رئيس التحرير
عصام كامل

عضو مجلس الشورى السعودي: رفض الأزهر لتكفير داعش صحيح.. وليس كل من قاتلنا نكفره

فيتو

  • إلصاق تهم التطرف والإرهاب بالإسلام باطلة 
  • مروجو الادعاءات بحق الإسلام يسعون لإيجاد شماعة يعلقون عليها جرائمهم في حق البشرية
  • العنف موجود في طباع البشرية منذ بدء الخليقة
  • ما نسعى إليه هو تقليص نسبة الإجرام وألا يتخذ الدين وسيلة لذلك
  • عدم تكفير عناصر الجماعة الإرهابية لا يعنى أنهم لا يستحقون القتال
  • يجب أن تحظى توصيات مؤتمر الأزهر باهتمام صانعى القرار لتحقق أهدافها


حوار: محمد أبو العيون - محمود محمدي
عدسة: أحمد سليمان

"كيف أصبحَ السَّلامُ العالمى الآن مع كل هذه الإنجازات هو الفردوس المفقُود، وكيفَ شَهد عصر حقوق الإنسان من الأعمال الهَمَجِيَّة ما لم يَشهَدَه عصرٌ مِن قَبلُ"؟.. 
هذا السؤال طرحه شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، خلال كلمته أمام "مؤتمر الأزهر العالمى للسلام"، الذي التأم نهاية الأسبوع الماضى، بحضور بابا الفاتيكان البابا فرانسيس وقيادات دينية عالمية رفيعة المستوى، ولم ينتظر "الطيب" إجابة على سؤاله، بل أردف قائلا: "الإجابة التي أعتقد أنَّ حضراتِكم توافقُونَنِى عليها هي تجاهلُ الحضارةِ الحديثة للأديان الإلهيَّة، وقيمِها الخُلقيَّة الرَّاسِخة التي لا تتبدَّل بتبدُّل المصالح والأغراض، ولا حَلَّ فيما يُؤكِّدُ عُقلاءُ المُفَـكِّرين في الغَربِ والشَّرقِ إلَّا في إعادةِ الوعى برسالاتِ السَّماء، وإخضاع الخِطاب الحَدَاثى المُنحَرِف لقِراءةٍ نقديَّةٍ عَميقة تنتشل العقل الإنسانى مما أصابه من فقر الفلسفة التجريبية وخوائها، وجموحِ العقلِ الفردى المُستبد وهيمنَتِهِ على حياة الأفراد"، فيما جاءت كلمة البابا معبرة عن المعانى ذاتها، عندما شدد على أنه «بدون دين.. سنكون كالسماء بلا شمس، ولابد من السعى للوصول إلى الله، والدين ليس مشكلة لكن الدين جزء من حل المشكلة، ولابد أن نتعلم كيف نبني حضارة الإنسان، والله يؤكد أنه لا مجال للعنف وهذا هو الهدف الرئيسي لمؤتمر السلام»، ما يؤكد أن أديان السماء تدعو إلى السلام والتسامح، وتنبذ العنف والتطرف، وأنها بريئة من الإرهاب.
ولم يفت البابا أن يؤكد في كلمته على أن «مصر أرض التآلف والتآخي، وفي مصر لم تشرق شمس المعرفة فقط، بل أشرقت شمس الدين أيضًا على هذه الأرض، فالأحداث الدينية أثرت تاريخ وحضارة هذه البلد»، وجاء العناق الحميم بين الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان، لترسم صورة للعالم بأسره تؤكد وسطية الأزهر وعظمة مصر، بلد المساجد، بلد الكنايس، ومهد الحضارة.."فيتور" حضرت فعاليات المؤتمر وحاورت الدكتور حاتم عارف الشريف، أستاذ الدراسات العليا في جامعة "أم القرى" وعضو مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، الذي أكد أن المؤتمرات التي يعقدها الأزهر الشريف في الفترة الخيرة مهمة جدًا، وينبغي أن تعقد بكثرة وبصفة دائمة لأنها تصدر للشباب مفاهيم المحبة والأخوة بين أتباع الديانات المختلفة.
وأضاف "الشريف"، في حواره لـ "فيتو"؛ أن الأهم من عقد مثل هذه المؤتمرات هو اعتناء الجهات السياسية والتعليمية ودوائر صنع القرار بتنفيذ توصياتها؛ قائلًا: "بدون تعاون كل الجهات لن تحقق هذه المؤتمرات الأثر الكبير المرجو منها" وغير ذلك من التفاصيل التي نسردها في الحوار التالي:


>> ما أسباب العنف والتطرف في العالم؟
أسباب عديدة أهمها التردي الاقتصادي والسياسي، وفقدان الحقوق الإنسانية، والجهل، والفهم الخاطئ للدين.

>> كيف ترى محاولات البعض إلصاق تهم التطرف والإرهاب بالإسلام؟
لا شك أنها تهم باطلة جدًا، ودعوات تقوم على غير دليل؛ لأن الإسلام أبعد الأديان عند العدوانية واستباحة دماء الناس بغير حق، ومروجو هذه الادعاءات يعرفون كذب ما يقولون ولكنهم يسعون لإيجاد شماعة يعلقون عليها جرائمهم في حق البشرية.

>> المؤتمرات العديدة التي يعقدها الأزهر الشريف هل لها مردود إيجابي بين العامة في الشرق والغرب؟
لا شك أن هذه المؤتمرات مهمة جدًا، وينبغي أن تعقد بكثرة وبصفة دائمة لأنها تصدر للشباب مفاهيم المحبة والأخوة بين أتباع الديانات المختلفة، والأهم من عقد المؤتمرات هو اعتناء الجهات السياسية والتعليمية ودوائر صنع القرار بتنفيذ توصياتها، وكذلك اهتمام وسائل الإعلام على نشر فعالياتها أولًا بأول، فبدون تعاون كل الجهات لن تحقق هذه المؤتمرات الأثر الكبير المرجو منها، وهذه المؤتمرات دورها إصدار التوجهات العامة ورسم السياسات الكبرى.

>> هل من الممكن أن يخلو العالم قريبًا من العنف والتطرف؟
لا يمكن أن يخلو العالم من التطرف؛ لأن العنف موجود في طباع البشرية منذ بدء الخليقة، ولكن ما نرجوه ونسعى إليه هو تقليص نسبة الإجرام، والعمل على ألا يتخذ الدين وسيلة لذلك.

>> كيف ترى إصرار الأزهر الشريف على عدم تكفير "داعش" رغم أنها السبب الرئيسى في التطرف والعنف بالمنطقة؟
التكفير حكم شرعى له ضوابطه وأصوله وليس له علاقة بالإجرام؛ فمن قتل يقتل دون أن نكفره، وكذلك من سرق تقطع يده دون أن نحكم عليه بالكفر وهكذا؛ فليس كل من عادانا وقاتلنا نكفره، وبالتالى موقف الأزهر الرافض تكفير "داعش" من الناحية الشرعية صحيح، والهجوم عليه بسبب هذا الرأي غير موفق وسيؤدي إلى نتائج عكسية؛ ولابد أن يدرك الجميع أن عدم تكفير عناصر هذه الجماعة الإرهابية لا يعنى أنهم ليسوا مجرمين أو أنهم لا يستحقون القتال والردع.

>> كيف ترى الهجمة الأخيرة التي تشن على الأزهر الشريف؟
أرى أنها هجمة خاطئة، وإذا استمرت ستحدث خللًا أمنيًا في مصر والعالم الإسلامي؛ لأن الأزهر منارة إسلامية كبيرة جدًا، ومؤسسة قائمة على الوسطية والاعتدال، وهو رمز ديني إذا سقط سيبقى المتطرفون الذين يتكلمون باسم الدين على غير علم.

>> وكيف ترى مطالبات البعض للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بأن يترك الأمر ويجلس في بيته؟
مطالبات تفتقد إلى الصواب؛ فالإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب قامة كبيرة وليس في حاجة إلى توصيف من مثلي أو من غيري، فهو أحد أكابر علماء المسلمين في العصر الحاضر، وهو رجل صاحب أمانة وخلق وعلم كبير، وهو أهل لهذا المنصب الذي يتبوءه، وأنا في الحقيقة أستغل هذه الفرصة لأدعو جميع المصريين بل جميع المسلمين في كل أنحاء العالم أن يقفوا مع شيخ الأزهر ويشدو من أزره؛ بدلًا من يقفوا ضده ويحاولوا أن يختلقوا الأكاذيب ليقللوا من الدور المهم والحيوي الذي يقوم به الأزهر ويشوه صورة عالم، فالعالم كله في حاجة إلى وجوده معنا.

>> رسالة تود توجيهها إلى العالم من مصر أرض السلام؟
أوجه رسالتي إلى الشباب في شتى ربوع الأرض، وأقول لهم: عليكم أن تحرصوا على تعلم دينكم من المنابر الصافية الصادقة التي تعرفكم أمور دينكم من غير غلو ولا إفراط أو تفريط، واحرصوا أن تكونوا أمة علم ورقي لتقودوا العالم من جديد، وكونوا كذلك قدوة في السير في سبيل العلم والتزود منه سواء العلم الكونى أو المادى أو الديني والأخلاقي، ولتدركوا أنكم جنود هذه الأمة وبناة مستقبلها.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

الجريدة الرسمية