رئيس التحرير
عصام كامل

المشكلة ليست في الإقالة.. لكنها في قناعات الرجل!


بعد إعفائه من منصبه كقائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر عقب التصريح الذي أدلى به في حوار تليفزيوني باعتبار الباحث إسلام بحيرى مرتدا مما أحدث جدلا واسعا دفع الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إلى إعفائه من عمله قال الدكتور أحمد حسني، رئيس جامعة الأزهر السابق، ثم أكد قوله: (إنه غير نادم على الفترة التي قضاها في القيام بعمل رئاسة الجامعة وإن إعفاءه من منصبه بناءً على طلب شخصي منه، بعدما وجد أن بعض الأذرع الإعلامية المعادية للأزهر سوف تتخذ من تصريحاته التي أدلى بها واعتذر عنها بخصوص إسلام بحيرى سوف تتخذ ذريعة للنيل من الأزهر الشريف ومكانته فقرر رفع الحرج عن المؤسسة وطلب إعفاءه من الاستمرار بمنصبه بعد 3 أشهر)، وقال:( إن فتواه بعدم كفر الداعشيين لا تخالف منهجية الأزهر الوسطي المعتدل؛ لأنهم لم يخرجوا من الإسلام بإتيانهم كفرا صريحا يوصفون به أنهم مرتدون.. لكن عدم تكفيرهم لا يعني موافقة منهجهم.. مبينًا أنه سيعود لعمله نائبًا لرئيس الجامعة لفرع البنات حتى خروجه من منصبه لسن التقاعد).


الحقيقة أن هذا التصريح يحتاج الرد عليه نظرًا لحجم المغالطات التي فيه بصرف النظر عن الرأي فيما يقول به إسلام بحيرى سواء اختلفنا أو اتفقنا في كل أو بعض ما يقول؛ لأن إسلام يمثل نفسه فقط بينما رئيس جامعة الأزهر يمثل جامعة عريقة ينتشر خريجوها في كل بقاع العالم ينشرون ويشرحون الإسلام الوسطي، وأن الأزهر والجامعة مرجعان كبيران لكل المسلمين من أهل السنة، لذلك فإن المسئولية أكبر وأعظم، وكما يقول المثل (غلطة الكبير كبيرة)، وأن الكلمة التي تخرج على الهواء هي كطلقة الرصاص التي لا يمكن تعديل مسارها بعد خروجها من فوهة المسدس، ولا يمكن إرجاعها للمسدس مرة أخرى، وكما تقول الحكمة: الكلمة نور وبعض الكلمات قبور !

أولا - يقول رئيس الجامعة المُقال أنه هو من طلب إعفاءه من منصبه وأنه غير نادم، وهذا يعني أنه يخالف ما جاء عن شيخ الأزهر بإقالته، وأنه ما زال عند رأيه أن إسلام مرتدا، كما أننا لم نر استقالته أو نسمع بها!

ثانيا – يري رئيس الجامعة أنه والأزهر سواء، وأن النيل منه هو نيل من الأزهر والإسلام.. وهنا تكمن خطورة هذا الطرح في حالة التطابق التي يراها البعض من الأزهريين بين ما يقولون والنيل من الإسلام والأزهر وكأنهم هم الإسلام والأزهر في حين أن الإسلام هو دين الله الخاتم، والأزهر هو هيئة مسئولة عن تدريس العلوم الشرعية وشئون الدعوة الوسطية التي تعبر عن سماحة الإسلام!

ثالثا– رئيس الجامعة ما زال على موقفه من الحكم على إسلام بالردة رغم اعتذاره الشكلي لأنه يرى أن اعتذاره جاء فقط حتى لا تتخذه الأذرع الإعلامية ذريعة للنيل من الأزهر ومكانته، وليس لأنه أخطأ في الحكم أو الفتوى، وفي نفس الوقت يؤكد أن داعش لم تخرج من الإسلام لأنها لم تأت كفرا صريحا يجعلها مرتدة!

رابعا– رئيس الجامعة المُقال يقول أنه سيعود لعمله نائبا لرئيس الجامعة لفرع البنات حتى خروجه من منصبه لسن التقاعد، وكأن الرجل لم يرتكب خطأ، وأن ما أفتى به لم يصل إلى آلاف الشباب الذين لا يملكون قدرا كافيا من العلم والوعي بأحكام الدين، ومن الوارد جدا أن هذه الفتوى تكون سندا وحجة لمن يريد أن يقتل أبرياء وهو يهلل ويكبر !

هل المشكلة انتهت بإقالة رئيس الجامعة؟ وهل كانت المشكلة في إزاحته عن المنصب لتتوارى السقطة بعيدا عن الإعلام ليتوقف الجدل حولها؟ أظن– وليس كل الظن إثم– أن المشكلة لن تنتهي لأن الأزمة في قناعات الرجل وليست في إقالته، وأن الرجل سيعود إلى كليته ومحاضراته وفتاواه، وسوف يواصل القول والفعل بعيدا عن أعين الإعلام ومتابعاته، سيقول ما يريد ويفتي بما يرى في الغرف المغلقة والمحاضرات الخاصة!

من يتصور أن نقد مثل هؤلاء الأساتذة هو هجوم على الأزهر أو على الدين.. هو تصور خاطئ وهروب من مواجهة المشكلة والتفاف عليها.. الأزهر تجاوز الألف عام وهو صامد وقوي لا تهزه عواصف ولا ينال منه هجوم.. المشكلة في قناعات بعض العقول وليس في الأزهر.
الجريدة الرسمية