رئيس التحرير
عصام كامل

وإغلاقها لا بد منه أيضا!


كما يجب أن تُغلق كل صفحات التطرف على مواقع التواصل.. لا بد أيضا من إنهاء حسابات مُتهمى الأمن بالتقصير.

بعد قصة "مزرعة البحيرة" يجب أن يسكت الجميع.. يجب أن يتركوا الأمن يشوف شغله. لا الأمن مُقصر.. ولا موضوع الإرهاب لعب عيال. الإرهاب ليس كلام فض مجالس من غرفا مكيفة ولا هو مثل"اللعب على تليفون ذكى" من حدائق الأطفال في النوادى.


دول بأكملها تقف مع موجات الإرهاب في مصر.. لولا جهود الأمن في ضبط مزرعة البحيرة، كانت الكارثة ستكون أكبر في أحد السعف.

كانت المصيبة أكبر وأوسع.

مزرعة "البحيرة" دليل على أن تخطيط الإرهاب في مصر مسألة معقدة.. ودليل أيضا على أن جهود الأمن أيضا ليست سهلة. من مزرعة البحيرة خططوا لاغتيال البابا تواضروس. خططوا لعملية متكاملة الأركان.. تفجيرات في أماكن ثانوية للفت نظر الأمن، قبل التفجيرات الأساسية لكنائس يصلى البابا في إحداها.

مضبوطات مزرعة البحيرة تلخص الأزمة وتسمى الدول وتشير إلى حجم ما نواجهه، بينما هناك من يستلقى على ظهره أمام التليفزيون ويقولك: أصل الأمن المفروض يعمل ويسوى.

كلام غريب.. وسلوكيات غير واعية. لا يمكن السماح لحريات غير واعية في فترة دخلت مصر كمية أسلحة، وعناصر، وخطط محبوكة.

في مزرعة البحيرة، مثلا، ضبطوا أعدادا من البندقية "شاهر" الإيرانية. شاهر تصنع في إيران حصرا. قبل سنوات، دفعت قطر ثمن صفقة ضمت "شاهر" لأسلحة أدخلت إلى حماس في غزة. كانت الصفقة الأولى لتصدير البندقية خارج إيران بعد التعديل. وشاهر هي التي ظهرت في فيديو "القنص" الذي بثته عناصر إرهابية في سيناء وقلب فيس بوك.

قبل سنوات، حاولوا في إيران، شراء بندقية القنص الألمانية "شتاير"، إلا أن دولا خليجية وقفت أمام الصفقة ودفعت أضعاف ما كانت ستدفعه إيران فيها. لكن طهران استطاعت، سرقة "خريطة" البندقية، ونجحت في تصنيعها.. ثم تطويرها لتصبح البندقية الأغلى في العالم من طرازها.

طورت إيران "شاهر"، وطولت مداها، لتقتل من بعد 4 آلاف مترا، بدلا من ألفي متر. تطورت التليسكوب أيضا، ورفعت من عيار الطلقات.

في تداعيات 2011، دخلت أسلحة كثيرة سيناء، عن طريق ليبيا. لكن "شاهر" دخلت من غزة. ودخلت بكميات. واضح أنها لم تكن عمليات تهريب فردية.. لكن تهريب ممنهج، له دلالة.. وتقف وراءه دولا لا أفراد.

في مزرعة البحيرة أيضا، وجدوا ألغاما أرضية مضادة للأفراد، مكتوبا عليها باللغة الفارسية، وتبين أنه تم تعديلها أيضا وتطويرها. لا الجماعات المتطرفة تحوز مصانع تعديل أسلحة بتلك القوة، ولا لدى أغلب تلك الجماعات الأموال الضخمة لتسليح من هذا النوع.

دول أخرى تملك المال وتملك السلاح. قطر أولى المتهمين. إيران تساعد.. وقطر تدفع وتنفذ وتأتى بمن يخطط.

الإرهاب في سيناء ليس "لعب عيال". العناصر هناك باتوا أرقى من مجرد عصابات في الجبال. السلاح متطور، والأفكار بانورامية عالية المستوى. مخازن مزرعة البحيرة تكفى للدلالة على هذا الكلام. شكل الخطة التي رسموها، للتنفيذ دليل آخر.

انقضاض الأمن على المزرعة، وسابقة تتبعه لعناصر العملية، أربك المنفذين، فتغيرت الأماكن والخطة والتفاصيل. خرج البابا من الكنيسة قبل موعده بنصف ساعة.. واستشهد على باب الكنيسة ضباط ومصلين.. رحمهم الله شهداء.

نغمة التقصير واللت والعجن على مواقع التواصل قد تكون أشد من ضربات الإرهاب. يلعنه فيس بوك. فتح الباب لمليون محلل من النوع "الجاف" ومليون خبير من الذين لا يعلمون.

على فيس بوك يتندرون على الرقابة على مواقع التواصل. أغلبهم يتحدث عن أروربا.. وفرنسا وبريطانيا.. لكنهم أيضا لا يعلمون. في فرنسا، بعد إرهاب نيس، راقبت الحكومة كل شىء.. كادت تراقب محال بيع حفاظات الأطفال والبامبرز.

صحيح لدى العالم كله مواقع تواصل.. لكن أزمتنا في "ثقافة مواقع التواصل".. لا في مواقع التواصل نفسها. لو وصل الأمر لضرورة إغلاقها.. فإغلاقها لا بد منه. لو في تلك الحالة أغلقناها.. يبقى ما قصرنا.
wtoughan@hotmail.com
twitter:@wtoughan
الجريدة الرسمية