رئيس التحرير
عصام كامل

فضيلة الشيخ حسان.. لما هوا "يتغندر"


مهما اتسعت دائرة الخلاف حول طبيعة الإعلامي الشيخ محمد حسان، صاحب قناة وجريدة "الرحمة" واسعتي الصدر و"الأجندة"، ومهما تعددت ألوانه المثبتة بالصوت والصورة منذ ما قبل ثورة 25 يناير 2011، وحتى اليوم، لا يمكن لأحد له عينين وعقل سليم، أن ينكر بلسان وشفتين علم الرجل وطلاقة لسانه.


مصيبة الشيخ أنه "يعلم" فعلا، والمصيبة الأشد أنه يعلم أن علمه يعجب أكثر من 60 في المائة من أبناء الشعب المصري الذين هم دون مستوى التعليم والثقافة، ممن يسهل شحنهم وتوجيههم، وقد يدخل ضمن تلك النسبة عدد ليس بالقليل من الحاصلين على شهادة البكالوريوس، وأيضًا ممن يحملون لقب "إعلامي"، على سبيل الاسترزاق في كل المناسبات، مآتم أو أفراح.

وصفة عالم من المفروض أنها تطلق على المتبحرين في علوم الدين والدنيا أيضًا، وحدث أن سرق رجال الدين هذه الصفة لأنفسهم فقط دون غيرهم، على الرغم من أن العالم أيضا، هو الذي مكنه الله من مفاتيح العلوم لينفذ بسلطانه من أقطار السماوات والأرض، فتنفتح له أسرار الكون والمخلوقات، وطبيعة الخلية الحية، والمجرات السماوية، وكنوز الأراضين والبحار.

وقد تخصص الإعلامي الشيخ حسان في حفظ كتب الفقه والسنة والتفسير والحديث، مستثمرا نعمة الله عليه بذاكرة تتسع لحفظ مراجع كاملة، فأصبح لسانه بلا عقدة، لكنه للأسف، يطلقه "عمال على بطال"، مثل "الحنفية" التي ليس لها "جلدة"، فيصب منها الماء صبًا متواترًا دون انقطاع، إلا بتوقف آلة ضخ المياه، ولا يهم إن كانت المياه تصب في صالح النماء، أم تهدر بلا فائدة.

والهدر الذي أقصده هنا، هو حب الشيخ للظهور من أي "خرم" تلفزيوني، حتى لو كان في برنامج رياضي يقدمه لاعب كرة هجر الملاعب بعد أداء واجبه، ليعمر شاشة قناة "دريم1" التي ليست أولى برعاية إدارة شركة دريم، فيصبح الحوار أعرجًا، أي يمشي على قدم واحدة، لأن الضيف من الوزن "الثقيل"، والمضيف من وزن "الريشة".

ومن الأسئلة التي تكاد تصيب المشاهد بالغثيان: لماذا رفضت الترشح لرئاسة الجمهورية؟
ومن الطبيعي أن يكون المشاهد الذي يعرف "حسان" وانتماءه والمدرسة الدينية التي تتلمذ فيها، كان في انتظار إجابة طالما حفظناها منه ومن باقي شيوخ الدعوة السلفية، وتتلخص في: أن الولاية لا تطلب، بل يُطلب إليها من يستحقها.

شخصيًا، أصبت بالغثيان من إجابة الشيخ التي كررها مئات المرات، لتكون استعراضًا ممجوجًا، لا يقل عن تصوير خطبه بكاميرا "الرحمة" وإعادة بثها ليل نهار، حيث قال: أنا رجل دعوة، ولست رجل دولة، وتلقيت كثيرًا من اللوم من المشايخ بسبب عدم ترشحي للرئاسة.

هذه الإجابة وغيرها من الكلمات التي جاءت على لسان الشيخ في حلقة "الغندرة" الكروية الدينية، تشبه غيرها من الكلمات التي "تندلق" من فم الشيخ، ردًا على إعلاميين ـ من أوزان مختلفة ـ ومعظمهم في مصر تتراوح أوزانهم بين "الريشة والخفيف"، لتنتهي دائمًا بدعاء معاد ومكرر، لست أدري إن كان لا يصل إلى السماء، لأنه لا ينبع من القلب، أم أن الله يريد أن يكشف لنا حقيقة نتعامى عنها، وهي أن أدعية شيوخنا مثل السلاح الفاسد الذي يصيب مستخدميه.

ودليلي على هذه الفرضية، أن خطباء منابرنا، يكررون دعاء سمعته مذ وعيت: اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ومع تكرار الدعاء، يشتد المقت والغضب، لأن قلوبنا ـ والله أعلم ـ قد ران عليها ما كنا نكسب، فأصبحنا بذلك عن ربنا لمحجوبون.
barghoty@yahoo.com

الجريدة الرسمية