رئيس التحرير
عصام كامل

الكتاب على مائدة النواب


سعدت بشدة عندما قرأت مؤخرًا عن اهتمام مجلس الشعب بقضية الكتاب المدرسي، تلك القضية التي سبق من أسابيع قليلة كتبت عنها وذكرت نصًا أنه:

"في سياق التربية والتعليم يستوقفني أمر عجيب وهو الكتاب المدرسي، الذي تقوم الوزارة بطباعته بما يكلف وزارة التعليم أو الدولة على الأرجح ما يقرب من مليار ونصف المليار من الجنيهات بأسعار ما قبل التعويم، وتقدمه للطالب تقريبًا بالمجان، والغريب أن الطالب بداية من الصف الرابع الابتدائي لا يستفيد منه ويهمله إلى الكتاب الخارجي ومذكرات الدروس الخصوصية، ويكون مصير ذلك الكتاب الذي كلف الدولة المليارات أن يلف فيه الأطعمة، ويلقى في سلة المهملات، ومهما تفنن واضعو الكتاب المدرسي في جعله جذابًا فإنهم غير قادرين على منافسة الكتاب الخارجي؛ نظرًا لأسباب كثيرة، منها أنهم محكمون بعدد صفحات محددة؛ مما يجعلهم يقتصدون في التدريبات والامتحانات ومعاني المفردات والشرح والتفصيل والتطبيق إلخ..

بينما الكتاب الخارجي يقوم بكل ذلك، إذا ينبغي حل هذه المشكلة بما يوفر على الدولة هذه المليارات أو يقلل منها، ما دمنا لن نستطيع أن ننافس الكتاب الخارجي، ومصرين على ذلك الكتاب المدرسي العقيم، وأول حل يكون في إعادة تدوير الكتاب المدرسي، حيث البدء في جمع الكتب الدراسية عقب إعلان نتيجة الامتحانات، على أن يحصل الطلاب على إيصال من المدرسة بتسليمهم الكتب الدراسية التي تم الانتهاء من الدراسة بها في الترم الأول والترم الثاني؛ ليسهل لهم تسلم الكتب الجديدة.

ثم يقوم المعلمون وبعض الطلاب بعملية فرز الكتب وتصنيفها والإبقاء على الكتب الصالحة للدراسة مرة أخرى، والتي يمكن أن تصل نسبتها من 30 إلى 50% من إجمالي كتب الوزارة، ثم تقوم سيارات النقل بنقل الكتب الغير صالحة مباشرة من المدرسة إلى المصنع، لذا يمكن لنا توفير نسبة تتراوح ما بين 40-45% كتب صالحة لاستخدامها للعام الدراسي الجديد، مما يوفر للوزارة النسبة السابقة من الورق – والطباعة – والنقل، ويوفر على الأقل نسبة 40% من إنتاج الكتاب، بما يقدر بنحو خمسمائة مليون جنيه تقريبًا".

هذا ما سبق أن كتبته منذ أسابيع قليلة، وفوجئت بمناقشة ذلك الأمر الآن في مجلس الشعب؛ بما يعني إدراك هذا المجلس بوعي وفهم الكثير من مشكلات ذلك المجتمع، فقد تقدم أحد نواب المجلس عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، باقتراح للدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، لاسترجاع الكتاب المدرسي بنهاية العام الدراسي، ليتم تسليمه لطلاب السنة المقبلة، نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وأشار إلى أن طباعة الكتاب المدرسي تتسبب كل عام في إهدار المال العام وعدم الاستفادة منه في السنوات التالية، مما يؤدي إلى تراكمه في البيوت وإلقائه في القمامة بعد تحمل الدولة مبالغ طائلة في تأليفه وطباعته. وأوضح العضو، أن ميزانية طبع الكتاب المدرسي في موازنة 2016/2017 وصلت إلى مليار و800 مليون جنيه وهو مبلغ كبير جدًا، ومن الممكن استغلاله وضخه في مناحِ أخرى تعمل على تطوير التعليم العام والفني، واقترح عدة وسائل لتفعيل هذه الفكرة من خلال التأكيد على الطلاب في بداية كل عام، بضرورة المحافظة على نظافة الكتب الدراسية التي بحوزتهم وإعادتها في نهاية العام الدراسي، مع ربط تسليم الشهادات بتسليم الكتب المدرسية، أو عن طريق دفع رسوم تأمينية على الكتب المدرسية، ويتم إعادة المبلغ في حال إرجاع الكتب في نهاية العام الدراسي، أو عدم تسليم الكتب إلى الطلاب إلا عندما يعيدوا كتب الفصل الدراسي الذي قبله.

واقترح عضو آخر أن يتم منع طباعة الكتاب المدرسي نهائيًا بداية من المرحلة الثانوية على أن يتحصل الطالب على المعلومة من خلال الأبحاث واتباع نظام تحصيل المعلومة المتبع في العديد من دل العالم المتقدمة، على أن يتم التعميم على جميع مراحل التعليم المختلفة بعد نجاحه في المرحلة الثانوية.

بينما أيدت إحدى النائبات عضو لجنة التعليم بالبرلمان، المقترح كمرحلة انتقالية لحين التطوير الشامل المتمثل في إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة في منظومة التعليم والاعتماد على بنك المعرفة، وأشارت إلى إن هذا المقترح سيوفر للدولة الكثير من أموال التي يتم تخصيصها في الموازنة العام كل عام لطباعة الكتاب المدرسي، مناشدة القائمين على المنظومة التعليمية بوضع خطة بجدول زمني للتطوير الشامل للتعليم في مصر يكون معتمد في المقام الأول على استخدام وسائل التطوير الحديثة، واقترحت وضع حوافز للطلاب الذين سيحافظون على الكتاب المدرسي تتمثل في منحه كتاب العام المقبل مجانًا أو ما شابه من الحوافز لتشجيع الطلاب على الحفاظ على كتبهم، وهو عين ما طالبت به في المقال المشار إليه سابقًا.
الجريدة الرسمية