رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ابنة أسامة أنور عكاشة في الذكرى السابعة لرحيله: هناك جهات حاربت أعمال والدي

فيتو

  • لا أرى من الكتاب الجدد خليفة لوالدي 
  • لم يكن له أعداء بشكل صريح 
  • حب الجمهور لوالدي منحه التكريم المنتظر
  • حرص والدي على إذاعة أعماله في رمضان كان يحرمنا منه 
  • والدي كان يرفض الإفطار خارج المنزل باستثناء إفطار الأسرة المسيحية 
  • رمضان 2009 كان الأصعب لأنه لم يكن قادرا على مشاهدة مسلسل «المصراوية»
  • وقت عرض مسلسلاته كنا نشعر أننا نصلي في مسجد 
  • والدي كان من عشاق الأكلات المصرية 
فنان مصري، لقبه محبوه بساحر الدراما المصرية، تحول في حياة الجمهور لواحد من أساسيات واقعهم كما أنه جزء من مستقبلهم وتاريخهم، كون ثنائيا لن يتكرر مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ، كتب اسمه بحروف من ذهب في عالم الدراما الاجتماعية والإنسانية، صنع من أبطال أعماله رموزا لمعاني الخير والحب والأخلاق، استطاع من خلال كتاباته أن يلمس تفاصيل المجتمع المصري، منح جزءا من روحه لكل عمل من تأليفه، عندما تشاهد أعماله تشعر أنك تعيش واقعا، تتألم وتضحك وتكبر مع أبطال رواياته، ولم يكتف بذلك بل جعلك تتوقع أن ترى أبطال رواياته عندما تسير في شوارع المحروسة، إنه الكاتب «أسامة أنور عكاشة»، الذي تحل ذكرى وفاته السابعة اليوم الأحد ثاني أيام شهر رمضان، وكأن الشهر الكريم أراد أن يحيي ذكراه على طريقته الخاصة باعتباره واحدا من أقرب أصدقائه.

وقررنا نحن أيضا، أن نستغل علاقة هذا العبقري بشهر رمضان، في اختراق بعض جوانب عالمه الخاص؛ فكان لنا هذا الحوار مع ابنته الإعلامية «نسرين عكاشة».

* في البداية.. كيف كان يقضي والدك يومه في شهر رمضان؟
كان والدي يقضي معظم أوقاته داخل مكتبه لكتابة الحلقات الأخيرة من أعماله التي أذيع معظمها في رمضان، أو في أماكن التصوير لمتابعة تصوير مسلسلاته؛ فحرصه على إذاعة أعماله في هذا الشهر كان يحرمنا منه في كثير من الأوقات، لكنه كان حريصا كذلك على العودة للمنزل قبل موعد الإفطار بساعة كي يجلس معنا في هذه اللحظات الأسرية.

* هل كان والدك حريصا على متابعة أعماله في التليفزيون أم أنه كان يكتفي بمتابعة أعمال التصوير فقط؟
في الساعة الثامنة من كل يوم في شهر رمضان، يكون موعد لقائنا الثاني بوالدي؛ فبعد اجتماعنا به على مائدة الإفطار، يختفي في حجرته ثم يعود ويجلس معنا في توقيت عرض مسلسله، وفي هذه الساعة التي يعرض خلالها المسلسل، يسود الصمت والهدوء والتركيز على وجوهنا جميعا وكأننا في مسجد للصلاة أو نخوض اختبارا صعبا مدته ساعة هي مدة عرض الحلقة.

* وما هو أسعد وأصعب رمضان مر على والدك؟
شهر رمضان كان أحد أسباب السعادة لدى والدي بشكل عام؛ فهو الشهر الشاهد على نجاحاته وتكريماته، ولكن كان لشهر رمضان في عام 1997 فرحة مختلفة، لأن هذا العام كان شاهدا على نجاح مسلسل "زيزينيا" أقرب الأعمال لقلب والدي.
أما أصعب رمضان مر على والدي؛ فكان آخر رمضان له معنا في عام 2009، عندما عرض الجزء الثاني من مسلسله "المصراوية"؛ فكان يشعر بالحزن الشديد لعدم مقدرته على مشاركتنا في لحظة الإفطار ومشاهدة مسلسله بسبب ظروفه المرضية التي كانت تلزمه الفراش في معظم الأوقات.

* وماذا عن العزومات في حياة والدك؟ وما هي الأكلات التي كان يفضل وجودها على مائدة الإفطار؟
والدي كان يرفض الإفطار خارج المنزل في معظم الأوقات، وكان لا يكسر هذه القاعدة إلا في العزومات ذات القيمة من وجهة نظره، كإفطار الأسرة المسيحية.
وفيما يتعلق بالأطعمة التي كان يحبها والدي فهي كثيرة لأنه كان من عشاق الأطعمة ذات الطابع المصري كالمحشي والملوخية والرقاق.

*ومن هي الشخصيات التي حرص والدك على أن يكون أول المهنئين لها في الشهر الكريم؟
كان والدي يحرص كل عام على تهنئة أصدقائه المقربين من الوسط الفني كالمخرج إسماعيل عبد الحافظ والمخرج محمد فاضل وزوجته الفنانة فردوس عبد الحميد، كما أنه كان يحرص على تهنئة معظم فريق عمل مسلسلاته، إلى جانب أصدقائه الذين يشاركون في السباق الرمضاني كالفنان يحيى الفخراني.

* ما هي أكثر المواقف التي تتذكرى بها والدك؟
والدي كان شخصية متفردة وصاحب كاريزما، لذلك لا يمكنني حصر المواقف التي أتذكره بها، لكنني لا أستطيع نسيان الحالة النفسية التي كان يعيشها إذا فقد إنسانا غاليا عليه؛ ففي هذه المواقف كنا نرى انسانيته في انطوائه على نفسه.
كما أنني لا أنسى تواضعه في التعامل مع الناس؛ فكان مثالا حيا لابن البلد الذي يتمتع بالتواضع والإنسانية، وكان يشعر بقمة السعادة إذا تعرف عليه الناس في الشارع وعبروا عن حبهم له.

* على مدى مشوار والدك الفني.. من هي أكثر الشخصيات قربا ودعما له من داخل الوسط الفني ومن خارجه؟
بالطبع المخرج إسماعيل عبدالحافظ؛ فقد كان بينهم حالة تواصل وتفاهم لم ارها في غيرهم. كما أنه كان يحكى لنا عن تأثره الشديد بمعلم اللغة العربية في مرحلة الثانوية والذي كان دائما يشجعه على الكتابة، ولم ينسى فضل الكاتب عبدالقادر القط، الذي قدم له كل عناصر التشجيع، واقتنع بموهبته قبل الشهرة، كذلك الموسيقار عمار الشريعي، كان من أشد المقربين لوالدي فهما أبعدت بينهم الظروف عندما يجتمعان تشعر أنهم لم يفترقا.
ومن خارج الوسط الفني، تعتبر زوجة والده هي أكثر الشخصيات دعما له؛ فقد رحلت والدته وهو في السادسة من عمره وكان شديد التعلق بها فدخل في حالة من الحزن والاكتئاب إلى أن تزوج والده من سيدة أخرى استطاعت أن تحتويه وتدعمه حتى شعر بأنها والدته الثانية، فكانت حريصة على أن يصبح ابن زوجها في أحسن المراتب.

* أسامة أنور عكاشة كان كاتبا في عصر يعاني من نقص الحرية وصعوبة التعبير عن الرأي.. هل هذا تسبب في عدم خروج بعض كتاباته للنور؟
بالطبع، في أوقات كثيرة، كانت هناك جهات تمنع أعماله من الخروج للنور، ولكن بطرق مختلفة؛ فهناك أعمال كانت تمنع رقابيًا كفيلم "الاسكندراني"، وهناك أعمال أخرى كانت تمنع من الخروج للنور من خلال تهميشها وعدم منحها حقها من الجانب الإنتاجي أو الدعائي، هذا إلى جانب بعض الأعمال، التي خرجت للنور بعد أن منعت مسرحية "الناس اللي في الثالث"؛ فأنا أتذكر فرحته بعرض هذه المسرحية؛ فقد شعر بأن حقه عاد.

* وما هي أكثر قضية كان يهتم أسامة أنور عكاشة بمناقشاتها من خلال كتاباته؟
والدي كان دائم الانشغال بالمواطن المصري، فقد تأثر بزياراته لمعظم محافظات مصر خلال طفولته، واختزن بداخله فكرة حاول التعبير عنها في كل أعماله وهي المصري الأصيل بجذوره وسماته.

* هل كان لأسامة أنور عكاشة أعداء ومنافسون بشكل صريح؟
شخصية والدي كانت لا تسمح بالعداء مع أحد، لكنه كان دائم الاختلاف في وجهات النظر مع الآخرين، وأذكر أن والدي كان يدخل في نقاشات حادة مع أقرب أصدقائه بسبب إعلانه لرفض فكرة الوحدة العربية، لكن على الرغم من ذلك لم يحدث أن وصل حد الخلاف إلى المقاطعة أو التشاجر، وإنما كان ينهي النقاش بنفس الود والتقدير، وفي اعتقادي أن الأشخاص الذين كانوا يهاجمون والدي كانوا يبحثون عن شهرة سريعة.

* هل ترين خليفة لوالدك في أحد الكتاب الشباب؟
لا أرى خليفة لوالدي وإنما أرى في بعضهم ملامح من "أسامة أنور عكاشة"، وأذكر عندما كان يسأل والدي هذا السؤال، كان يجيب بأنه "لا يوجد أحد خليفة لأحد فلكل شخص طريقته وأسلوبه الذي يميزه، كما أن اختلاف الأجيال يجعلني لا أرى نفسي في أحدهم ويكفيني أن أساعدهم وأشجعهم".

* وفي رأيك، هل حصل والدك على حقه كرمز من الرموز المهمة في مجاله؟
بعد وفاة والدي، كنت أتحدث كثيرًا عن عدم تقدير الدولة للقامات الكبرى، وأن اهتمام وسائل الإعلام يقتصر على العزاء والجنازة، لكنني بعد ذلك تذكرت ما كان يقوله والدي حول أن النسيان هو طبيعة الحياة، وأن النجاح ليس في تقدير الدولة وإنما في تقدير الجمهور.

*ما هي آخر أمنيات "أسامة أنور عكاشة" قبل وفاته؟
كان يحلم بالاطمئنان على أبنائه وأحفاده. كما أنه كان يأمل في رؤية مصر في أفضل حال وكان يحاول الحديث عن الصورة المستشرقة التي تنتظرها مصر في معظم أعماله الأخيرة، ولكنه كان قلقا بشأن الدراما المصرية، وهو ما كان يدفعه لتنبيه الجميع للعوامل المؤثرة بشكل سلبي على الدراما المصرية وما يواجهها من مخاطر.

* أي من أصدقاء والدك يحرص على التواصل معكم حتى الآن؟
عائلة المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ على تواصل معنا حتى الآن؛ وهم معنا في معظم الأوقات المهمة. وكذلك الكاتب كرم النجار، والسيناريست مجدي صابر والمخرج محمد فاضل والفنانة فردوس عبد الحميد.

*وما هي الرسالة التي تودين توجيهها لوالدك في ذكرى وفاته السابعة؟
"عايزة أقوله كلام كتير أنت وحشتني قوي يا بابا وبوعدك أنه أنا وأخواتي هنعمل كل اللي نقدر عليه عشان نحافظ على تاريخك المشرف، وأحب أقول كمان أنه في وقت من الأوقات كنت خايفة أن الناس تنسى بابا، لكن في كل مرة بتأكد أنك بقيت جزءا من تاريخ مصر بأعمالك فات سبع سنين على وفاتك ولسه الجمهور والإعلام فاكرك وفاكر أعمالك ولسه قادر تخطفهم بروحك وهما بيتفرجوا على مسلسلاتك".
Advertisements
الجريدة الرسمية