رئيس التحرير
عصام كامل

الله يلعنها.. من باب الاحتياط!


رقصت الدكتورة منى البرنس مرة ثانية على فيس بوك. بثت فيديو مختلف عن فيديو الأزمة الأولى. تحدت الجميع. تمسكت بـ "حريتها الشخصية" ووجهة نظرها في أن "ما حدش له عندها حاجة".


الفيديو مستفز.. خصوصًا وأن تحقيقات الجامعة مع الدكتور لم تنتهِ. لكن واضح أنها لا يهمها تحقيقات ولا دياولو. واضح إنها أزمة كبيرة.. مشكلة.

تعرف مشكلاتنا فين بالضبط؟

مشكلاتنا لا هى سياسية، ولا هى بحث عن الديمقراطية، ولا سعي للحريات. مشكلاتنا اجتماعية بامتياز. مشكلاتنا في انقلاب "اجتماعي" فوقاني تحتاني، أتى بالأعلى أسفل وجعل الأسفل أعلى. "اتخلبطت" المفاهيم، واختلت المعايير.. لتظهر دكتورة في الجامعة، وهاتك يا رقص في فيديو مصور.. ثم تقولك "حرية" سلوك.. وحرية رأي.

الله يحرقها حرية.. الله يلعنه رأي. لا الدكتور "منى" حرة ترقص في فيديو علني، ولا خطأها يمكن تبريره على أنه وجهة نظر.الدكتورة مش حرة. تصوير نفسها في بيتها، وهاتك يا رقص وهز في الصالة، وبث الوصلة على مواقع التواصل خطيئة.

الدكتورة عضو هيئة تدريس في الجامعة. مفترض أن جلال المهنة، ووقارها، سلب من حريتها، وأضاف لرصيد المهنة هيبة واحترام. قلصت المهنة من حريات الدكتورة، منذ أن ارتضت الانضمام للأسرة الجامعية.

مهنًا كثيرة، مفترض تصنع من نفسها سياجًا، تلفه حول أعضائها، ومنتسبيها، وربما تجعل نطاق حريتهم أضيق من خرم الإبرة.

لكن مشكلاتنا تفاقمت، لما تماهت الحدود بين الحرية والفوضى. وتداخلت المفاهيم بين حرية الرأي وقلة الأدب. عالم السوشيال ميديا السبب.. ثورة يناير المباركة أس البلاوي أيضًا. من بعدها، والخطوط ليست واضحة.. ولا المقامات محفوظة.

التدريس بالجامعة رسالة، لها مقوماتها، علمية وأدبية.. ومعنوية أيضًا. من غير المتصور، اعتبار رقص دكتورة جامعة، محزمة وسطها، في بيتها ضمن حدود الحريات. ما دام الفيديو على مواقع التواصل، يبقى الدكتورة رقصت في الشارع. لو كانت حرة، كانت رقصت وحدها. لم يعترض أحد على رقصها.. الاعتراض على رقصها في الشارع.

لو نزلت الدكتورة الوقورة بلا ملابس في الشارع.. هل هى حرة؟

تمام.. أهي رقصت في الشارع.. ويقولك حرية. صعب تواجد قاضي في ماخور بدعوى الحرية.. لا يمكن قبول ضابط شرطة في "غرزة حشيش" تحت بند "ما حدش له عنده حاجة". المصطلح نفسه خطأ. المجتمع له عند أفراده حاجات.. الناس لها عند بعضها الكثير.

صحيح الدكتورة لم تصور نفسها في "غرزة "، وصحيح الفيديو لم يكن في ماخور، لكن فعل "الرقص" نفسه أخذ من مساحة ميدان الاحترام المفترض لمكانتها، مدرسة للطلبة، ومعلمة لأجيال.

في الحق والخير والجمال الأمور ليست نسبية. النسبية في المعارف الذوقية، يعني طعم الموز، وحب الفراولة، لكن في المفاهيم العامة تقل حدود النسبية إلى نطاق ضيق. لو تحول الحق لوجهات نظر باظت الدنيا.. لو تحول معنى الخير لمختلف فيه حلت الفوضى.

في نظريات الفلسفة، تكتسب الأفعال الإنسانية الحكم عليها من ذواتها، لا من نظرة الناس إليها. مشكلتنا الأساسية، أن الأشياء كلها تحولت لدينا "وجهات نظر" و"حرية ". لذلك لم نعرف معاني الحرية للآن.. ولم نستطع التعامل مع وجهات النظر حتى اليوم.

لو الفرق واضح بين الحرية وقلة الأدب.. لما رقصت الدكتورة.. ولا شن نشطاء السوشيال ميديا حملات مؤيدة.. بسباب رهيب لمجتمع "مغلق" و"مزدوج ".

صحيح مجتمعاتنا مزدوجة مغلقة. لكن ليست في تلك المسألة. رقص الدكتورة علنيا خطأ كبير. وإشارة لبلاوينا الاجتماعية. رقص الدكتورة "عيب".. حتى لو قالت إنها حرة.
الله يخيبها مواقع التواصل.. هى السبب. والله يلعنها "ثورة".. من باب الاحتياط.
wtoughan@hotmail.com
twitter:@wtoughan
الجريدة الرسمية