رئيس التحرير
عصام كامل

آخر نكتة لوزارة التموين


قبل عدة أشهر وتحديدًا في شهر يناير الماضي، وفي أزمة غلاء الأرز، قررت وزارة التموين حلا للأزمة استيراد كميات ضخمة من الأرز الهندي، وقد ذكر المستشار الإعلامي لوزارة التموين وقتها أن السبب في استيراد ذلك الأرز هو امتناع شعبة الأرز والمضارب بالغرفة التجارية عن توريد الأرز بأقل من 6.5 جنيهات للكيلوجرام.. وأكد أن الأرز الهندي يبلغ سعره عندما يصل إلى الموانئ المصرية نحو 450 دولارًا للطن أي 9000 جنيه للطن أي 9 جنيهات للكيلو الواحد قبل النقل الداخلي والتعبئة والتوزيع.


وأضاف أن الشركات التي تتعامل مع وزارة التموين لا تُريد المكسب بقدر ما تريد أن تصل السلع الأساسية للمواطنين بالأسعار التي تناسب محدودي الدخل ( يا سلام على الإنسانية ! ).. ولفت إلى أن سعر الأرز في غرف التعبئة التجارية عند حصول وزارة التموين يصل إلى 6.5 جنيهات للكيلو، وأن هذا السعر لا يتناسب مع السوق، مشيرًا إلى أن التموين تُقدر حالة الغلاء المُستمر في الأسعار وتُريد أن تعرض سلعتها بسعر مناسب للمواطن ( يا سلام على الحنيِّة! ).

وبالفعل دخل الأرز الهندي مجال البطاقة التموينية، ولكن الموطنون لم يقبلوا عليه حتى أن البقال التمويني يرجو المواطن أخذ كيلو أو أكثر على البطاقة ويرفض المواطن ذلك لأسباب كثيرة، منها أن جودة هذا الأرز لا تضاهي جودة الأرز المصري الذي له نكهة وطعم مختلف عن الهندي، كما أن سعر الأرز المصري يزيد قليلا جدًا في السوق الحرة على سعر الأرز الهندي في بطاقات التموين؛ مما جعل المواطن يرفض الأرز الهندي لأنه يستطيع أن يشتري الأرز المصري بسعر أعلى قليلا لكنه أكثر جودة، وبالتالي تكدَّس الأرز التمويني لدى البقال التمويني، وأراد الدكتور على المصيلحي تصريفه بأن ربط لكل فرد على البطاقة كيلو أرز لكن المواطن رفض أن يأخذ الأرز وأصر على استبداله بسلع أخرى، خاصة أن الدعم لم يعد سلعيا بل هو دعم مالي لكل مواطن يشتري به ما يشاء من المواد التموينية التي ما عاد سعرها يفرق كثيرًا عن سعر السلع بالأسواق.

فكانت أزمة الأرز الهندي لدى وزارة التموين، حيث يتكدس ولا يشتريه أحد، وسوف ينتهي به الحال لبيعه كعلف أو التخلص منه، فكان قرار الدكتور على المصيلحى وزير التموين، الخاص بطرح الأرز الهندى، والذي استوردته الحكومة المصرية بالعملة الصعبة، لتجار الجملة بسعر بيع 5.5 جنيات، وهنا يأتي التساؤل: أليس في ذلك إهدار للمال العام؟ فقد اشترت الحكومة الأرز الهندي بالعملة الصعبة، وصار سعر الكيلو دون إجراءات النقل 9 جنيهات ولو تم احتساب إجراءات النقل وغيره سيصل سعر الكيلو إلى 12 جنيها، لكن الدكتور المصيلحي يقرر بيعه لتجار الجملة أي في السوق الحرة بسعر 5.5 جنيهات؛ مما يكبد الدولة خسائر كبيرة، وكأن الدولة تريد أن تربح التجار وتريح المستوردين، فهي تستورد لهم السلعة بأسعار مرتفعة على حساب الدولة ( التي هي صاخب المخل ! )، وتنقله لهم، ثم تحاسبهم بسعر متدنٍ، أي أنها توجه دعمها لكبار التجار والمستوردين ! وهذا الأمر يحتاج لمحاسبة من اتخذ قراره باستيراد السلعة قبل دراسة السوق جيدا، وما يقبل عليه وما لا يريده.

كما يستدعي محاسبة صاحب قرار دعم كبار التجار والمستوردين بدلا من محاسبتهم عن أسباب مغالاتهم في الأسعار، فقد كانوا هم سبب التجاء الحكومة لاستيراد الأرز الهندي بأسعار مرتفعة عندما غالوا في سعر الأرز المصري، لكن بدلا من محاسبتهم ولو حتى ضريبيا تكافئهم الحكومة بأن تعطي لهم الأرز الهندي بسعر مدعم، ليبيعوه هم بسعر مرتفع فيكسبوا ويثروا على حساب المواطن الغلبان ودعمه، الذي ذهب لجيوبهم هذه المرة بطريقة مباشرة عن طريق الحكومة نفسها ! 

وهذه نكتة تستحق أن يضحك عليها القاصي والداني "مرة حكومة طلبت تخفيض سعر الأرز من التجار فرفضوا، فاستوردت أرزًا من الخارج بسعر كبير لتبيعه للمواطنين بسعر رخيص فيخسر التجار الذين لديهم أرز، لكن في النهاية أعطت الحكومة الأرز الذي استوردته لنفس التجار بسعر أرخص مما يتخيلوه ليبيعونه هم بسعر مرتفع ويحققون مكاسب كبيرة.
الجريدة الرسمية