رئيس التحرير
عصام كامل

«الحكومة تحاصر الغلابة بخطة إجراءات عنيفة».. رفع الدعم عن الكهرباء.. زيادة في فواتير المياه.. اشتعال أسعار الغاز وضرائب جديدة على المبانى.. .. وحساب الخزانة الموحد خطة «إسماعيل» لت

المهندس شريف إسماعيل
المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء

عندما يكون القرار الأصلي خاطئا فلن تكون القرارات الفرعية النابعة منه صحيحة.. هذا هو التفسير المنطقي للقرارات الاقتصادية المؤلمة التي تتخذها حكومة المهندس شريف إسماعيل تباعا منذ تحرير سعر الصرف «تعويم الجنيه»، فالدولار الذي كان يصل سعره إلى 8 جنيهات تخطي سعره اليوم 18 جنيها، مما يعني أن المصروفات الحكومية بالموازنة العامة الجديدة ستصل إلى 3 أضعافها، وهو ما يؤدي إلى زيادة العجز بالموازنة العامة الجديدة للدولة 2017/ 2018، ما يدفع الحكومة لاتخاذ قرارات صارمة إضافية لتعويض هذا الإخفاق، ومعالجة تشوهات قرار تعويم الجنيه.


البيان التمهيدى لمشروع الموازنة الجديدة 2017/ 2018 كشف عن وجود اتجاه قوى لدى الحكومة للاستمرار في ما يسمى بالإصلاحات أو بالأحرى زيادة معاناة الشعب واغتيال الفقراء لدواع اقتصادية، فوفقا لما جاء بالبيان التمهيدى فإن الحكومة ماضية في الإصلاحات الهيكلية والمالية في مجال دعم الطاقة باعتبارها إصلاحا ضروريا لإزالة التشوهات السعرية داخل الاقتصاد التي أدت إلى جذب استثمارات كثيفة لاستخدام رأس المال والطاقة على حساب استثمارات أعلى كثافة من جهة التشغيل.

الشق الخطير في الموازنة الجديدة يتعلق بالمبالغ المخصصة لشراء المواد البترولية، والتي ستستوردها الحكومة بالطبع بالدولار، مما يعني أن المبالغ المخصصة لهذا الغرض ستتضاعف، وهو مأزق وضعت الحكومة نفسها فيه، فرغبة وزارة شريف إسماعيل في الحصول على قرض صندوق النقد الدولي "12 مليار دولار"، دفعها لتجاهل الآثار المترتبة على قرار تعويم الجنيه، أضف إلى ذلك إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة.

الحكومة عملت على تثبيت سعر الدولار بالموازنة الجديدة عند 16 جنيها، رغم أن سعره تخطي الـ18 دولارا ومرشح للزيادة، وهو ما يعني أن تقديرات الحكومة المتعلقة بنسبة العجز في الموازنة، ومعدلات النمو بالتأكيد ستكون غير صحيحة، لأنها مبنية افتراضيا على هبوط سعر الدولار لـ 16 جنيها، وتشمل استكمال تنفيذ خطة ترشيد دعم المواد البترولية على المدى المتوسطة وتطبيق المنظومة الجديدة للبطاقات الذكية في توزيع المنتجات البترولية المدعمة بهدف مكافحة تهريب المنتجات المدعومة ومنع التسرب، بالإضافة إلى تحقيق أفضل استهداف لمستحقى الدعم على المدى المتوسط.

وتشمل الإصلاحات أيضا الاستغلال الأفضل لموارد الطاقة واستخدام مزيج للطاقة يحقق الكفاءة وخفض التكلفة مع التحول إلى موارد الطاقة الجديدة والمتجددة والأقل تأثيرا على البيئة، هذا بالإضافة إلى إجراء إصلاحات مالية وهيكلية للهيئة العامة للبترول والشركات التابعة لها لتعظيم العائد على قطاع البترول.

واستكمالا للإصلاحات التي من المحتمل أن يتحمل المواطن فاتورتها، هناك تطبيق خطة ترشيد دعم الكهرباء لمختلف فئات الاستهلاك على مدى السنوات الخمس المقبلة، بالإضافة إلى خطط ترشيد إنارة الشوارع وفتح المجال أمام القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء بالأساليب العادية وكذلك استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وبيعها للشبكة الرئيسية والمستهلكين بأسعار اقتصادية ورفع كفاءة محطات توليد الحكومة وشبكة نقل وتوزيع الكهرباء.

وفى السياق نفسه، تعتزم الحكومة تطوير منظومة الضرائب العقارية على المبانى من خلال رفع كفاءة الإدارة الضريبية وتطوير نظم المعلومات والحصر والفحص ولتعامل مع المواطنين، بالإضافة إلى استكمال الاتفاقات التحاسبية مع الوزارات المعنية بقطاعات الأنشطة الاقتصادية المختلفة مثل السياحة والبترول.

ومن ضمن القرارات التي تشرع الحكومة في اتخاذها تنفيذ إجراءات لرفع كفاءة وأداء الهيئات الاقتصادية وقطاع الأعمال العام بما في ذلك تحقيق عائدات مناسبة عن الخدمات التي تقدمها هذه الهيئات والشركات في القطاعات المختلفة لزيادة مواردها وتحسين موقفها المالى.

كما تعمل الحكومة على مراجعة تكلفة وأسس تسعير عدد من رسوم التنمية التي لم تتم مراجعتها منذ سنوات، بالإضافة إلى تسويات تقنين أوضاع أراضي الاستصلاح الزراعى التي تم استخدامها في غير نشاطها الأصلى التي خصصت من أجله.

الموازنة الجديدة اضطرت الحكومة فيها إلى دراسة رفع قيمة دعم المواطن من السلع التموينية، للترويج بأن ارتفاع حصة التموين في الموازنة الجديدة من 42 مليار جنيه إلى 86 مليار جنيه، جاء نتيجة ارتفاع قيمة دعم المواطن، لكن الحقيقة أن مضاعفة الرقم جاءت بسبب تغير سعر الجنيه المصري في مقابل الدولار، بعد قرار تعويم الجنيه.

فيما ارتفعت فوائد القروض التي حصلت عليها الحكومة بالموازنة الجديدة إلى 380 مليار جنيه، بعدما كانت مقدرة في الموازنة السابقة بـ292 مليار جنيه، وهو ما يعني أن كل هذه المليارات الإضافية سيقابلها ضرائب وقرارات تعوض من ورائها الحكومة كل هذا العجز من جيوب المصريين.

كما تخوفت المصادر من قدرة الحكومة على تحصيل 600 مليار جنيه ضرائب من جيوب المصريين، لاسيما وأن الضرائب كانت مقدرة بـ 426 مليار جنيه العام الماضي، لم تحصل منها الحكومة سوى 350 مليارا فقط، مما يعني استحالة تحصيلها 600 مليار في العام التالي، متوقعة عدم تخطي حصيلة الضرائب 400 مليار مما يعني أن تقديرات الموازنة ستكون أقل بـ200 مليار في هذا الشق.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادى وائل النحاس إن الحكومة مازالت تمارس دورها في زيادة الأعباء على الشعب معلقة فشلها على شماعة الإصلاح الاقتصادى التي تم فرضها على المصريين، لافتا إلى أن الحكومة ستقوم بالفعل برفع الدعم عن المصريين بشكل كامل على المدى المتوسط في إطار قيامها بإصدار قرارات إضافية غير عابئين بالمواطن محدود الدخل الذي تحمل فاتورة الإصلاح الحكومى بشكل كامل.

وأضاف أن الحكومة تسعى إلى تقنين وتسويات الأراضي بالنسبة لواضعى اليد وتلك حيلة قوية لبيع أراضي الدولة للمستثمرين سواء الأجانب والمصريين بأسعار أقل من الأسعار الرسمية، ووضح ذلك من خلال البيان التمهيدى لمشروع الموازنة العامة للدولة الجديد 2017 / 2018 مما يكشف مدى عدم تفكير الحكومة خارج الصندوق.

وأشار النحاس إلى أن الإصلاحات لتحسين إدارة المالية العامة ستقصف ظهر المصريين، حيث تعتمد تلك الإصلاحات على ميكنة المالية العامة وميكنة الأجور إلى جانب ميكنة المعاملات الحكومية بالإضافة إلى نظام حساب الخزانة الموحد وتطوير إدارة التدفقات النقدية وتعديل قانون المناقصات والمزايدات لرفع كفاءة منظومة المشتريات الحكومية وكل تلك الحالات تحتاج إلى مبالغ مالية فمن أين تلك الأموال؟ بالطبع من جيوب المصريين.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية