رئيس التحرير
عصام كامل

هل تضرب إسرائيل حزب الله في لبنان؟


نشرت وكالة رويترز تقريرًا أمس الثلاثاء، بعنوان "الضربات الإسرائيلية تزيد من التحديات في وجه حزب الله".. ذكر التقرير أن الأسابيع الستة الأخيرة شهدت تحولا في الموقف الإسرائيلي بهدف تقليص قدرات حزب الله ومنعه من الحصول على أسلحة إيرانية متطورة عن طريق سوريا.. ونقل التقرير عن دبلوماسي إسرائيلي قوله إن المواجهة مع حزب الله محتملة.


الموقع الإخباري الأمريكي Huff Post والمعروف قبل ذلك باسم Huffington Post كان أكثر وضوحًا ونشر مقال للكاتب Alastair Crooke بعنوان: هل تحضر إسرائيل لحرب حزب الله؟ المقال استشهد بالجنرال الإسرائيلي هرتزل هاليفي، قائد إدارة المخابرات الحربية، الذي قال: يمكنني القول إنه لا يوجد جيش يعرف عن عدوه مثلما نعرف عن حزب الله، ولكن الحرب القادمة لن تكون بسيطة، ولن تكون سهلة".

التكهن بشن إسرائيل حرب على حزب الله في لبنان تجاوز التحليلات الإخبارية إلى أخبار صحفية نقلتها وسائل إعلام عبرية تقول إن ملك الأردن – الملك عبدالله - حذر الرئيس اللبناني ميشال عون من هجوم إسرائيلي محتمل على هامش القمة العربية التي تم عقدها في عمان، وهي أخبار لم ينفها الرئيس اللبناني أو ملك الأردن.

قبل الإجابة عن السؤال الرئيسي، دعونا نعرف لماذا فضلت إسرائيل أن تهاجم حزب الله في سوريا.. إسرائيل تعرف أن انغماس حزب الله في سوريا يزيد من عدم رضا جمهور حزب الله رغم التأييدات المعلنة لقيادته، فخسائر حزب الله في سوريا ليست بالقليلة، وبالتالي فضربه في سوريا أو زيادة الضغط عليه يزيد من دفعه لقواته في سوريا وبالتالي استنزافه وزيادة غضب جمهوره من حرب لا يقتنع الكثير بها.

نعود للسؤال الرئيسي: هل تضرب إسرائيل حزب الله في لبنان؟

من يعرف عن طبيعة الصراع بين حزب الله وإسرائيل يمكن له أن يؤكد أن إسرائيل لن تضرب حزب الله في لبنان إلا في إطار حرب شاملة على إيران، أو بهدف جر إيران لحرب.

هناك حقيقة تبدو أن إسرائيل تعلمتها من حربها على لبنان في يوليو 2006، ومن حربها على غزة في 2009، وهي أن تفوق الطيران الإسرئيلي شيء، وتفوق قواتها على الأرض شيء آخر.. فإسرائيل دمرت الضاحية الجنوبية في بيروت عام 2006 وقصفت قرى أو "ضيعًا" لبنانية في الجنوب بأكملها، لكنها عندما حاولت تحقيق أحد أهداف الحرب وقتها ودفعت بقواتها البرية لاحتلال الجنوب اللبناني لخلق منطقة عازلة حتى جنوب نهر الليطاني تكبدت خسائر فادحة واضطرت للانسحاب. إسرائيل تعرف أنها لن تقدر على شل قدرات حزب الله أو نزع سلاحه من خلال الضربات الجوية، فما الذي تغير حتى تكرر إسرائيل ما فعلته في عام 2006، لا سيما أن عدد الصواريخ التي يمكلها حزب الله تضاعفت في الكم والنوع!!

كما أن إسرائيل تعرف أن حزب الله يعرف أن المواجهة القادمة معه ستكون معركة على وجوده وليست معركة على حدود مزارع شبعا المحتلة وعلى الشريط الملاصق للقرى الحدودية.. تقرير وكالة رويترز الذي أشرت إليه ذكر أنه خلال حرب 2006 اضطر مليون لبناني إلى ترك قراهم ومنازلهم، وأن إسرائيل اضطرت إلى تهجير ما يقرب من 500 ألف إسرائيلي إلى مناطق أخرى، فكيف تخوض إسرائيل حربا مع حزب الله وهي تعرف أن قدراته الصاروخية تطورت بما يسمح له بتشريد ملايين الإسرائيليين وجعلهم يعيشون في الملاجئ طوال فترة الحرب!!

المطلع على طبيعة الصراع بين إسرائيل وحزب الله يعرف أن ما تخشاه إسرائيل في أي مواجهة قادمة مع إيران ليست بالضرورة القوة العسكرية الإيرانية، ولكن ماكينة حزب الله العسكرية ووجوده على الحدود الشمالية مع إسرائيل، وما يمتلكه من آلاف الصواريخ، التي يمكنها أن تدمر أهدافا دقيقة في إسرائيل.

كما أن قواعد الحرب البرية في الجنوب اللبناني لم تتغير، فالجنوب اللبناني ليس منطقة مفتوحة من السهل السيطرة عليها، ولا يوجد قواعد عسكرية ظاهرة أو معروفة لحزب الله وهو ما جعله يصطاد القوات البرية الإسرائيلية في عام 2006 كما يصطاد الطيور، وفهمه بطبيعة الأرض والأنفاق جعله يتفوق على القوات البرية الإسرائيلية.

ويكفي أن يعرف القارئ أن اللجنة التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية عندما كان إيهود أولمرت رئيسًا لوزراء إسرائيل وقتها أقرت بفشل إسرائيل وخرج التقرير النهائي للقاضي الياهو وينوجراد ليقول للصحفيين– ودعوني أنقل نص العبارة التي قالها القاضي– "إن الحرب كانت فشلا كبيرا وخطيرا".. فما الذي تغير في قواعد الصراع حتى تتجنب إسرائيل الفشل الكبير والخطير؟!

أعرف أن إسرائيل طورت منظومة الدفاع الجوي المعروفة باسم القبة الحديدية، لكن التقارير الإسرائيلية، ومن بينها تقرير المحلل الإسرائيلي "رون بن ياشي" -والذي تم نشره منذ خمسة أيام– تقول إن إيران وحزب الله يسارعون من بناء منظومة صواريخ تستطيع إطلاق عشرات الصواريخ في وقت واحد.

لا أظن أن إسرائيل ستخوض حربًا مع حزب الله إلا إذا كان في إطار حرب على إيران تخوضها إسرائيل في إطار مغامرة حربية نتائجها غير مضمونة.. يبقى أن السؤال الأهم – إذن – لماذا تتحدث التقارير الغربية عن حرب يعرفون أن إسرائيل لن تخوضها؟!
الجريدة الرسمية