رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هل تصلح مصر لتكون دولة صناعية؟!


أصبح العالم يتشكل مابين الشرق (مصنع العالم) والغرب المبدع للاختراعات والعلوم..أما الشرق الأوسط وأفريقيا فهم مصدر الخامات الرخيصة والأسواق الاستهلاكية.


لن نتحدث عن عوائق الاستثمار في مصر وإن كان قانون الاستثمار الجديد يواجه أغلبها، ولكنه لم يواجه الأزمة الأكبر، ألا وهي نظرة الموظف الحكومي والعامل إلى مالكي المصنع بصفتهم ناهبي قوته كما تربي في الثقافة الاشتراكية، في المناهج الدراسية عقب ثورة يوليو وحتى اليوم، وازدادت النعرة عقب ثورة يناير... ومازالت مناهجنا تري أن خطوة التأميم كانت صائبة، وهي الكابوس الذي يدفع المستثمر الداخلي والخارجي للاستثمار قصير الأجل، وهو لا ينطبق على الصناعة إضافة إلى نمط Shock economy الذي انتهجه رجال الأعمال في مصر، بعيدا عن الشركات الرسمية، ودمج الكيانات، مما جعل الاقتصاد المصري غير جاذب للاستثمارات الأجنبية.

تحدثنا في مقال سابق عن خطة الصين (مصنع العالم) منذ الثمانينيّات في تنمية مستدامة وتطوير القطاع العام (عكس نهج صندوق النقد الذي ينصح بالخصخصة) والانتقال الممنهج إلى السوق الحر من الاشتراكية المنغلقة بما حقق نتائج مذهلة، من خلال تحويل نمط النمو الاقتصادي القائم على الاستهلاك المحلي نحو القوى المحركة لدفع النمو المستمر، من خلال مفاهيم التنمية الخمسة (الابتكار والتناسق الأخضر والانفتاح والتمتع المشترك) لتحقيق طفرة اقتصادية بعيدا عن روشتات البنك الدولي وصندوق النقد..

ولكن يجب أن ندرك أن النظام الصيني استقر بأن خرج ٤٠٠ مليون مواطن من خط الفقر، ولكنه حافظ على عدم نشر ثقافة حقوق الإنسان والعمال تحديدا، لأن ذلك النهج مثل ميزة تنافسية للمستثمر، وهو ما يصعب تحقيقه في مصر.. إضافة إلى أن الصين تبوأت كثافة الإنتاج العالمي بما حقق خفض التكلفة للمنتج(مصنع العالم) لذا انتهجت أوروبا وأمريكا واليابان الإبداع والبحث العلمي، وخلق العلامات التجارية كأسلوب أسهل لقيادة الصناعة وتحقيق أقصى ربحية.. لذا فقد حدد كل طرف ميزته التنافسية، ولعل أكبر مثال للميزات التنافسية هو استئثار سويسرا بالبنوك والساعات فقط، وفرنسا بالموضة وألمانيا بالإبداع الصناعي.

الثورة الصناعية الرابعة على الأبواب، مع دخول الذكاء الصناعي والإنترنت في عالم صغير (العولمة) مع انتهاء فكرة المنتج المصنع في دولة واحدة وإنما التكامل.

يجب أن يدرك متخذو القرار أن تحديد هوية الاقتصاد والتركيز على الأولوية من خلال تحديد الميزة التنافسية، وأن ميزة مصر التنافسية لا تكمن في الصناعة، بعد سيطرة الشرق عليها منذ عقود، والاعتراف بأن نمط الصناعات في مصر كان بسبب حوافز في قوانين البيئة وسعر الطاقة والاعفاءات الضريبية.. وانما ميزة مصر التنافسية في السياحة وتطويرها.. حيث تنفرد بمميزات لا يملكها غيرها.. والصناعات اليدوية التراثية من خلال فكر المشروعات الصغيرة مع إمكانياتنا الهائلة في الموارد البشرية في الإبداع، الذي أصبح أعلي قيمة من الصناعة ذاتها، وهكذا يعمل الغرب..

والغريب أن مصر تمتلك من الإبداع والبحث العلمي ثروة طائلة خاصة في المصريين بالمهجر، ما بين ٨٦٠٠٠ عالم مصري، منهم ٤٢ يشغلون منصب رئيس جامعة في أهم جامعات عالمية، بالإضافة إلى ٨٥٠٠٠٠ خبير في العلوم التطبيقية، لتحتل مصر المركز الأول عالميا في هذا الصدد، رغم أن مصر تحتل المرتبة ١٣٩ في جودة التعليم بين ١٤٠ دول،ة لذا فالتعليم هو طوَّق النجاة واستقطاب العلماء إلى أرض الوطن.
Advertisements
الجريدة الرسمية