رئيس التحرير
عصام كامل

لا تتركوهم فريسة.. ولنحصنهم بصحيح الدين!


إذا كانت العناصر الإرهابية التي يجري استخدامها في التفجير والقتل لا أمل في إعادتها لطريق الحق بعد أن تشبعت بالمفاهيم المغلوطة، فلا أقل من أن تدرك الأجيال الجديدة فنحصنها بالوعي وصحيح الدين، حتى لا نجد من بينهم من يذهب للموت وسفك الدماء دون عقل ولا رشد ولا اعتقاد صحيح ولا ثمن؛ الأمر الذي يعني أننا في حاجة لتغيير البيئة الحاضنة للإرهاب الطاردة للفكر السليم. 


وهو ما يقودنا بالضرورة إلى المعركة الأساسية، معركة البقاء والتنمية بتجفيف منابع الإرهاب والفقر والعشوائية وإصلاح التعليم والخطاب الديني والمعاملات، وخلق مجتمع القدوة الصالحة.. وأحسب أنها ضمن أولويات المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف الذي أصدر الرئيس السيسي قرارًا بتشكيله على خلفية تفجيري "طنطا والإسكندرية" اللذين إن كانا في ظاهرهما طائفيين فإنهما في جوهرهما سياسيين بامتياز، أريد بهما توصيل رسائل سياسية عديدة للداخل والخارج معًا..

فهما من ناحية وقعا فور عودة الرئيس السيسي من زيارة عمل ناجحة لأمريكا، وما كان فيها من حفاوة أمريكية بمصر ورئيسها وتعاون وثيق بين الدولتين في مواجهة الإرهاب، الذي أراد إفساد الفرحة بنجاح تلك الزيارة، كما أراد ضرب السياحة الآخذة في الانتعاش بعد إعلان أمريكا بأن مصر آمنة وتوافد الوفود السياحية من أوروبا وغيرها..

كما تزامن الحادث مع احتفالات مصر بأعياد أقباطها فأريد إفساد فرحتهم وتفجير أحزانهم من جديد وخلق فجوة بينهم وبين الدولة وإشاعة التوتر مع إخوانهم المسلمين، وتعريض الجبهة الداخلية للخطر، فضلًا على تخويف بابا الفاتيكان من إتمام زيارته المرتقبة لمصر، والتي أصر الرجل على إكمالها رغم الظروف الحالية..

والسؤال هل نجح الإرهاب في تحقيق غاياته الدنيئة.. أم أنه لا يزال هناك إمكانية لاحتواء التداعيات وإحداث صحوة تجعل المحنة منحة وبداية لتغيير حقيقي جامع، يعيد الاصطفاف الوطني خلف راية الدولة، ويجعل المجتمع خلية عمل متكاملة وبوتقة تنصهر فيها الجهود والآمال والتطلعات لتحقيق غد أفضل.. وفرصة لإنعاش الحالة السياسية وجمع الأحزاب وأطياف المجتمع المدني والإعلام والمؤسسات الدينية على قلب رجل واحد؛ للعبور بالوطن إلى بر الأمان وسط تحولات عاصفة تنتظر المنطقة وتنذر بتحويلها إلى ساحة لصراع أشد خطرًا وأكثر تمزيقًا وتقسيمًا لدولها.
الجريدة الرسمية