رئيس التحرير
عصام كامل

الأسباب الحقيقية لرفض القضاة تعديلات قانون السلطة القضائية

مجلس النواب
مجلس النواب

حالة غضب ورفض عامة من القضاة في الهيئات القضائية المختلفة؛ بسبب موافقة مجلس النواب نهائيا على تعديلات قانون السلطة القضائية، الخاصة باختيار رؤساء تلك الهيئات.


وكشف القضاة عن أسباب رفضهم بالإجماع تعديل المادة 44 من قانون السلطة القضائية، الخاصة باختيار رئيس محكمة النقض، أهمها وجود شبهة عدم دستورية بالتعديلات التي وافق عليها البرلمان.

وأكد القضاة أن سلطة التشريع– وإن كانت حقا مقررا للسلطة التشريعية بموجب الدستور– إلا أنه ليس مطلقا، عندما يتعلق الأمر بقوانين تمس السلطة القضائية واستقلالها، ويعد تدخلا في شئون العدالة، حيث تظل محكومة وهى تمارس هذا الحق بالمبادئ والضمانات التي أرساها الدستور للسلطة القضائية، في المواد: «5، 94، 184، 185، 186، و188»، فإذا ما خالفت السلطة التشريعية تلك المبادئ، والضمانات المقررة للسلطة القضائية، وتجاوزت بسلطتها ذلك، كان ذلك خاضعا لرقابة القضاء.

واستند القضاة إلى الدستور في مادته 94، الذي نص على «استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات»، وكذلك ما تضمنته المادة 184 من أن السلطة القضائية مستقلة، والتدخل في شئون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم، والمادة 185 التي شددت على أن: «تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها».

وأوضح القضاة أن تعيين رئيس السلطة القضائية يعد من ضمن شئونها، التي لا يجوز التدخل فيها، فأمر العدالة لا يتعلق بولاية القضاء فحسب، وإنما يتعلق كذلك بشئون القضاء، وهو ما أوجبته المادتان 166 و186 من الدستور، من أن: «القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو شئون العدالة»، واعتد القضاة بما تضمنته المواد 185 و186 و188 من قيام كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، وأن القضاء يدير شئونه مجلس أعلى، موضحًا أن الدستور لم يحل للقانون سوى ما يخص تشكيل مجلس القضاء الأعلى واختصاصاته، دون أن ينص صراحة على حق رئيس الجمهورية بالتدخل في تعيين رئيس محكمة النقض.

ولما كان ذلك، وكانت المادة 139 من الدستور الواردة في الفصل الثاني منه تحت باب السلطة التنفيذية تنص على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، وعندما عرض لاختصاصات رئيس الجمهورية في باقي المواد، فلم يفرق المشرع الدستوري بين الاختصاصات التي يمارسها رئيس الجمهورية بصفته رئيسا للدولة، والاختصاصات الممنوحة له بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية، وإنما وردت في الدستور إجمالا دون تخصيص، فمؤدى منحه حق اختيار رئيس محكمة النقض رئيس السلطة القضائية، بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية، هو في حد ذاته عدوان من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وإهدار لمبدأ الفصل بين السلطات، الذي هو وثيق الصلة بمبدأ استقلال القضاء، ولا يمكن أن يرد على ذلك بأن هذا الاختصاص يمارسه رئيس الجمهورية بصفته رئيسا للدولة، وليس رئيسا للسلطة التنفيذية؛ لأنه يجمع بين الصفتين حسبما جاء في المادة 139 من الدستور الذي أورد اختصاصات رئيس الجمهورية إجمالا دون تخصيص.

وتابع القضاة: «إن المادة 192 من الدستور جعلت اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا من أعضاء الجمعية العامة للمحكمة»، كما نصت المادة 189 بشأن اختيار النائب العام، «أن يختاره مجلس القضاء الأعلى ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية»، فالمشرع الدستوري أضفى استقلالا على رئيس المحكمة الدستورية، بأن «يختار من جمعيته العامة دون ثمة تدخل لرئيس الجمهورية»، إلا بإصدار قرار كاشف، وأضفى مقصده ذلك على النائب العام أيضا بأن يُختار من مجلس القضاء الأعلى وأن يصدر رئيس الجمهورية قرارًا كاشفا له.

وأكد القضاة أن التعديلات لم تعرض على الجهات والهيئات القضائية؛ لأخذ رأيها، وذلك بالمخالفة لنص المادة 185 من الدستور، التي أوجبت أخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، وقد ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، والأوضاع الشكلية هي من مقوماتها، ولا تقوم إلا بها.

وأوضح القضاة أن مشروع التعديلات تعطي لرئيس الجمهورية سلطة اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى وهو رئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس التأديب الأعلى بموجب المادة 107 من قانون السلطة القضائية، ويعطيه كذلك سلطة اختيار رئيس مجلس الدولة، الذي هو رئيس المحكمة الإدارية العليا، ورئيس مجلس التأديب بموجب المادتين 4 و112 من قانون مجلس الدولة، وذلك هو عين التدخل في شئون القضاء، تدخلًا ينال من استقلاله، حيث لا يكون الاستقلال تامًا، إلا بأن يكون اختيار رؤساء الهيئات القضائية بيد السلطة القضائية، لا بيد السلطة التنفيذية، ومن ثم يكون المشروع المعروض مشوبًا بشبهة عدم الدستورية.

واستشهد القضاة بالإعلان العالمي لاستقلال القضاء، والذي أورد في المادتين الرابعة والسابعة منه، أن استقلال القضاء هو أن تكون السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولا يجوز أن يكون للسلطة التنفيذية أية رقابة على السلطة القضائية.

يذكر أن مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبد العال، وافق بصفة نهائية على مشروع قانون تعديل قانون السلطة القضائية، المقدم من النائب أحمد الشريف وكيل اللجنة التشريعية، والذي تم رفضه من جميع رؤساء الهيئات القضائية، وذلك بصفة نهائية بتوافق الثلثين.

وجاءت التعديلات الجديدة في أن يستبدل بنص المادة 35 من قانون هيئة النيابة الإدارية، بأن يعين رئيس هيئة النيابة الإدارية بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه، يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة من بين أقدم سبعة نواب رئيس الهيئة، وذلك لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية، حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أٌقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله.

ويجب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس الهيئة بستين يوما على الأقل، وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور في الفقرة السابقة، أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة، أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة في الفقرة الأولى يعين رئيس الجمهورية، رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الهيئة.

وجاء التعديل الثاني في أن يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 16 من قانون هيئة قضايا الدولة، أن يعين رئيس الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه، يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الهيئة، وذلك لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، ويجب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس الهيئة بستين يوما على الأقل.

وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور في الفقرة السابقة، أو ترشح عدد يقل عن ثلاثة، أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة في الفقرة الثانية، يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الهيئة.

وفى المادة الثالثة، تضمن التعديل أن يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 44 من قانون السلطة القضائية، بأن يعين رئيس محكمة النقض بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 من نوابه، يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المحكمة، وذلك لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، ويجب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس المحكمة بستين يوما على الأقل، وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور في الفقرة السابق، أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة أو ترشح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة في الفقرة الثانية، يعين رئيس الجمهورية رئيس المحكمة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المحكمة.

وفى المادة الرابعة نص التعديل أن يتم استبدال نص الفقرة الأولى من المادة 83 من قانون مجلس الدولة في أن يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 من نوابه، ترشحهم الجمعية العمومية الخاصة بمجلس الدولة، من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس، وذلك لمدة أربع سنوات أو المدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله، ويجب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس المجلس بستين يوما على الأقل.

وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور في الفقرة السابقة، أو ترشح عدد يقل عن ثلاثة ـ أو ترشح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة في الفقرة الأولى يعين رئيس الجمهورية من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الجمهورية، وفى المادة الخامسة نصت على أن ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره ويلغى كل حكم يخالف أحكامه.
الجريدة الرسمية