رئيس التحرير
عصام كامل

وحيد عبد المجيد: مصر في حالة موت سياسي.. والأحزاب ديكور.. المعارضة غير موجودة

فيتو

  • مصر في حالة موت سياسي.. والأحزاب ديكور.. المعارضة غير موجودة
  • الانتخابات الرئاسية القادمة افتراضية ونتائجها معروفة
  • لا توجد أي مقدمات لعدم ترشح السيسي
  • غياب المناخ السياسي يعرقل المنافسة الحقيقية في الانتخابات 
  • حذرت في انتخابات 2014 من الطريق المسدود 
لا يخفى على أحد، أن هناك حالة مكتومة من الغضب الشعبى الجارف، بسبب الظروف الاقتصادية الراهنة، وتسارع وتيرة الغلاء، وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية بشكل كامل، ولكن المصريين يدركون أن النظام الحالى ورث تركة مثقلة بالأعباء، فلم يشأ أن يثقلها بأعباء جديدة، ولكنه قرر أن يخوض عملية مُعقدة من الإصلاح، وإنقاذ ما أفسده الدهر، ربما لم يتمكن الرئيس من الوفاء بكل ما تعهد به، ولكنه لم يبخل بجهد، ولم يضنّ بنقطة عرق واحدة، ويعلم قبل غيره، أن أمامه مشوارا طويلا من العمل، كما يدرك قبل غيره، أن من انتخبوه رئيسا يترقبون منه الكثير، يتطلعون إلى استقرار لم يكتمل بعد، وإلى رفاهية في العيش، لن تتحقق قريبا، ولكنه يواصل مسيرته في هدوء، الرئيس لم يُبد تشبثا بالسلطة، في مؤتمر الشباب الأخير بالإسماعيلية شدد على ذلك، هو مهموم بإنقاذ وطن غارق في الديون والفساد.

ولكن هل لا يزال الرئيس السيسي هو مرشح الضرورة، هل فقد الرئيس جزءا من شعبيته، هل تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة تنافسا جادا وحقيقيا، وتقدم مصر للعالم تجربة متحضرة يتحاكى بها الركبان، هل من الذكاء أن يتناوب المستفيدون من الرئيس على إهانة كل من يفكر في الترشح.. هل لا يزال السيسي رئيسا مؤكدا، أم أن هناك رئيسا محتملا غيره؟ هذه الأسئلة وغيرها نحاول تلمس الإجابة عنها في سياق سلسلة حوارات أجرتها "فيتو".

الدكتور وحيد عبدالمجيد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، وضع رؤية شاملة لما يجري في المشهد السياسي الحالي، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وقال إن الحياة السياسية في مصر وصلت إلى مرحلة الموت، بعدما تحولت الأحزاب إلى "ديكور" وسط غياب المعارضة بشكل كامل، نتيجة غياب الرؤية والبرنامج المستقبلى لمصر.

وأضاف 
عبد المجيد في حوار لـ "فيتو" أن مصر لم يعد بها قوى سياسية يمكنها تقديم مرشح مدنى لمنافسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالتالى فالانتخابات القادمة ليست انتخابات بالمعني الصحيح، وطالب السيسي بوضع رؤية وبرنامج متكامل لحل مشكلات المجتمع المصرى وتغيير خطابه السياسي باستيعاب دروس المرحلة الأولى حتى لا نظل في الطريق المسدود.

- في البداية ما تصورك للانتخابات الرئاسية القادمة؟ وهل سيكون هناك تنافس أم ستكون أحادية المرشح؟
الحديث عن أي انتخابات في أي بلد في العالم لابد أن يتبعه نظرة للحياة السياسية، ونحن في مصر لا توجد لدينا حياة سياسية، وإنما الصحيح لدينا حالة من الموت السياسي خاصة في السنوات الأخيرة، فالأحزاب مجرد ديكور ومعظمها تحول إلى فرع من أفرع تنظيم واحد، كأنه اتحاد اشتراكى داخله أطراف متعددة بعضها يصفق للنظام.

المجال السياسي مغلق، ولا يوجد مناخ تنافسى أو تعدد للرؤى، وبالتالى غياب الحياة السياسية جعل الانتخابات أقرب إلى الاستفتاء لعدم وجود حد أدنى من الانفتاح السياسي والحرية المتعارف عليها في الدول المتقدمة ديمقراطيا، ومن هنا لا أتوقع أن تكون هناك انتخابات رئاسية حقيقية، وإنما ستكون روتينية نتائجها معروفة مسبقا.

-إذا كنت ترى أنه لا توجد انتخابات حقيقية فما الفرق بينها وبين انتخابات 2014؟
بالطبع هناك فرق بين انتخابات 2014 والانتخابات الرئاسية القادمة في 2018 في أمرين، الأول أن الحالة كانت مختلفة، فالحياة السياسية كانت بدأت تدخل مرحلة الموت أي لم تمت، والأمر الثانى وهو الأهم وهو أن هناك ظروفا تاريخية لتسجيل موقف يحفظه التاريخ يقول إن مصر بها بعض المصريين الذين نبهوا إلى أنه بدون برنامج واضح ورؤية مسبقة ستدخل مصر مرحلة خطرة.

نحن قدمنا برنامجا متكاملا ومتداولا كان يمكن أن ياخذ مصر لطريق مختلف بعيدا عن الطريق المسدود الذي وصلنا إليه الآن، فنحن نتعامل الآن بلا برنامج وبلا رؤية، وتدار الدولة بصورة عشوائية، وبالتالى اختيار الرئيس في 2014 كان نتيجة للمتغيرات السيئة وخوف المواطنين على البلد، جعلهم يفضلون رئيسا قويا يحافظ عليها.

- إذا كانت هذه رؤيتك فلماذا ترشح حمدين صباحي وكنت رئيس اللجنة التي أعدت برنامجه الانتخابى؟
حمدين وفريق العمل كله كان يدرك أن الفوز صعب، بل كنا ندرك أن قطاعا كبيرا من الشعب سيذهب لصناديق الانتخاب لتأييد الرئيس السيسي، في حين قاطع الشباب الصناديق، ولكن الترشح كان شهادة للتاريخ أن مصر لم تكن مغيبة العقل، وبها من وضع برنامجا ورؤية للنهوض، ولو أخذ الرئيس السيسي بنصف ما في هذا البرنامج لكانت الأوضاع أفضل من الآن.

نحن أردنا تسجيل موقف حتى لا يقال إن المصريين تصرفوا بدافع الخوف من المستقبل وتحقق هذا الهدف، والتاريخ خير حكم على ذلك.

-هل تعتقد أن القوى السياسية المدنية تستطيع تقديم مرشح رئاسى ينافس بشكل حقيقى في الانتخابات القادمة؟
طبعا لا.. الحياة السياسية ميتة، وما حدث خلال الأربع سنوات الماضية قضى على ما فيها من قوى سياسية، وبالتالى الانتخابات القادمة لن تكون انتخابات بالمعنى الحقيقي، وأفضل أن يطلق عليها انتخابات افتراضية.

نحن في بيئة سياسية لا تفرز انتخابات حقيقية، تتاح الفرصة فيها للأحزاب والقوى السياسية للتنافس في مناخ سياسي مفتوح، وهذا غير موجود بدليل أن انتخابات البرلمان لم تكن انتخابات حقيقية، وإنما قائمة تم تصميمها بشكل معين ومجلس يسوده صوت واحد يفتقد للتعدد والتنوع، ويسعى لتنفيذ مطالب السلطة التنفيذية.

-هل تتوقع مفاجآت في الانتخابات الرئاسية القادمة من وجهة نظرك أم تظل فرص فوز السيسي برئاسة ثانية مستمرة؟
في مثل هذه الأوضاع من الوارد حدوث مفاجآت، ولكننا لا يمكن أن نحدد ميعادا لحدوث ذلك، لأننا في وضع لا تحكمه رؤية على المستوى القريب أو البعيد، وحتى توقع صعود شخص أو آخر أمر صعب أيضا، في ظل المجال المغلق الذي تعيش فيه الحالة السياسية المصرية، من هنا يمكننى القول إن الوضع المجمد سيستمر وسيفوز السيسي بفترة رئاسة ثانية بشكل مؤكد.

-هل من الممكن أن يرفض الرئيس السيسي الترشح لفترة أخرى؟
لا أتوقع قيام الرئيس السيسي برفض الترشح لفترة رئاسة ثانية، لأن هذا الأمر لا توجد مقدمات تشير إليه، وبالتالى الأمر محسوم للرئيس السيسي، ولن تكون هناك أي منافسة حقيقية على الرئاسة، لأن كل الخطوات تسير في اتجاه أنه الرئيس لفترة رئاسية ثانية ما دام لم يتم تنشيط الحياة السياسية في مصر.

-هل الرئيس السيسي في حاجة إلى تغيير خطابه السياسي حال ترشحه لفترة أخرى؟
الخطاب السياسي هو شكل في النهاية، والأهم هو الفعل السياسي أي السياسات التي تطبق لصالح المواطنين، وعندما لا تحقق السياسات نجاحا يكون الخطاب للتبرير وشرح الأسباب، وعندما تأتى السياسات بنجاح يكون الخطاب، ولكن في كل الأحوال لابد من الابتعاد عن الخطاب الذي يلعب على العاطفة لدى الشعب المصرى.

على السيسي أن يعى الدرس جيدا، من خلال وضع برنامج متكامل ومفصل يطرح رؤية لمشكلات المجتمع بشكل عام، سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، على أن يتضمن البرنامج مجمل السياسات وإعادة النظر في جزء كبير منها، وأهمها ضرورة فتح المجال السياسي العام، لأن هذا سيؤدى إلى خلق حالة من النشاط والحيوية في المجتمع، يجعل المواطن يشارك بحماس في العمل والإنتاج، وبالتالى النظر إلى الحياة السياسية على أنها مجرد حقوق الإنسان، هي نظرة قاصرة لأنها تغفل الوضع القائم بانصراف الناس عن كل ما يتعلق بمشكلات المجتمع، وعجزهم عن المشاركة فيها.

-هل تعتقد أن يترشح الفريق أحمد شفيق مرة أخرى للرئاسة؟ وما فرص نجاحه؟
بغض النظر عن الأسماء المرشحة سواء كان شفيق أو حمدين أو أبوالفتوح.. المجال السياسي مغلق، ولا مجال لنجاح أحد إلا شخص الرئيس الحالى، وبالتالى لا اعتقد أن هناك شخصية قادرة على المغامرة بخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.. المرشح ليس مجرد شخص يقدم أوراق ترشحه، وإنما هو شخص موجود في الحياة السياسية، يفترض أن ينافس في الانتخابات، وهذه المنافسة غير موجودة وأى مرشح سيخوضها سيكون إدراكه محدودا لطبيعتها.

-هل تعتقد أن تيار الإسلام السياسي خاصة الإخوان يمكن أن يساندوا مرشحا بعينه في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
هذا الأمر غير وارد، لأنه حتى هذه اللحظة الإخوان انقسموا إلى مجموعتين: الأولى القيادات القديمة ويقودها محمود عزت، وتحاول العودة للساحة السياسية، ومجموعة أخرى اتجهت للعنف، وكلا المجموعتين تنظر للنظام الحالى على أنه نظام غير شرعى، وبالتالى مساندتهما لأى مرشح يعنى الاعتراف بشرعية النظام، وبالتالى المجموعتان لن يعطوا أتباعهم أي تعليمات بمساندة أي مرشح.

- كيف ترى أحاديث حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح وهشام جنينة عن الانتخابات الرئاسية؟
لم استمع لحديثي أبو الفتوح أو جنينة، أما حمدين فحديثه واقعى، ولكن بشكل عام من يفكر في خوض الانتخابات الرئاسية القادمة لا يعرف طبيعتها، لعدم توافر المقومات اللازمة لها في ظل حياة سياسية غير موجودة أصلا.

-حذرت في 2014 من أننا نسير في طريق مسدود فما مبررات هذا التحذير؟
-هذا صحيح.. كنت ممن توقعوا منذ البداية أننا نسير في طريق مسدود، لأن المقدمات تؤدى لنتائج، وأنا قلت إن بلدا بحجم مصر تسير بدون رؤية واضحة ومتكاملة وهذا خطر إذ كان يجب وضع برنامج شامل على النحو الذي طرحناه في 2014 يوضح كيفية التعامل مع الزراعة، ومشكلة الديون وسعر الصرف والفائدة، وبدون هذا البرنامج لن تتحقق أي نتائج إيجابية، وبالتالى سخر البعض منا خاصة أصحاب العقول الصغيرة، لكن اكتشفوا اليوم صحة تحذيرنا، وبالتالى عندما قلت إن مصر ستدخل إلى طريق مسدود بدون برنامج للمستقبل كان صحيحا، ومازلت أكرر نفس الأمر الآن بضرورة طرح رؤية مستقبلية تبنى على خطط تنفيذية تؤدى إلى نتائج ملموسة.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية