رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام المصري في إجازة!


الإعلام المصرى حصل على إجازة لمدة شهر، وكأن المذيعين وأصحاب القنوات شياطين.. يتم سلسلتهم طوال رمضان، لا حديث إلا عن الدراما، من يحصل على المسلسلات الأكثر مشاهدة لأنها تضم كبار النجوم؟ ومن يشترى أعمالا حصرية حتى يحظى بالنصيب الأكبر من تورتة الإعلانات؟ ومن يتربص بمن، حتى يعرض أعماله قبل الآخرين بدقائق؟ لن نكون مثاليين ونقول مثلما يقول الجميع.. رمضان شهر العبادة، لكن الواقع يحتم علينا أن نتعاطى مع الظرف السياسي الذي تعيشه مصر بشكل مختلف، أغلب المذيعين حصلوا على إجازات في شهر رمضان، وتركوا الشاشة مجبرين أو (طواعية) للأعمال الدرامية، وأظن أنهم اعتبروا الكلام في السياسة حراما في شهر الصوم.


كاذب من يدعي أن البيزنس ليس عنصرًا مهمًا في صناعة الإعلام.. لكن هذا لا يعنى أن نترك المشاهد فريسة للجزيرة وأخواتها. 

كثيرون انصرفوا إلى هذه القنوات ليقتربوا من الأحداث، وكانت غيبة السياسة عن القنوات المصرية فرصة.. اغتنمتها الجزيرة لتملى على المشاهد ما تريد، أصحاب القنوات الخاصة وكثير من المذيعين حصلوا على إجازة من الوطنية التي صدعونا بها! حادث المنيا الإرهابى لاكتة الجزيرة على ألسنة ضيوفها بالشكل الذي رأته مناسبًا للتشكيك في الأمن المصرى وطلعات نسور الجو المصريين لضرب معاقل الإرهاب في ليبيا، اتخذته قطر من خلال قنواتها للإساءة إلى مصر قيادة وشعبًا، إعلامنا الخاص يستر عورات أصحاب القنوات ويدافع عنهم أكثر من دفاعه عن أي قرار مصرى في مصلحة الوطن، ورغم أننا ارتضينا أن يكون الإعلام المصرى رد فعل فقط.. إلا أن رد الفعل نفسه لم يعد موجودًا وكأن أعداء الاستقرار في مصر أخذوا هم أيضًا إجازة في شهر رمضان.

غياب السياسة ومتابعة الأحداث المهمة في الإعلام المصرى بسبب سبوبة الدراما جعلتنا نعيد طرح السؤال: وأين إعلام الدولة ؟ أين ماسبيرو بكوادره واستوديوهاته المجهزة على أحدث مستوى؟ الجزيرة والجزيرة مباشر هما لسان قطر، تقول ما تشاء من خلاله، تعتدى به على الآخرين وتدافع به عن نفسها.

والعربية والحدث.. هما لسان المملكة العربية السعودية، تخاطب هي الأخرى من خلاله العالم وتطرح ما يحلو لها من وجهات نظر، وسكاى نيوز هي لسان دولة الإمارات والدرع الإعلامية الواقية لها من أي هجوم يسعى للنيل منها.

أين إذا لسان مصر؟! مصر التي علمت العالم العربى الإعلام وقادته طوال العقود الماضية، غاب إعلامها وتحول بعضه إلى بيزنس ينطق بلسان مالكيه، تلك العشوائية الإعلامية جعلتنا ننظر تحت أقدامنا وأبعدتنا عن وضع استراتيجية إعلامية تتبناها الدولة وتنفق عليها حتى تنأى بنفسها عن الهوى الشخصى لأصحاب القنوات.

أين قناة النيل للأخبار التي كانت المشروع الأنجح والتي نافست الجزيرة في فترة من الفترات واستقطبت القطاع الأكبر من الجمهور المصرى والعربى؟! للأسف.. النيل للأخبار تحولت بفعل فاعل إلى عبء على الدولة وتحول الاستوديو الأفضل في الشرق الأوسط إلى شبه خرابة، حتى المسئولين انصرفوا عنها إلى قنوات أخرى ولم يفكروا يومًا في دعمها ولو معنويًا وأدبيا.

قنواتنا الخاصة وضعت (إم بى سى) نصب عينيها، وطالما سعت إلى منافستها لكنها فشلت، وتناسى الجميع أن للمملكة العربية السعودية لسانين إعلاميين هما العربية والحدث أما (إم بى سى) فأنشئت للترفيه ولأغراض أخرى.

أتمنى أن ينظر أصحاب القرار إلى قناة النيل للأخبار، ينفقون عليها ويعيدون بناءها لأن مصر في حاجة إليها خاصة في هذه المرحلة الحرجة ولا يعولون كثيرًا على القنوات الخاصة لأنها أنشئت لحماية أصحابها.
basher__hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية