رئيس التحرير
عصام كامل

قطر.. على الباغي انقضاض جماعي


مفارقة غريبة أن تتزامن ذكرى يوم الانتصار مع النكسة، انتصارنا على إسرائيل في العاشر من رمضان، ونكسة 5 يونيو التي احتل فيها العدو الأرض العربية. لكن ليس مصادفة أن يختار قادة مصر والسعودية والإمارات والبحرين اليوم نفسه لمقاطعة قطر فيما يشبه "الانقضاض الجماعي على إمارة الغدر"؟.. مؤكد أن اختيار اليوم مقصود، فالاتفاق الرباعي على قرارات رادعة ضد قطر يعد انتصارا للمصالح المشتركة وحق العيش بأمان دون عبث أو خيانة، وفي الوقت نفسه نكسة لقطر التي عزلت برا وبحرا وجوا.


عندما توالت قرارات المقاطعة فجرا، عدت بالذاكرة إلى مؤتمر صحفي عقده الرئيس ترامب بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية، حينها رفض تلقى سؤالا من مراسل قناة "الجزيرة القطرية" قائلا: "دوركم انتهى".. الحقيقة إنني أترقب من يومها ترجمة ذلك على أرض الواقع، ولاحت البشائر في القمة العربية الأمريكية بالسعودية بالتعامل السلبي مع حاكم قطر، ما جعله يختفي قبل انتهاء القمة، ليطلق بعدها تصريحات بمثابة "انتحار سياسي" تنفيسا عما وجده من تجاهل وتعليمات مشددة بـ"التوقف عن دعم الإرهاب وعدم إيواء قادته الصادر بحقهم أحكام قضائية، والالتزام بثوابت العلاقات والاتفاقات الدولية وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى".

تصريحات تميم تعارضت تماما مع بيان القمة الإسلامية العربية الأمريكية بالرياض، بل تحدى العالم بالإشادة بدور إيران وحزب الله وحماس، وإعلان دعمه لها وهي المصنفة إرهابية. وأمام خطورة التصريحات حاول تميم ووزير خارجيته التنصل بزعم اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، وهو ما ثبت كذبه، لأن جميع وسائل الإعلام القطرية بثت التصريحات، فضلا عن أن التصريحات موثقة لدى السعودية والإمارات صوتا وصورة، وخلاف ذلك، فإن الآراء ليست بجديدة، وهي من ثوابت السياسة الخارجية القطرية وأدلى بها تميم في مناسبات عدة من قبل.

أعقب التصريحات حملة إعلامية مضادة قادها باقتدار ونجاح مذهل الإعلام السعودي أولا ثم الإماراتي لفضح خيانة وفتنة النظام القطري، وللمرة الأولى تعجز "الجزيرة" والإعلام المأجور لصالح الدوحة في الدفاع عن تميم وتبييض وجهه، وكان أن سعت قطر للتغطية على ما حدث بافتعال ضجة اختراق "إيميل" سفير الإمارات في واشنطن ونشر محواه من رسائل، ليثبت أن الرسائل عادية وليس فيها ما يدين.

قطر التي بغت وتآمرت على الدول العربية خصوصا مصر بدعم الاحتجاجات والمليشيات بالمال والسلاح والتدريب وايواء قادة الإرهاب، امتد غدرها وخيانتها إلى دول الخليج العربية وكشفت الدول المقاطعة أنها دعمت "الإرهاب على جميع المستويات ومولت الجماعات المرتبطة بإيران لنشر الفوضى والتخريب والعمل على إسقاط النظام الشرعي في البحرين.. ولم تلتزم باتفاق الرياض وواصلت دعم وتمويل واحتضان التنظيمات الإرهابية والطائفية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل إعلامها، ونقضها بيان القمة العربية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، الذي اعتبر إيران الدولة الراعية للإرهاب، ثم تدخلها في شئون الإمارات والسعي لشق الصف الداخلي السعودي، ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف السعودية، كما ثبت دعم ومساندة الدوحة لميليشيا الحوثي، حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن". كما تشير المصادر إلى رصد تحركات لمليشيات شيعية في المملكة في الأيام الأخيرة مدعومة بتحركات جنود قطريين على الحدود السعودية عجلت بقرارات المقاطعة وعزل قطر.

شغل معاقبة قطر العالم وامتد إلى التواصل الاجتماعي وقفز هاشتاج "قطع العلاقات مع قطر" إلى الصدارة في دول عدة، لكن في الكويت تحديدا تلاه في الترتيب هاشتاغ "الكويت وقطر جسد واحد" ثم "خليجنا واحد للأبد"، ما يعكس تأييد الرأي العام لقطر ورفض مقاطعتها انسجاما مع السياسة الحيادية للدولة، التي تسعى لاحتواء الأزمة بتبني الأمير الشيخ صباح الأحمد الأمر عله يجد حلا بالتعاون مع سلطنة عمان، مثلما نجح في احتواء الأزمة مع قطر قبل 3 سنوات، لكن الأمر هذه المرة أخطر وأكثر تعقيدا، خصوصا بعد تأييد الرئيس ترامب "عزل قطر راعية الإرهاب"، وإذا نجح أمير الكويت في رأب الصدع خليجيا، فيجب على مصر الاستفادة قدر الإمكان من الوضع الراهن بتسليم ملف موثق بجرائم قطر إلى المحكمة الجنائية الدولية ومطالبة الإنتربول بتسليم قادة الإخوان والإرهابيين المقيمين في الدوحة.

كما علينا الاستنفار أمنيا لأعلى درجة، لأن قطر ستعمل على استهداف مصر بأشكال عدة وتحريك مليشياتها على جبهات ليبيا وغزة والسودان.
الجريدة الرسمية