رئيس التحرير
عصام كامل

«حكاوي المثقفين».. بيرم التونسي يحرق خطابات «العقاد» من أجل «بصلة»

 بيرم التونسي
بيرم التونسي

اشتهر الشاعر بيرم التونسي، بمقولته عن الجوع، فكان يقول: "الجوع ثلاثة أدوار، الأول يشتهي فيه الجائع كل شئ حتى الحشائش وأوراق الشجر، والثاني مغص والتواء في الأمعاء، والثالث غيبوبة وأحلام وهذيان".


وقد عانى بيرم من الجوع كثيرًا فترة إقامته في فرنسا، حيث كان يعتمد ماديًا على أجرته في جريدة مصرية، حيث كان يرسل رئيس تحرير الجريدة أموال بيرم إليه في فرنسا بشكل أسبوعي، ثم صار يتأخر فيرسلها كل ثلاثة أسابيع، وكان بيرم لايستطيع الأكل خلال تلك الأسابيع سوى مرتين أو ثلاثة فقط.

وفي أحد الأيام التي كان ينتظر فيها بيرم الفرج، وقد أصابه الجوع بالإعياء فصار يشعر ببرد باريس أكثر مما هو في الحقيقة، لخلو جسده من الطعام.

يحكي بيرم: "في إحدى الليالي، عدت إلى الحجرة فخيل إلى أن البرد فيها أقسى منه في الشارع، وأوحى إلى الهذيان أن استعمل القاعدة المشهورة "الحاجة أم الإختراع"، فصرت ألمس بيدي الفراش فأجده طريًا فأحسب أن حشوه يصلح للغذاء، هل أبيع البطانية؟ ولكن أين هو المشتري في تلك الساعة؟.. بحثت في كل مكان، قلبت كل وسادة لعلني أجد تحتها قطعة من الخبز، قلبت "الكنبة" بحركة عنيفة كالمجنون فلاحت لي بصلة تلمع قشرتها الذهبية تحت النور، والبصل لذيذ إذا شوي في النار، ولكن لا أملك الوقود ولا الثقاب.

أعددت الوقود من المواد الآتية: "قاموس عربي وفرنسي، ديوان "أبي العتاهية"، عدة خطابات من الأصدقاء والعائلة".

ارتكزت البصلة العزيزة بين قصائد "أبي العتاهية" وخطابات سيد درويش وعباس محمود العقاد، وصعد اللهيب من الكانون يدفئ الحجرة وينيرها إلى أن احترقت جميع الأوراق، وبحثت عن البصلة فوجدتها قد سقطت من بدء اشتعال النار في أسفل الموقد، ولم ينضج منها غير ثوبها الخارجي".
الجريدة الرسمية