رئيس التحرير
عصام كامل

فرخة صلاح الدين مزعَّلة الناس!


هل تعلم عدد الأبطال في تاريخنا؟ وهل تعلم عدد الأبطال في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؟ هتقول لى الفرق كبير بين حضارة مصر التي تخطت سبعة آلاف سنة، وأمريكا بنت إمبارح اللى وعيت على الدُنيا من 70 أو 80 سنة بالكتير، "بعد ما خلَّصوا طحن في بعض"، لما انتهوا من محو الهنود الحمر وأبادوا حضارتهم، وحشروا مناخيرهم في الحرب العالمية الثانية، ليصبحوا قطبا من قطبى العالم الجديد، ثم القطب الأوحد في العالم الأجدد؟!


كل هذا جميل، لكن نرجع لسؤالنا: تعرف عدد الأبطال في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؟ هتقول لى (مارتن لوثر كينج) و(إرنست هيمنجواى) و(مارلين مونرو)؟ هقول لَك علشان هُما ناصحين.. عارف ليه؟ لأن لو (مارتن لوثر كنج) كان مصريا، كُنت هتلاقى (يوسف زيدان) طالع يقول إنه كان أسود حقيرا حاقدا على البيض، وفيه تقارير طبية في أرشيف مستشفى الأنتكخانة بتقول كدة، وطبعًا نسختها الوحيدة موجودة في مكتب حضرته، ومش بعيد يطوِّل لسانه زيادة ويقول إن (لوثر كينج) كان إنسانا أبيض أصلًا!

طبعًا عندنا ناس ما أنزل الله بهم من سلطان، يعنى مثلًا (إرنست هيمنجواى) اللى ميجيش نقطة في بحر (نجيب محفوظ) لو هنقارن، أو لو تنفع المقارنة، مستحيل تلاقى حد في أمريكا بيكفَّر (هيمنجواى) مثلًا، أو بيقول إنه بيكتب عن الجنس وقلة الأدب، زى ما بيتم تكفير (نجيب محفوظ) في مصر، وكمان بيتقال عليه بتاع إباحية، سواء من جانب المتخلفين المتطرفين دينيًا، أو المتخلفين المحدثين سياسيًا، وياريت تراجع أخونا بتاع مجلس النواب اللى قالها مؤخرًا!

أما (مارلين مونرو) فحدِّث من فضلك ولا حرج، متخليش فيه حرج خالص، اكشف وشَّك وقول زى ما تقول، ولو وشَّك بيحمَر سيبه يحمَر، لما وشَّك هو اللى يحمَر يبقى أحسن من ناس تانية أكيد، لكن المهم أرجوك تخبرنى بفنانة مصرية مطلعش عليها كلام زى الزفت، في سُمعتها، وشرفها، ومش عارف مين صوَّرها فين، ومين عمل إيه، وكُل ذلك من ضرب ابن ستين في تمانين من تحت الحزام، وفى قلب الحزام، ومن ورا الحزام، ومن قُدام الحزام، لدرجة أن فئة غير قليلة من المصريين بتعتبر أي فنانة ليست إلا باغية، بغض النظر عن الجوانب الفنية، أو الاختلافات الثقافية بين الفنانين وغيرهم، وكمان ـ خُد بالك ـ هُما دول اللى شايفين (مارلين مونرو) نموذج أنثوى كامل لما ينبغى أن تكون عليه المرأة!

طيب والنبى تعالى أقول لَك بمناسبة المقارنة، تعرف إن من أبطال الولايات المتحدة (سوبر مان) و(ميكى ماوس) و(بطوط) و(عم دهب)؟ آه وكتاب الله، لقد صنعوا هناك تاريخًا وتأثيرًا فى العالم بهؤلاء وغيرهم، بل بالهامبرجر والبيبسى، تعرف ليه؟ علشان مكانش عندهم مثقفون زيادة عن اللازم، ولا حمقى فوق المألوف علشان يفطَّسوا فيهم، ويقولوا ده (ميكى) مُجرَّد فار، و(بطوط) مُجرَّد بطة كسلانة، و(سوبر مان) هجص في هلس، والهامبرجر حِمى، زى ما إعلامنا مُمكن يدمَّر أي حاجة تعمل لنا اعتبار، أو قوة ناعمة!

البطل هو رمز يا سادة، والرمز مُمكن يكون فيه مُبالغات، وحكايات طويلة عريضة عن بطولات ربما لا يكون لها أساس من الصحة، وقد يكون أساسها موجود، صغنن شويتين، ويتم البناء عليه لصناعة بطل وهذا ليس عيبًا، طيب والنبى هو فيه هجص أكتر من (سوبر مان) يعنى؟!

طيب لو كان الأستاذ (يوسف زيدان) أو الزميل الفاضل الأستاذ (إبراهيم عيسى) أمريكان؟ هل كانوا هيطلعوا يسبوا في (سوبر مان) ويقولوا إنه شخصية خيالية، مصنوعة من الخيال لإيهام الناس إن عندهم أبطال؟ بينما عيب عليها لما يكون عندها أجنحة زى الستات في أوقات الإحراج، هل كان (زيدان) هيطلع يقول عليه شخصية واطية زى ما قال على (صلاح الدين الأيوبى)؟!

واللا (إبراهيم عيسى) كان هيتفرَّغ للحديث عن إنه بعت فراخ لـ(ريتشارد قلب الأسد) زى ما قال على (صلاح الدين الأيوبى) برضو؟ هو إيه حكاية الحملة على (صلاح الدين الأيوبى) دى صحيح؟ إحنا نخلص من الحملات الصليبية، يطلعولنا في الحملات اللولبية؟!

من حقنا يكون عندنا أبطال، مش معقول كل بطل يطلَّعوا فيه القطط الفاطسة، (جمال عبد الناصر) مستبد، (السادات) كان بيشرب بايب، (أبو تريكة) إخوانى، (عادل إمام) بيحب النسوان، (سعاد حسنى) كانت مش عارف إيه.. الله يخرب بيوتكم، إن فن صناعة البطل ـ من العدم ـ موجود في العالم كُله، فما بالك لما يكون للبطل عندنا أساس، ونبنى عليه تانى، علشان يكون عندنا قوة ناعمة نؤثر بها على العالم، لا أن نكون ملطشة لكل واحد عايز يفرد عضلات كرشه علينا!

يقول (عيسى) أن (صلاح الدين) لم يعالج (ريتشارد قلب الأسد)، لكنه أرسل له 12 فرخة علشان كان مريضا ومعندوش فراخ، يا سيدى ماهو إنت لازم تقول لنا مصير شوربة الفراخ دى اتعمل عليها لسان عصفور واللا ملوخية؟ طيب أكيد الراجل شفى بعدها وبقى زى الحصان، وبكدة يبقى فعلًا (صلاح الدين) عالجه، هو لازم العلاج يكون (كونجستال) و(سيبتازول)؟ يا عم والمصحف ما كان على أيامهم كدة!

بجد الموضوع فعلًا مؤسف، لقد عشنا نضرب الأمثال ببطولة ونُبل وفروسية (صلاح الدين الأيوبى) كعربى مُتحضر، ومُحارب شريف حرص على مد يد العون لعدوه في قلب المعركة حينما أصيب بالمرض، لم نتداول هذا على سبيل الفشخرة الكذابة حتى وإن كان حق لنا، لكن على سبيل غرس قيم وأصول في صدور صغارنا، لا رخص وخسة كما يحدُث حاليًا من إعلامنا ومسلسلاتنا وأفلامنا، بعد أن تحولت قوتنا الناعمة ـ فنيًا وسياسيًا وإعلاميًا ـ لقوة سنجة وسيف (عبده موتة) و(الأسطورة)!

إن فن صناعة البطل والقدوة مُهم، وكتاب الله مُهم، وحياة صيامى مُهم، من أجل البلد، والنشء، والتربية، والتعليم، وحتى فرض القانون، ومن ثم العدل، وأهم بكتير من الكلام الفارغ عن تفطيس الأبطال باصطياد أحداث تاريخية مسفهة أو كاذبة أو حتى صادقة، علشان في الآخر نعمل دماغنا بدماغ فرختين، أو نحُط نفسنا في مواجهة، أو بالأحرى في كفَّة قصاد كفَّة تانية فيها شوية شوربة أو ملوخية من غير شهقة.. والنبى اعقلوا يا جماعة ده إنتوا كبار!
الجريدة الرسمية