مع قانون سيء كان يناقش في ذلك الوقت، وبالتالي لا أظن أن البيان يحمل أي تهديد، فمصر شريك إستراتيجي مهم للاتحاد، بل إن عبارات البيان مختارة بعناية حريصًا على علاقته الطيبة مع الحكومة المصرية، وإن كان هناك صيغة تهديد من أي طرف خارجي فهذا غير مقبول، وحتى لو الخارج ضغط ونحن لا نمتلك أدوات وطنية في الداخل فهذا فشل.

*ما تأثير القانون على حالة حقوق الإنسان وصورة مصر في الخارج ؟
الملف المصري في مجال حقوق الإنسان معقد وقانون الجمعيات الأهلية زاده تعقيدًا، وبات يحتاج لجهود ضخمة جدًا حتى يتحسن، وبخاصة أن مصر بصدد عرض تقرير منتصف المدة، أمام المجلس الدوري لحقوق الإنسان خلال الاستعراض الدوري الشامل، مما يصعب الموقف المصري، ولاسيما أن أزمة المدافعين عن حقوق الإنسان، والقضية رقم 173 لسنة 2011 المعروفة إعلاميًا بقضية « التمويل الأجنبي»، ونحن بحاجة ماسة إلى إحداث أي تقدم في الملف الحقوقي لمساعدة الدولة المصرية.

*ما رؤيتك لمستقبل الملف الحقوقي المصري ؟
نحن أمام طريق نضالي طويل، ولدينا فرص بشأن القوانين المكملة للدستور، وتطوير التشريعات الخاصة بحالة حقوق الإنسان، وبحاجة إلى معالجة قضية الاحتجاز والحبس الاحتياطي، والأوضاع داخل السجون وخلق آلية للتفتيش والمراقبة لعمل تقارير دورية من داخل السجون معبرة عن الأوضاع بداخلها، والتعامل مع الشكاوي بشكل سريع، فضلا عن ضرورة وجود تعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان والنائب العام ووزارة الداخلية لفحص الشكاوي والبت فيها، وأيضًا إسقاط القضية 173 لسنة 2011 لرفع حالة التحفظ على المجتمع المدني، كما نحتاج إلى تعزيز العلاقات مع المكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف، والتواصل مع منظمات المجتمع المدني الدولية.

ما رسالتك لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة؟
يجب أن نجد حلا لأزمة المدافعين عن حقوق الإنسان، بشكل سريع، وغلق القضية 173 لسنة 2011، ورفع الإجراءات الاستثنائية المتمثلة في التحفظ والمنع من السفر.
Advertisements
الجريدة الرسمية