رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

من أين نبدأ في إصلاح التعليم ؟!


مِن إصلاح حال المعلمين، هكذا بكل بساطة وبدون تعقيدات، إصلاح العملية التعليمية يأتي من إصلاح حال المعلمين، فالقضية ليست إمكانيات واتفاقيات وبروتوكولات وقوانين وقرارات، فالعملية التعليمية مهما تطورت هي: معلم يقدم معلومة أيا كان شكل هذا التقديم ومستواه التقني، ومتعلم يتلقى المعلومة، أيا كان موضع وكيفية تلقيه، فالمحور الحقيقي للعملية التعليمية والذي يعتمد عليه نجاحها، والقادر على تجاوز أي خلل في باقي أجزائها، والقادر أيضا على وضع العراقيل وتفريغها من فاعليتها، هو المعلم، وإهماله أو العمل على سوء حاله هو إهدار لكل ما يُنفق على العملية التعليمية.


دعني أستوضح من أننا على فهم حقيقي بدور المعلم، هل تعرفون معنى أن يُغلَق باب الفصل على شخص يمثل القدوة والمثل العليا ومصدر المعرفة، وأمامه عقل ووجدان أربعين طالبًا على الأقل، لكي يبحر بهم عبر أمواج الحياة في سفينة قد تأخذهم لبر الأمان، أو قد تتلاطم بهم فيخرج منهم المجرم، وغير المتزن، والإرهابي.

عندما تضع صحتك بين يدي طبيب للحظات قليلة فأنت تحرص على انتقاء أفضل الأطباء وأغلاهم تكلفة في ضوء إمكانياتك، فما بالك عندما تضع عقل ووجدان طفلك لمدة عام كامل على الأقل بين يدي معلم، ما المواصفات التي تريدها في هذا المعلم.. وكيف ستعامله؟

لقد تعامل المجتمع منذ فترة مع المعلمين بأسلوب نجني الآن ثماره من تدنٍ في المنظومة التعليمية، وكل دقيقة نتأخر فيها عن اتخاذ القرارات السليمة ندفع ثمنها من مستقبل أولادنا، ومن مستقبل مصر كله، أعلم أن هناك من سيتحدث الآن عن مشكلة الدروس الخصوصية، وبالتأكيد هي ظاهرة سلبية جاوزت حد المألوف، لكن انظروا ماذا حدث حينما حاولت الجهات المعنية إيقافها، ليفاجأ الجميع أن ولي الأمر الذي كان يطالب بإلغائها، هو من يلهث خلف إبقاء هذه السناتر مفتوحة.

ما الحل إذن؟ سأقدم هنا مجموعة من الاقتراحات، الطريف أنها لا تحتاج لتكلفة، ولا لأموال، وإنما تحتاج لأن توضع موضع التنفيذ، والاهتمام فقط.

أولا فلنقم بتغيير شامل لقوانين المتابعة وأسلوب المحاسبة للمعلمين، ولنتعامل بأسلوب جديد، في اعتقادي أن أي قانون يجاوز حد المألوف والإمكانية الطبيعية في التنفيذ يتحول لقانون معوق لذاته، لا يلتزم به أحد؛ فهل يعقل أن يخضع المعلم لمتابعة كل من: مشرف المادة، الوكيل، المدير، الموجه، الموجه العام، وكيل الإدارة، مدير الإدارة، متابعة الإدارة، متابعة المحافظة، متابعة الوزارة..

هل يعقل أن كل هذه الجهات لها حق المتابعة وصلاحية إنزال العقاب بالمعلم على أتفه الأسباب، وغالبا تكون أسباب لا علاقة لها بالعملية التعليمية، ورغم كل هذا الكم من المتابعات فإن العملية التعليمية ذاتها من مستويات حقيقية للطلاب ومن سلوك ووجدان للمتعلمين، يبقى بعيدا عن المتابعة، طالما أن المعلم قد التزم بالحضور والانصراف والسجلات وغيره، فهو في مأمن من عقاب هذه الجهات..

وأما إن كان من أخلص المخلصين في العمل، ومن أفضل القادرين على إيصال المعلومة وأهمل في واحد من سجلاته أو نسيها فالجزاء قاس وصعب، كيف نحول أسلوب المتابعة الحالي وبعناصره وبنفس أفراد منظومته إلى أسلوب متابعة يفيد العملية التعليمية، ذلك ما سنتابعه في المقال القادم. 
Advertisements
الجريدة الرسمية