رئيس التحرير
عصام كامل

المطرب محمد عبده: لم أقدم أي أعمال باللهجة المصرية لأني لا أتقنها

فيتو

  • لم أقدم أي أعمال باللهجة المصرية لأني لا أتقنها
  • لم أرفض شهادة الدكتوراه الفخرية لكني لا أحب لقب "الدكتور"
  • مصر صاحبة الفضل على مشواري.. والمصريون "أهل الفكاهة"
  • ما تحققه كفنان في 10 سنوات تصل إليه بمصر في سنة واحدة
  • أعشق موسيقار الأجيال وبليغ حمدي كان صديق الموسيقى
  • المصريون طوروا الأغنية الخليجية والقاهرة محل ولادة ألبومي الجديد
  • "ابني من حقه يغني" لو امتلك الموهبة بشرط إكمال الدراسة

ثمة اتفاق بين الدول والشعوب العربية فيما بينها، ألا يتفقوا على أي شيء يندرج تحت مسمى "العرب"، فلا شيء موحد قد يجمعهم على طاولة واحدة، إلا واختلفوا عليه وأقاموا قيامته! أمر واحد فقط نفذ من تحت أيديهم واتفقوا جميعًا قبل اختياره على خصام السياسة، وإعادة مصالحة الفن، حتى اختاروا فنان العرب محمد عبده.

لا يمكن أن تكون أحد مواطني وطننا العربي الكبير، إلا وقد سمعت أغنية "الأماكن" وأحببتها، وصارت شعارك الرسمي لرثاء من رحلوا عن حياتك.. صارت بمثابة رماد مصابيحنا، الاسم نفسه الذي اختاره فنان العرب ليكون عنوان ألبومه الجديد "رماد المصابيح" الذي اختار القاهرة لتكون مقر تسجيله وانطلاقته الواسعة للعالم العربي ككل... "فيتو" التقت فنان العرب على هامش زيارته للقاهرة، وكان الحوار التالي:

* بداية.. تم منحك وسام الدكتوراه الفخرية.. فلماذا لم تحبذ لقب "الدكتور"؟
الألقاب ليست مجرد أسماء وكُنى يحملها الإنسان، إنما هي مسئولية لا بد أن يعمل بها، فالجمهور الذي يهديني لقب ما، لا بد أن أكون جديرا به وأستطيع رد جميله.. صحيح أني لم أحب أن تتم مناداتي بدكتور محمد عبده، لأنني شعرت بأن كتفي سيكون مثقلا بالألقاب غير المحصورة، وهو ما لا أستطيع تحمله ومجاراته.

وأريد أن أشير هنا إلى أننى لم أرفض شهادة الدكتوراه الفخرية، لكني قبلتها فعلا، ولكن طلبت من الجمهور ألا تتم مناداتي باللقب نفسه، لأنني أحب اسم "فنان العرب" وأعتبره بمثابة الوسام الأكبر في مسيرتي ومشواري الفني.

* لماذا لم تقدم أي أعمال باللهجة المصرية؟
ببساطة شديدة لأني لا أتقنها، فلو أني حاولت الغناء بها سأبدو كما لو أنني أقلدها، وأنا في حقيقة الأمر لا أجيد تقليد اللهجات على الإطلاق، فلا بد أن تخرج كلمات الأغاني التي أغنيها من قلبي، لأن الجمهور في غاية الذكاء ويستطيع كشف إذا كنت صادقًا في إحساسي بالأغنية أم لا.. والمهم في الأمر هو أن الجمهور وصلته أغنياتي وأحبها بالشاكلة التي أقدمها بها.. ولكن رغم كل شيء فأنا أهوى اللهجة المصرية.

ودائما ما أرى أن الله منحني موهبة وتمكن في إخراج الحروف ونطقها بشكل سليم، حتى يستطيع الجمهور فهمها بشكل سهل وصحيح في الوقت ذاته.

* ماذا تعني مصر لمحمد عبده؟
وطني الثاني، فلا يوجد عربي على الإطلاق لا يعشق مصر ويتمنى زيارتها، لأننا جميعا تربينا على فنها وثقافتها ولهجتها، التي أرى أنها ثاني أكثر اللهجات انتشارًا في العالم بعد اللغة الإنجليزية، فلا يوجد متحدث أو متعلم للعربية إلا وعليه التحدث باللهجة المصرية أولا، لأنها الأكثر شهرة وانتشارًا.. فما تستطيع تحقيقه كفنان في 10 سنوات، تستطيع الوصول إليه في مصر في سنة واحدة فقط.

وبعيدًا عن عشقي الفطري لمصر، فهي أيضًا صاحبة الفضل الكبير على مشواري الفني، حيث أعطتني الشهرة والانتشار الواسع في جميع أرجاء الوطن العربي، لذلك أحرص في الفترة الأخيرة على إقامة حفلات على أرضها، فمصر هي بلد الفن الأول في الوطن العربي، وهي حلم كل فنان عاشق للفن ولديه حلم للانطلاق، فهي هوليود الشرق وستبقى كذلك مهما حدث.

* هل تذكرك مصر بموقف معين مررت به؟
صحيح، أذكر جيدًا أنه أولى زياراتي لمصر كانت 1969، وتعرضت آنذاك لموقف طريف، ينم عن بساطة وفكاهة الشخصية المصرية، حيث جئت بهدف نشر فني والغناء بلون ولسان بلادي، وفي إحدى المرات كنت أتحدث لبعض المصريين، فاعتقدوا أنني لا أتحدث العربية من الأساس، لأنهم لم يستطيعوا فهم اللهجة السعودية.

* بحكم زياراتك المتتالية لمصر.. حدثنا عن اللقاءات التي جمعتك وأبرز نجوم الموسيقى والغناء المصريين؟
أرى أنني محظوظ جدًا، لمروري بجيل العمالقة الموسيقيين في مصر، فقد قابلت موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، كما عشقت الملحن الراحل بليغ حمدي، على المستويين الشخصي والموسيقي، لأنه ملحن فذ، ألحانه هي ولادة رأسه فقط، ولا يمكنه استعارة جملة موسيقية على الإطلاق.

* ما الأسباب التي دفعتك للتصريح بأن "بيروت لم تعد مهيأة للفن"؟
صحيح أني قلت ذلك، لكن هذا لا ينفي عشقي للبنان، فهي أكثر البلاد العربية روعة وجمالا، إلا أن أوضاعها الآن سواء من الناحية الفنية والسياسية لم تعد تهبنى الراحة النفسية ذاتها، لكي أغني وأخرج ما هو جديد، لذلك اتجهت إلى القاهرة، لكني أعد الجمهور اللبناني بالعودة إليه قريبًا فور استقامة الأوضاع، لأنه يوجد قاعدة جماهيرية عريضة لي في لبنان.

* ألبومك الجديد "رماد المصابيح" يضم أكثر الأنامل الموسيقية المصرية براعة.. فلم اخترت المصريين؟
لا شك أن الموسيقيين المصريين من أبرع عازفي الوطن العربي، ودائمًا أحرص على وجودهم لما يضيفونه من جديد.. لست أنا فقط وإنما يشارك العديد من العازفين والموسيقيين في عمل الألبومات الخليجية، وهو ما يتم منذ فترة طويلة بدأت على يد عمار الشريعي عندما طور الأغنية الخليجية في السبعينيات.

الأمر الثاني يتمثل في أن معظم مراحل أغاني الألبوم، تم تنفيذها في استوديوهات مدينة القاهرة، وما أدهشني هو أن تسجيل الأغاني تم في وقت قصير بجودة عالية، رغم كثرة الآلات وتنوعها، بدءا من مراحل التسجيل الأولى، مرورا بتسجيل العزف المنفرد.

* الملحن طلال اسم دائم الذكر في ألبوماتك.. فما السبب؟
الموسيقار طلال تجمعني به رحلة عمر تمتد لنحو 28 عاما، وصحيح أني أحرص على التعاون معه لأنه ملحن قوي، إضافة إلى أنه من أشد الموسيقيين حرصًا على إبراز الهوية الفنية السعودية، فطلال جعل الفن والأغنية السعودية جديرة على المنافسة في الساحة الموسيقية العربية ككل.
 
وأفضل ما أراه في طلال كملحن قوى، أنه يسعى دائمًا للتنوع والتجديد في إطار الهوية والتراث، كي لا يبتعد اللحن ويسير على درب الشطط، وهو ما يؤكده استمرار طلال كعلامة فارقة في التلحين الموسيقي طوال السنوات الماضية، فهو ينبوع موسيقى لا يجف.

* لماذا اخترت "رماد المصابيح" عنوانًا للألبوم؟
الاسم جديد وغير مستخدم، غير أنه لامس صميم قلبي، خاصة أنه اسم أغنية داخل الألبوم من كلمات الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن، وتتحدث الأغنية عن الذكريات والماضي التي تبدو كما المصابيح التي تنير في رأس الإنسان، ويبدو استذكار تلك المواقف من الذاكرة، ما هو إلا عملية استخراج للرماد من الرأس.

* أخيرًا.. هناك بعض الأحاديث حول رغبة ابنك في الغناء.. فهل ستسمح له؟
لو أنه حقًا يمتلك الموهبة وحب الفن، فلا مانع لدى من أن يتجه للطريق الفني وبدء مشواره الغنائي الخاص، لكن ذلك يأتي تحت شرط واحد فقط، وهو أن ينتهي من دراسته الجامعية أولا.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية