رئيس التحرير
عصام كامل

بريطانيا وطباخ السم !


حتى فجر اليوم الثلاثاء، تردد في لندن كلام شبه مؤكد أن الشرطة البريطانية حذرت قبل الحادث بساعات عن تفجير قريب من المنطقة التي جرى فيها التفجير بالفعل، ثم تكشف أن سبب التحذير كان جهاز تفجير متطور تم العثور عليه بالقرب من المنطقة، وهذا يكشف وفقًا لذلك سر القنبلة الثانية التي لم تنفجر لغياب المفجر الذي كان بحوزة الشرطة التي عثرت عليه !


بعدها بقليل قيل إن كومة من الملابس القديمة عثرت عليها الشرطة فظنت أنها متفجرات فقامت بالتحذير السابق حتى جاءت رواية التفجير الانتحاري، وأنه لا صحة لكل ذلك فلا قنابل ولا أجهزة تحكم من بعد، وأن معلومة التفجير الانتحاري جاءت من الأمريكان المهتمين بالحادث، ليس لأنهم حلفاء بريطانيا فحسب وإنما لأنهم حلفاء "أريانا" المطربة التي كانت تحيي الحفل بــ "مانشيستر"!

القصص السابقة كلها منفردة ومجتمعة تفتح باب التساؤلات واسعا، أولها كيف لجهاز أمني يقول إنه أعرق أجهزة الأمن في العالم لم يستقر على رواية واحدة لحادث خطير رغم مرور ساعات عليه؟ وإن صحت الرواية الأولى فكيف تركت الشرطة البريطانية حفلا كهذا يتم وكأن شيئا لم يكن؟ وإن لم يصح فلماذا وتحت أي داع حذرت الشرطة البريطانية مواطنيها؟ وإن صحت الرواية أمريكية فكيف تعرف أمريكا تفاصيل ما يجري في بريطانيا بهذه الدقة وتلك السرعة؟ وكيف يدخل إرهابيا انتحاريا بمتفجراته إلى احتفال كبير كهذا؟ وإن صحت رواية الملابس القديمة فكيف تسرعت شرطة عريقة والاعتقاد أن كومة الملابس متفجرة؟ وأين أجهزتها الحديثة ليس في كشف المتفجرات بل في التعامل معها؟ وإن كانت الكومة وهمية فمن أين جاء الانفجار؟!

عشرات الأسئلة التي لا تنتهي وحتى العثور على إجابات تبقى الحقيقة المؤكدة وهي أن أغلب إن لم يكن كل التنظيمات الإرهابية في العالم تجد المأوى في بريطانيا ولا يتجرأ تنظيم واحد على فعل كهذا.. فلا اتصال إلى الخارج ولا جنيه واحد ولا زائر واحد يمكن أن يمر إلى هؤلاء أو منهم إلا إن عرف جهاز الأمن البريطاني "إم إي 6"..

وهذا يدفع للسؤال: هل هناك تنظيم إرهابي خارج هذه الدائرة هو الفاعل؟ وماذا يريدون منه إذن؟ أم أن سببًا غير إرهابي وراء الحادث؟ ما السبب الذي يدعو لتأديب بريطانيا؟ أم أن الأجهزة والجهات الأخرى التى تريد استمرار حالة التفجيرات المرعبة في أوروبا؟ حتى السؤال الأخير يتفرع منه سؤال آخر: من يريد إبقاء الاستنفار في أوروبا؟ ولماذا؟ وما الهدف الأخير لكل ذلك؟ هل هو تجهيز الجيوش لضرب بلد ما؟ أو الانطلاق للبقاء عسكريًا بالقرب من منطقة ما؟ لا أحد يعرف صراحة كل ما نعرفه هو صحة مثلنا العربي الشهير "طباخ السم يتذوقه" ومن حق الشعب البريطاني أن ينتفض ليسأل حكامه عن أمواله التي تنفق بغير حق على عدد كبير من مجرمي وإرهابيي العالم !!
الجريدة الرسمية