رئيس التحرير
عصام كامل

الإخواني المنشق إبراهيم ربيع: حكم الجماعة ابتلانا بـ«300 ألف إرهابي» والإخواني جهادي قيد الانتظار

فيتو

  • الجماعة تستغل الأوضاع المعيشية الصعبة والفوضى والعشوائيات لفتح حساب جديد مع المصريين 
  • لحظة الحسم في قضية الجماعة تستلزم تضامنا كاملا بين الدولة والمواطن لاسترداد الهوية المصرية
الحديث عن سوءات الإخوان، ويومياتهم وأزماتهم، وصراعاتهم الداخلية، وحركات العنف التي تفجرت من داخلهم، والتي تفضح لأول مرة جينات العنف الكامل تحت أوردة أعضائها، دون الإمساك بمفاصل التنظيم، والتعرف على الجوانب الخلفية في دورته الحياتية، لن يكون إلا محاولة للسباحة في الرمل، لذا كان حوارنا مع إبراهيم ربيع، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، وأحد الذين كان يعهد إليهم مسئولية توجيه النشء، من خلال خبراته في قسم التربية، ونشر الدعوة والطلاب بالجماعة، ومن هنا سألناه..


* بداية.. كيف كانت بدايتك مع الإخوان؟
قبل 35 عاما، وتحديدا منذ عام ١٩٧٩، أعجبت بالجماعة من خلال علاقتي بالدكتور سناء أبو زيد، والدكتور حلمي، اللذين تعرفت عليهما في أحد المساجد، وهنا كانت بداية مشواري في «الإرهابية»، أما عن بداياتي مع التنظيم، فكان من خلال جدِّي وخالي، اللذين انضما للجماعة وأصبحا أعضاء بها، خلال حقبة الأربعينيات والستينيات، وهما أيضا كانا من العوامل التي سهلت انضمامي في سن مبكرة «16 سنة» عبر حضور حلقات الأُسر التي كانت تنظمها الجماعة.

* أصدر المرشد بيانا في بداية شهر رمضان طالب فيه الإخوان بالعودة إلى الله والتفرغ للعبادة.. كيف تقرأ ما بين سطور الخطاب.. ولمن يوجه رسائله؟
بيان الإخوان «زئبقي» مراوغ ومخادع وملتوٍ كالعادة، هو يحاول إيهام المصريين أنهم مجموعة من المساكين، يتفرغون للعبادة، بينما خلايا حسم ولواء الثورة وغيرها تتوعد المصريين بمزيد من القتل، بشكل عام خطابات الجماعة يجب أن تخضع للتدقيق والقياس المنهجي، لمعرفة الهدف الحقيقي من خلف الرسائل التي تطلقها ومدى تأثيرها.

* وما سر عودة الإخوان لمغازلة المصريين بالأنشطة الدعوية والدينية عبر وسائل السوشيال ميديا؟
الإخوان تستغل ميول المصريين الطبيعية وحبهم للتدين، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة والفراغ المتروك من الدولة والفوضى والعشوائيات، وتعتبرها مدخلا مهما لا بد منه لاستغلاله في كسب استعطاف المصريين مرة أخرى، ولكن ذلك لن يحدث.

* لماذا؟
لأن المصريين باتوا على وعي تام أن الإخوان تتبنى أفكارا متطرفة، بل هي الحاضنة الأم لكافة الجماعات الجهادية والتكفيرية، فضلا عن احتوائها حاليا لجماعات مسلحة خطيرة، تهدد السلام الاجتماعي، كما تهدد مؤسسات الدولة نفسها.

* هل علاقتك التنظيمية بالإخوان ومعرفتك بكامل خصائصهم النفسية السبب وراء رفضك كافة دعاوى المصالحة مع الجماعة؟
طبعا، هم يستنشقون العنف، وكما هو معروف، العنف يولد العنف المتبادل، فضلا عن أن قضية الإخوان أَمْنِية بامتياز، ومثل هذه الدعاوى تدخل الموضوع في تقلبات السياسة، وهذا خطأ يقع فيه كبار من يسمون أنفسهم متخصصين، لأن الخروج عن القانون، والسعي لتدمير بنية الوطن الثقافية والتاريخية وطمس الهوية المصرية، لا يمكن أن نسميها خصومة سياسية أو موقفا من نظام حاكم، هي أفعال خارج القانون، ويجب أن نتعامل معها من هذا المنطلق.

* بعد ظهور جماعات الإرهاب من حسم ولواء الثورة داخل الإخوان.. كيف يمكن أن نفرق الجماعة عن السلفية الجهادية؟
هناك وحدة بين أفكار الفريقين، باستثناء الاختلاف في درجة العنف اللفظي، والفعلي الشائع في كل تيار، فالأصل واحد، والإخواني جهادي قيد الانتظار، ولكنه قادر على تعويض الجهاد بالسلاح التقليدي، عبر أسلحة أخرى مختلفة، وفي المقابل لا يختلف السلفي كثيرًا عن الإخواني، إلا في توقيت الانخراط في العمل العنيف.

* ممارسات الجماعة الأخيرة وظهور أجنحة العنف فيها بشكل علني تنفي مزاعمها الإصلاحية.. هل تتفق مع ذلك؟
كما قلت، هذه الجماعة تتعامل وفق أساليب براجماتية بحتة، بدأتها مع الملك فاروق، ودعمت رئيس حكومته إسماعيل صدقي في إجراءاته القمعية لحل البرلمان وإسقاط دستور 1923، ورغم ذلك خرج أعضاؤها في مظاهرات تأييد يهتفون: «واذكر في الكتاب إسماعيل».

وكتب ذلك مرشد الإخوان الأول حسن الساعاتي، في مجلة النذير وجريدة "الإخوان المسلمون"، ورغم تقربهم من السلطة إلا أنهم اغتالوا الخازندار والنقراشي وأحمد ماهر، وكانوا خلف حريق القاهرة، ومحاولة قتل الرئيس عبد الناصر، في 1954 وإرباك البلد بالشائعات، ونشر الفكر التكفيري من خلال تنظيم سيد قطب، وبالتالي هي ليست إصلاحية، بل جماعة إرهابية بكل ما تحمله الكلمة من معان.

* وكيف تدور ماكينة الشائعات الإخوانية داخل وخارج مصر؟
عبر تجنيد قسم الطلاب لبث رسائل جماعية على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن شباب الإخوان لديهم خبرة كبيرة بتلك المواقع والتعامل على الإنترنت بشكل عام، خارجيا يتم الاتفاق مع شركات علاقات عامة أمريكية، وأوروبية لإدارة كيانات إعلامية ومواقع التواصل؛ لترويج الشائعات ونشر الأكاذيب، وفبركة الفيديوهات لإشاعة الإحباط وفقد الثقة في إدارة البلاد.

* معروف أنك كنت قياديا في قسم التربية بالإخوان، ورغم ذلك قلت إنك تركت الجماعة للعودة للإسلام.. ماذا نفهم من ذلك؟
عقيدة الإخوان، سياسية قائمة على أسس الانتهازية، واستغلال الإيمان الفطري لدى الجماهير في سبيل تمكين التنظيم من السلطة بزعم إقامة دولة الخلافة الوهمية، ولكنها بعيدة كل البعد عن الدين الحقيقي، وهذا سبب ابتعادي عنها منذ أن بدأت ثورة فكرية كاملة على أفكارهم.

* ما هي أبرز الأسئلة التي عجزت عن تفسيرها في مناهج الإخوان وأنت قائم عليها، ما دعاك للانفصال في النهاية؟
منذ عام 2000 كانت تدور أسئلة فكرية عميقة حول علاقة العنف بالإسلام، والحركات الإسلامية، خاصة الجماعة التي كنت أنتمي إليها، إلى جانب مسألة الحرية، منها حرية الضمير وحرية التعبير، ومعنى الردة والإكراه في الدين، والفتاوى التي تهدف إلى تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية.

* كيف كانت الجماعة توظف أماكن العبادة لأغراضها السياسية؟
كانت الجماعة توظف المساجد لتسويق الفكر الإخواني، وضرب مؤسسات الدولة، وتشويه صورتها، وهو ما كان يجعلها بديلا محتملا دائما لنظام مبارك تحديدا، فالمصريون كانوا يرون من الإخوان، خطابا دعويا مخلوطا بالسياسة، وبعض القصاصات من البروباجاندا الغائمة عن الأخلاق والدين، وهي الخلطة التي كانت تعتمد عليها دائما في بناء شعبيتها.

* ولماذا يغيب عن الأيديولوجية الإخوانية القضايا الفكرية والفلسفية والثقافية؟
إستراتيجية الجماعة، تقوم أساسا على تجنب النقاش العام حول نواياها الحقيقية الشمولية، وتسويق خطاب يتمثل في أنهم ضحايا النزعات العنصرية، المعادية للمسلمين، إلى أن تبلغ مرحلة الإمساك بدواليب الحكم، وإقامة مشروع التمكين المتعارض كلية مع القيم الوطنية والقومية للمجتمعات.

* كيف تمزج الجماعة بين التنظيم السري والعمل الخيري الظاهر للمجتمع في نفس الوقت؟
الجماعة تنظيم سري يصدّر لنا العمل الخيري، ويمارس الاستغلال والانتهازية لمصالحه عبر غسيل عقول المستهدفين لتجنيدهم تنظيميا، والقوافل الدعوية كانت مرآة كاشفة لآليات الجماعة في كيفية استهداف العناصر المحددة سلفا.

*ما هي شروط الإخوان في انتقاء أعضائهم، وهل ما زالت قائمة حتى الآن؟
تنظيم الإخوان قائم على الانتقاء والاصطفاء لم يتوسمون فيه السير على منهجهم دون تمرد، خاصة أنهم يعتبرون مخالفيهم غير مسلمين، فإذا أبرمت معهم عقدا فقدوتهم في ذلك صلح الحديبية، وخضوعهم للقانون فترة مؤقتة يعتبرونها تقيّة مطلوبة للتعامل مع قوانين الجاهلية، حتى يتم لهم التمكين، وبعد ذلك لكل حدث حديث، وما زالت الشروط بالطبع قائمة، ولكن لم يعد منها فائدة بعدما باتت الجماعة مُجرّمة من جموع المصريين.

* كان «عمر التلمساني» يرى أن دعم الحرية مفتاح تغلغل التنظيم في كافة أنحاء مصر، ما نوع الحريات التي كان يقصدها المرشد الثالث للإخوان؟
هم يريدون حرية على مقاسهم، التلمساني كان يدعو الله أن يديم حكم السادات؛ لأنهم عملوا فيه بكل طاقتهم للانتشار في كافة ربوع الوطن، لملء فراغ القوى السياسية، التي لم تكن تعمل بدرجة الحرية الممنوحة للإخوان وكافة الجماعات الدينية، فماذا جنى السادات وماذا كان مصيره من ترك حريتهم؟! بل ماذا كان مصير الوطن بأكمله؟

*ما المكاسب التي جنتها الجماعة من صفقاتها مع نظام مبارك؟
أسسوا شبكة أموال دولية عابرة للقارات، وسيطروا على الأمن الغذائي، وأسسوا التنظيم الدولي، بالسيطرة على المراكز الإسلامية في أمريكا وأوروبا، وأعادوا تشكيل الفكر الجمعي والتوغل عبر مؤسسات تعليمية وخيرية وطبية، وتشجيع انتشار العشوائيات والتوغل فيها، والتآمر مع الأمريكان في 2011، على حساب مبارك والوطن.

*ولكنهم كانوا ضمن الفئات التي شاركت في ثورة يناير حتى لو جاءت مشاركتهم متأخرة، وبنفس أسلوب عملهم مع مبارك؛ الصفقات والنفعية على حساب الثورة؟
هم شاركوا فيها بالتحريض على الجيش والشرطة، وهتفوا بشعار يسقط حكم العسكر، للسيطرة على الشعب، بالشائعات حتى يستطيعون بلع الدولة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2012.

*بحكم قربك من العالم السري للإخوان.. هل بالفعل تدخلت الجماعة لإدخال عناصر إرهابية إلى سيناء إبان ثورة 25 يناير؟
بالطبع، دعني أقول لك إن عام حكم مرسي بلانا بتوطين 300 ألف إرهابي، وأدخل في هذه المدة القصيرة كما من الأسلحة يفوق الحصر، ضمن مخطط الإخوان لتقسيم مصر، بالاتفاق مع إسرائيل وأمريكا، وهذه ليست فزاعات، ويمكنك مراجعة تصريحات ياسر برهامي، الحليف السابق للإخوان في 19-04-2013، الذي عرض الاتفاق مع الجماعات المسلحة بسيناء لتسليم أنفسهم، وهو العرض الذي رفضه مرسي، ما يثير المئات من علامات الاستفهام حتى الآن.
الجريدة الرسمية