رئيس التحرير
عصام كامل

غلطة قومى حقوق الإنسان


موقف المجلس القومى لحقوق الإنسان من قانون الجمعيات الأهلية مريب وغريب. موقف أكثر إثارة من موقف بعض أرزقية المنظمات الحقوقية.

أمس الأول، أصدر المجلس بيانا ندد فيه بالقانون الجديد، ملمحا إلى شبهة عدم دستورية بعض مواده. لكن لا قال البيان، ما المواد التي ربما يُطعن عليها بعدم الدستورية، ولا بين ما الذي يعترض عليه من بنود.


البيان كان شديد اللهجة.. كان عنيفا. قال إن القانون الجديد يضيق على العمل الأهلي. ألمح إلى أنه يضرب العمل الحقوقى في الصميم لكنه لم يقل أسبابا. يعنى كان هجوما والسلام.. كان كلام في كلام، لا قدم أدلة مقنعة.. ولا حجج واضحة.

شديد الاحترام لقومى حقوق الإنسان، لكن بيانه كان عومًا على عوم منظمات حقوقية، ضربت في القانون أيضا، ووصفته بالاعتداء على الحريات الأهلية والتصرفات المدنية، لأن لها غرضا، ولأن في قلوبها مرضا. حتى الآن هناك من يُصر على أن أي تدخل من الدولة في العمل الحقوقى، هو إجراء ضد العمل الحقوقى. أي محاولة تنظيم من الدولة، للعمل الأهلي، هو بالضرورة إجراء ضد العمل الأهلي.

كل ما في قانون الجمعيات الأهلية الجديد، أنه ألزم المنظمات بنظام أساسى مكتوب، لا يخالف الدستور والقانون. الزمها بنشاط معلن، وتحركات ظاهرة، تتناسب مع الغرض التأسيسى للمنظمة. نص القانون الجديد على حق الدولة في الرقابة على الأرصدة البنكية للمنظمات الحقوقية، وأيد حق الحكومة في فحص التحويلات الأجنبية الواردة للمسئولين في المنظمات الحقوقية.

حتى وقت قريب، كان العمل الأهلي مثل الموالد وحفلات الطهور. أموالا داخلة، وتحركات مريبة في الشارع، ولا سلطة للدولة. لا ننكر أن تجاوزات كثير من الحقوقين كانت على عينك يا تاجر، مرة باسم تأهيل المواطن المصرى سياسيا، ومرة بحجة تدريب الشارع على الحريات المدنية. لم يكن للحكومة حق التدخل، ولا كان للدولة حق الهيمنة.

أذكر زمن لما كان نشطاء المعهدين الديمقراطى والجمهورى، يعملون في الشارع المصرى، يجمعون البيانات، ويملأون الاستمارات، بلا تصاريح وغصبا عن الحكومة والدولة. أي اعتراض وقتها من السلطات، يخرج ألوف من الحقوقين على كل ضامر يأتين من كل فج عميق بصوت عال وبمليون حجة بحديث عن الحقوق والحريات والعهد الجديد ومبادئ الثورة.

كان العمل الحقوقى فوضى مقننة، استفاد منها بعضهم، وانتقل آخرون بها من مساكن العشوائيات للتجمع الخامس وحياة الكمبوند. ليست مسألة الانتقالات الاجتماعية هي الأهم، لكن في الخلفية كان هناك من يلعب، ويهدم ويحرق ويحرض على الحرق باسم العمل الحقوقى والحريات المدنية.

لم تكن لا حريات، ولا دياولوا. كان حقا يراد به باطل. لا ينكر أحد أن بعضهم حاول حرق البلد، وآخرين دفعوا في الاتجاه للمجهول. الشواهد على هذا كثيرة.. الأزمات وأرشيف الكوارث فيه الكثير. ليس صحيحا أن قانون الجمعيات الجديد ضد العمل الأهلي. بالعكس.. هو ضد الفوضى في العمل الأهلي. ضد التربح، وضد السير في الطريق لستين داهية. القانون الجديد يفرض هيبة الدولة على المنظمات الحقوقية، بعدما كانت فوضى المنظمات المدنية سيف على رقبة الدولة. اعتراضات بعضهم ليست في محلها، وما جاء في بيان القومى لحقوق الإنسان هو الآخر ليس في محله.

لو كان بالقانون شبهة عدم دستورية.. فهذا كلام آخر. هناك سبل قانونية، للرد على عوار القوانين. هناك اتجاهات معروفة للطعن، وإجراءات معروفة لتلافى أخطاء قد يقع فيها المشرع، لو وقعت. البيانات التي تحوى كلاما والسلام، ربما تصدر من أصحاب المنظمات وبعض أرزقية العمل الحقوقى.. لكن لا تليق بالمجلس القومى لحقوق الإنسان.
 
wtoughan@hotmail.com
twitter:@wtoughan
الجريدة الرسمية