رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«رمضان» في شبرا مصر حاجة تانية!


كل عام والإنسانية كلها بخير، وخاصة المصريين الذين جعلوا من شهر رمضان مصريا بكل ما تحمله الكلمة، كان لى الحظ أن أحضر شهر رمضان في أكثر من بلد عربى، وبلا مبالغة فإننى أجزم بأنه شهر وكأنه اختراع مصرى، فلن ترى ما تراه في شوارع أي مكان في مصر سواء القاهرة والمدن الكبيرة أو حتى أي قرية أو نجع في آخر نجوع الصعيد، فلا يوجد أي مظاهر مما نراه في مصرنا في الدول العربية، الشىء الوحيد هو خلو الشوارع ساعة الإفطار فقط وعدا هذا لا شيء مما نراه ونعيشه وكثيرا ونستعد له قبلها أحيانا بأسابيع.


والأمر الثانى والأهم، أن مصر في رمضان صورة رائعة، ولكن هناك الأروع في شبرا مصر، فهى الأروع والأجمل والاعمق في رمضان مصر، وسأظل أكرر أن شبرا مصر هي مصر الحقيقية، وأحمد الله أننى كان لى شرف العيش فيها عشر سنوات في شبابى، ولكن الأهم كانت في طفولتى عندما كنت أقضى شهر رمضان في شبرا مصر مع أشقائى، وذلك في منتصف الستينيات. 

صور لم أدرك قيمتها ومعناها الحقيقى إلا عندما كبرت وصرت شابا وحاول الأغبياء شق الصف بين المصريين العنصر الواحد، في حارة علاء الدين التي تربط شارع ابن الرشيد بشارع أحمد باشا كمال، ومسجد مكارم الأخلاق، وكنيسة إسكندر حنا وشارع البعثة، وجرجس المكوجى، وعوض الله الحلاق، وعم عطية صاحب الفرن، وأشهر بياع فول عم لمعى، وطرشى عم عبده، وزحام التموين عند عم محمود البقال، ويزين كل هؤلاء الفوانيس والصلبان المضيئة بالليل. 

نعم الصلبان والهلال والفوانيس متشابكة معا، وكأنهم يعزفون لحن الوطن، لا يمكن أن أنسى هذه الأيام، لا أنسى ذهابى بعد الإفطار لعم عوض الله الحلاق لكى أسمع عنده مسلسل "موهوب وسلامة" لأنه يملك راديو كبير وكنا نستمتع بالمسلسل عنده، وبعده أذهب عند الأستاذ صبرى صديق، حتى نشاهد فوازير ثلاثى أضواء المسرح -(جورج -الضيف أحمد -سمير غانم)- ومسلسل العبقرى ليوسف وهبى، لم نكن نعرف ماذا يعنى مسلم أو مسيحى ولكن كنا أطفال أبناء تراب مصر..

وسبحان الله كان هذا في زمن لا يزال تجرى ذكرياته في خيالنا ودمنا، وبه نواجه كل دعاوى التخلف ومحاولات شق الصف المصرى، وحتما ستفشل كما فشلت من قبل محاولات الاستعمار وأعوانهم، كان اللورد كرومر المندوب الإنجليزي في مصر في أوائل القرن العشرين يكتب إلى حكومته: لا أحد يستطيع التفريق بين المسلم والمسيحى إلا يوم الجمعة من يخرج من المساجد فهو المسلم، والأحد من يخرج من الكنيسة فهو مسيحى، والحقيقة فشلت في الإيقاع بينهم!

هذا الكلام منذ أكثر من مائة عام وفشل الاستعمار، في حين المحاولات التي تحاول هذه الأيام بأيدي تدعى تدينها وهم أبعد عن الدين، وأذكر هنا قصة للواء حاتم عبد اللطيف أحد أبطال القوات المسلحة في حرب العاشر من رمضان -السادس من أكتوبر، كان قائد سرية واجتمع معهم وأبلغهم بقرار الحرب والتفوا معا لقراءة الفاتحة، فإذا بمخائيل جرجس يقول: على صوتك يا حضرة الضابط علشان نقول سوا!
بعد قراءة الفاتحة نادي النقيب حاتم عبداللطيف -وقتها كان نقيبا-
وسأل ميخائيل: لماذا لم تقرأ شيئا من الإنجيل!؟
أجاب ميخائيل: هو العدو هيفرق معاه مسلم ولا مسيحى.. واحنا بنحارب علشان مسلم أو مسيحى؟ احنا كلنا بنحارب علشان العلم ده!

مشيرا إلى علم مصر..
كل سنة وكل مصرى طيب ويتعانق الهلال والصليب كما كان وسيظل للأبد إن شاء الله... ورمضان كريم لجرجس قبل محمد.. وتحيا مصر!
Advertisements
الجريدة الرسمية