رئيس التحرير
عصام كامل

صميدة.. وسعر البيضة


على ما يبدو أن الإخوة مسئولي الغرف التجارية في عموم مصر ناس طيبون جدًا! لا علاقة لهم بالأسواق أو التجار؛ لأنهم ببساطة موجودون في غرفهم التجارية المكيفة! لا يعرفون شيئًا عن الأسواق والتجار وألاعيبهم، فحتى شباك الغرفة التجارية الذي له ستائر من حرير من نسمة شوق يطير لا يفتحونه ليروا بأنفسهم الحقيقة، ويكتفون بالتكييف في الغرف التجارية، وكل غرفة ما شاء الله عشرة أمتار في عشرة أمتار، بها كل ما يرغبونه، فلماذا سيتعبون أنفسهم بالنزول للشارع أو حتى مجرد فتح شباك الغرفة ليروا الواقع والحقيقة؟


فهم –من طيبتهم– يظنون التجار مثلهم طيبين؛ لذلك نجد تصريحًا لمسئولي هذه الغرف المكيفة يستبعد فيه ارتفاع أسعار السلع واللحوم، قبل حلول شهر رمضان، في ظل ثبات معدلات صرف الدولار، وتوافر كميات مناسبة من السلع الأساسية بالأسواق.

حيث قال محمد وهبة، رئيس شعبة اللحوم في الغرفة التجارية بالقاهرة: إن أسعار اللحوم مستقرة نسبيًا خلال الفترة الحالية، مستبعدًا أي زيادات جديدة، في ظل توافر الكميات التي تضمن استقرار الأسعار حتى مع زيادة معدلات الاستهلاك، وقال علاء عز، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية: إن السلع المتاحة في الأسواق تم استيرادها عقب التعويم مباشرة، خلال الربع الأخير من العام الماضي، فيما لم تحدث تغيرات قوية في سعر صرف العملة المحلية، ما يقلل من احتمالات زيادات جديدة في الأسعار مع دخول شهر رمضان.

إلى هنا انتهى انتهت التصريحات الوردية الجميلة لمسئولي الغرف التجارية المكيفة، لكننا نرد بأن هؤلاء المسئولين ناس طيبة جدًا، ومن هذه الطيبة أدلوا بذلك التصريح، ولنا أن نسألهم: أيها الإخوة الطيبون، من الذي يضمن منكم، أو حتى من وزير التموين، أو رئيس الوزراء ألا يرفع التجار أسعارهم مع دخول شهر رمضان، ومع معرفتهم بعلاوة الـــ 10% التي أعلنتها الحكومة للموظفين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية؟

هل يستطيع رئيس الوزراء –بجلالة قدره وعظيم نفوذه– أن يتعهد بعدم رفع الأسعار مجددًا في الفترة القادمة؟

أتحدى أن يحدث ذلك، رغم كل ما يقال عن الرقابة والتحكم في الأسعار إلخ من أسطوانات مشروخة تُكرِّر ما تذيعه، ويتلخص في جملة واحدة: "الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار"، ورغم ذلك لن يحدث أي ضبط للأسعار، ولن يتخلى التاجر الجشع عن جشعه، وسيعاود رفع أسعاره كما يحلو له، مخرجًا لسانه إلى أقصاه للحكومة من جهة، ولأصحاب الغرف المكيفة من جهة أخرى.

فالإخوة الطيبون أصحاب الغرف المكيفة يظنون أن ثبات الأسعار مقترن بثبات سعر صرف الدولار، وبالتالي الأسعار تنخفض بنزول الدولار، وهذا غير صحيح بالمرة، فالأسعار لا تنخفض بنزول الدولار لكنها تنخفض بنزول مباحث التموين فقط ! أو أيَّ جهة رقابية، لكن التجار قد أمِنوا ذلك النزول تماما، ومن أمِن العقابَ أساء الأدب؛ لذلك أرجو من رئيس الوزراء بنفسه أن يجيبني عن هذا السؤال: إذا قرر تاجر البيض "صميدة" رفع سعر البيضة إلى عشرة جنيهات؟ هل تستطيع سعادتك بكل تصريحاتكم الكريمة أن تردعه؟ وهل يكفي أن تذهب إليه قائلا له: يا صميدة يا ابني لماذا رفعت سعر البيضة والدولار أسعاره مستقرة ؟

وبعد ذلك سيعاتب صميدة نفسه قائلا: "ياواد ياصميدة عيب برضو تخيب رجاء سعادة رئيس الوزارة، نزِّل سعر البيضة إلى ثمانية جنيهات عشان خاطره".. هل من الممكن أن يحدث هذا بالطبع لا يمكن، لكن صميدة هذا وأمثاله لو علم أن مباحث التموين تجوب المنطقة، وتلقي القبض على التجار الجشعين، قد يقلل من سعر البيضة عن سعرها الذي اشتراها به، بل يعطي عليها واحدة هدية !

يا أصحاب الغرف المكيفة، ويا وزراء الحكومة، ويا معالي رئيس الوزراء، قول فصل، لن يستطيع أحد أن يتحكم في الأسعار، وسوف تظل تواصل ارتفاعها الجنوني، وخاصة مع قرب حلول شهر رمضان، ومع إقرار علاوة الــــ 10% لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، فالسلع الأساسية تشتعل ولا تزال، رغم ما تعلنه الحكومة من محاولات للسيطرة على هذا الارتفاع الجنوني في أسعار معظم السلع والمنتجات، كل ذلك سيستمر ما دامت الرقابة على الأسواق منعدمة، وهذه الرقابة تعني أن يحاسب التاجر ضريبيًا على الأسعار التي يبيع بها والأسعار الجمركية التي أدخل بها السلعة، ومن هنا يتم كشف الجشع من الأمين، فيحاسب الجشع ضريبيًا وقانونيًا حتى يرتدع، ويعلم أن في هذه الدولة حكومة تحافظ على حقوق شعبها بالفعل لا بالقول.
الجريدة الرسمية