رئيس التحرير
عصام كامل

داعش يتجه غربا؟


تقرير مهم نشرته "لوفيجارو" الفرنسية، قالت فيه إن داعش يتجه غربا.. المقصود بـ"غربا".. هو غرب أفريقيا.. هناك البيئة خصبة، والحياة ملائمة بالنسبة للتنظيم على عكس مناطق العراق وسوريا التي انقلبت إلى جحيم أخيرا.


الاستراتيجية الجديدة لداعش كما تقول تقارير أوروبية تسمى"نقطة الحبر".. تعنى نقطة الحبر، الانتشار المستمر.. والبطىء، مثل نقطة الحبر على الورق النشاف.. في غرب أفريقيا، فرصة ملائمة لعناصر تنظيم الدولة، بالتنسيق مع جماعات شبيهة في الفكر والاعتقاد، من أول بوكوحرام في نيجيريا.. وانتهاء الخلايا إسلامية متحالفة مبايعة لبوكوحرام.

لماذا غرب أفريقيا ؟
الإجابة لها أكثر من وجه.. أولهم الفقر والمرض والإسلام، في غرب أفريقيا ينتشر إسلام الجهاد على نطاق واسع. مفهوم الجهاد وحتميته في الفهم الإسلامي هناك، أسهل تمهيد لإعادة تموضع داعش حسب الخريطة الجديدة، وطبقًا للمستجدات.

ليبيا لن تكون بعيدة عن بؤرة انتقال داعش نحو أفريقيا.. أكثر من صحيفة أوروبية نشرت بعد حادث مانشسر تقارير عن مدربين من داعش تنقلوا بين ليبيا وتشاد ومالى ونيجيريا.. هناك دربوا شباب الإسلاميين على حمل السلاح، وعلى استخدام ذخائر متطورة.. وعلموهم صناعة المتفجرات بحرفية عالية.

المعنى أن نطاق عمل الإرهاب يتغير.. فكرة القضاء على داعش في العراق والشام تمامًا صعبة التصديق، خاصة أن الواقع لم يعرف القضاء على تنظيم عقيدى مثل داعش بالطائرات أو الجيوش من قبل.

العائدون من العراق والشام من المنتمين لداعش أزمة قادمة أيضًا.. أغلب الناجين العرب من جحيم الطائرات الروسية في سوريا، سيعودون لبلادهم، ويعيدون تنظيم خلايا، تعمل من جديد باستراتيجيات مختلفة.

الأعوام الماضية شهدت أوروبا عمليات الذئاب المنفردة، التي كانت طريقة جديدة للعمل لا كانت معروفة، ولا مطروحة قبل أربع سنوات فاتت.

مع عودتهم لبلادهم لابد ستظهر طرق أخرى للقتل، وأساليب أكثر تطورا وحداثة لإراقة مزيد من دماء الأبرياء.. أوروبا التفتت بعد ضربات قاسية.. المتوقع ضربات أخرى أكثر قسوة، لأهداف مركزة.

البلدان العربية هي الأخرى هدف مهم في مرمى داعش الفترة المقبلة.. مصر على رأس القائمة.. الشواهد كلها تدعم تلك الفكرة.. مصر على رأس القائمة، والحل ليس في الدفاع عن النفس بقدر ما يستلزم المبادرة بالهجوم.

لماذا هذا الكلام الآن ؟
هذا الكلام مناسبته تأخر تشكيل المجلس القومى للإرهاب.. المجلس الذي أعلن عنه الرئيس قبل شهرين، لم يظهر على أرض الواقع للآن، بينما الوضع في حاجة فورية إلى تشكيل المجلس، وبدء العمل.

أهم ما في المجلس القومى هذا، أنه سيعمل وفق منظومة متكاملة بين أكثر من جهاز في الدولة، وفى إطار خطة للقضاء على الإرهاب.. المجلس، كما عرفنا لن يكون ذا مهمة أمنية.. مهمة المجلس مفترض أنها استراتيجية عامة.

الحرب ضد الإرهاب مستمرة، لأن الإرهاب لن ينتهى الآن.. الإرهاب نابه أزرق، وفى مصر أو في أفريقيا بيئات صالحة للتطرف، والمتطرفين.. ليس مهمًا أن نعرف أن الأغلبية في بلادنا ليسوا متطرفين، لكن الأهم أن نصل إلى كيفية التعامل مع الأقلية المتطرفين، وفق خطة تضمن عدم وصولهم للسلاح، ولا التدرب عليه.

مفترض أن أولى مهام المجلس القومى لمكافحة الإرهاب دراسة سبل منع المتطرف من الوصول للسلاح.. ومنع التطرف من الوصول إلى شباب سهل خداعهم، وسهل "شنكلتهم" باسم الدين.. فقط عليه أن يعمل.. فما الذي يمنع تشكيل المجلس القومى لمكافحة الإرهاب للآن ؟!
لعله خير.
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan

الجريدة الرسمية