رئيس التحرير
عصام كامل

واقعنا المرير.. والمخرج منه


عندما ننظر إلى واقع أمتنا العربية والإسلامية الحاضر وما آل إليه حالنا من ضعف وهوان واستكانة وفرقة وتمزق وانقسام وانحدار وتخلف وتكالب قوى الشر علينا، يحزن ويتألم العقلاء منا ويتساءلون: لماذا وصلنا إلى هذا الحال المزري المرير؟ وما هي الأسباب التي أدت بنا إلى ما نحن فيه؟ وما المخرج منه؟ وكيف نعود إلى ما كنا عليه في صدر الإسلام زمن النبوة والخلافة الراشدة من قوة ومجد وعزة ومنعة وغلبة؟ 


لا شك أن الأسباب كثيرة منها وعلى رأسها ابتعادنا عن منهج الله تعالى وشريعته الغراء وتركنا لهدي نبيه الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، نعم.. لقد أضعنا أحكام الله تعالى وتعاليمه وهان علينا أمره ونهيه فهنا في أعين العالم، هذا بالإضافة إلى الأطماع الشخصية لكثير ممن اعتلوا الحكم وانشغالهم بتحقيق مصالحهم الشخصية وإهمالهم مصالح العباد والبلاد بالإضافة إلى الصراعات على الحكم والملك، هذا بالإضافة إلى حبنا للدنيا وتعلقنا بها وركوننا إليها وانقيادنا خلف الأهواء والغرائز والشهوات وتأثرنا بالحضارة المدنية التي صدرها الغرب إلينا.

حضارة العري والإباحة والمجون، وأسلحة الدمار والإبادة، تلك الحضارة الخالية تماما من الجوانب الإنسانية والروحية، هذا بالإضافة إلى وجود طوائف وجماعات ضالة مارقة مأجورة تزيت بزي الدين وهو منها براء عملت جاهدة ولا زالت تعمل على انقسام الأمة وشق الصف وإضعافها وإحداث الفتن فيما بينها. 

من هنا أصابنا الضعف والوهن والانقسام وكدنا أن نضيع إن لم يكن قد حدث ذلك فعلا في عالم تحكمه القوى وقانون الغاب عالم غاب فيه العدل وماتت فيه الإنسانية بعد ضياع حقوقها.. هذا ومعلوم أنه عندما تغيب العدالة وتموت الرحمة وتظهر الأطماع وتتغلب المصالح يحكم قانون الغابة ويهيمن، القوى يأكل الضعيف وهذا هو القانون الحاكم على العالم الآن بعد سيطرة الصهيونية العالمية على الدول الكبرى التي تعمل لمصالحها..

نعم، هذه هي الحقيقة التي يجب أن نعترف بها، نحن في عالم مريض بداء سرطاني خبيث اسمه الطمع، عالم تحكمه المصالح والأطماع، عالم غابت فيه الضمائر وماتت فيه القيم الإنسانية النبيلة، عالم فيه سادة وعبيد، سادة يتحكمون في كل شئ، عالم يتغنى بالعدل والحرية وحقوق الإنسان وهو أبعد ما يكون عن ذلك إنه يتحدث عن الحرية والعدل وحقوق الإنسان ولكن التي تخدم مصالحهم فقط وأطماعهم، عالم قدم لنا حرية مزيفة لإضعافنا والقضاء على قيمنا الدينية وأعرافنا وتقاليدنا العربية، حرية سقطت فيها الأخلاق وضاعت فيها القيم والمبادئ الإنسانية النبيلة والتي بها يكون الإنسان إنسان له قيمة وكيان، حرية تدعوا إلى إطلاق العنان للأهواء والغرائز والشهوات والمجن والفجور، حرية الإباحة للرذائل، حرية على حساب كل القيم الإنسانية المحترمة النبيلة وللأسف إنقدنا خلفهم بلى وعي وبلا تعقل حتى أصبحنا فريسة سهلة لأنيابهم التي لا ترحم..

هذا ولقد تركنا وابتعدنا كثيرا عن منهجنا القويم الذي هو مصدر قوتنا والضامن الوحيد لبقائنا وصمودنا بين وفي عالم الغاب الذي لا يحترم إلا القوى، إن منهج ديننا الحنيف هو المصدر الوحيد لوحدتنا وقوتنا وعزنا ومجدنا والدليل على ذلك ليس ببعيد منذ ألف وربعمائة عام في صدر الإسلام ساد العرب والمسلمون العالم وتحكموا فيه شرقا وغربا وصنعوا حضارة حقيقية حضارة إنسانية أساسها العدل والحرية والمساواة والرحمة والتراحم وعمارة الأرض وحب الحياة وإثراؤها، حضارة عم خيرها العالم بأسره، وإذا تساءلنا عن أسباب تلك الحضارة وكيف صنعت؟..

الإجابة ببساطة، لأنهم تمسكوا بمنهج الله وأقاموا شريعته بالفهم الصحيح الخالي من التعصب والعنف والتطرف واتبعوا هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هذا ولم تكن حضارتهم قاصرة على الجوانب الدنيوية المادية فقط بل كانت حضارة إنسانية، للضعيف فيها مكان ومكانة وحضارة كان العدل والرحمة والإحسان أساسها وأظهر سماتها، حضارة احترمت العقول والأديان وأصحاب المعتقدات الأخرى، حضارة اتسعت جميع البشر ووسعتهم، من هنا لا مخرج لنا ولا عودة إلى ما كنا عليه من قوة ومجد ورخاء إلا بتركنا للأطماع ورجوعنا إلى شريعتنا الغراء ونهج نبينا الكريم وهديه القويم صلى الله عليه وسلم، وهنا لي سؤال، هل ممكن أن يتحقق ذلك في ظل مانمر به الآن.

الجريدة الرسمية