رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة أخلاق!


بداية الظاهرة المؤسفة، كانت تسربيات لتسجيلات تليفونية للمعارضين، يتولى عرضها بعض الإعلاميين المحسوبين على الأجهزة الأمنية، تستهدف النيل من سمعتهم، والإساءة إلى أشخاصهم، وكانت تلك التسريبات تتوقف عند المواقف السياسية للخصوم، وارتباطهم بجهات أجنبية تمول تحركاتهم ضد الدولة، كما تدعي تلك الأجهزة.. دون أن تتورط في العلاقات الشخصية والأسرية.


ويبدو أن تلك التحفظات، حالت دون تشويه المعارضين بالقدر المطلوب، لذلك تم إسقاطها، وقد شاهدنا عبر شاشات إحدي الفضائيات، مقاطع فيديو تسجل علاقات جنسية غير شرعية لمعارضين، لا نعرف إذا ما كانت حقيقية.. أم تم «فبركتها» للتدليل على انحرافات المعارضة، وممارسات رموزها من الذين لا يحترمون قيم المجتمع.. ولا يلتزمون بالقواعد الشرعية.. والوقائع التي تشير إلى هذا التطور عديدة، ربما أبرزها ما حدث مع المخرج والنائب المحترم خالد يوسف.

ثم سقطت الخطوط الحمراء التي كانت تتوقف عن الخوض في العلاقات الأسرية الشرعية، لتتحول تلك العلاقات إلى مادة خصبة، للإساءة ليس فقط للمعارضين، إنما للمسئولين في الدولة عن الخلافات مع السياسات التي يتبعونها.

كما أن تلك الظاهرة المؤسفة لتشويه المخالفين في الرأي، لم تقتصر على اتباع الأجهزة الأمنية في وسائل الإعلام، إنما امتدت إلى الصحف والفضائيات، وتورط فيها العديد من كتاب الأعمدة ومن بينهم من لم يعتد القراء على دخولهم تلك الحلبة.

وقد يقال إن حياة المسئول الخاصة ليست ملكا له، وإنما يحق لكل المواطنين تناولها، خشية أن تؤثر فى سياساته، وهي كلمة حق يراد بها باطل، طالما أن الحياة الخاصة للمسئول لا تدخل في صميم عمله، ومنها اختياره للزوجة التي يرتبط بها، فهذا أمر يخصه وحده.. ولا يهم أحد غيره.

وآخر من تعرضوا لتلك الحملات الظالمة، محافظ البنك المركزي طارق عامر الذي تحولت قضية زواجه من وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد، إلى مادة للإثارة في مختلف وسائل الإعلام، بحيث كادت تطغى على كل مشكلات المصريين، بدءا من أزمة الخبز التي أشعلها قرار وزير التموين بإلغاء الكارت الذهبي.. فجأة دون استعدادات مسبقة لتلاقي غضب المواطنين.. إلى الغلاء الذي يكتوي بناره المصريون جميعا، دون أن تتحرك الحكومة للتصدي للذين يشعلون الأسعار، وكانت تلك المشكلات.. وغيرها أحق باهتمام الإعلاميين من زواج المحافظ.. والوزيرة!

ولا شك أن ما جري من تطاول على الرجل.. والإساءة إلى زوجته الفاضلة، ستدفع كل من يستدعي لتولي أحد المناسب العليا.. أن يفكر ألف مرة قبل أن يقبلها، وقد دفعت مل تلك الحملات من قبل إلى اعتذار العديد من المرشحين لمناصب الوزراء والمحافظين للاعتذار عن قبولها، فليس هناك ما يدفع الخبراء المميزون ومنهم من يحصل على مميزات مالية لا توفرها الدولة للوزراء، إلى قبول التضحية بالمنصب، ثم يتعرض لاقتحام حياته الشخصية وتشويه سمعته.. لمجرد الاختلاف حول السياسات.

ولو أن الذين استباحوا الخوض في حياة المحافظ اختلفوا على سياساته بدعوى أنها أدت إلى انهيار الجنيه على حساب الدولار.. لوجدوا المؤيدين الذين يحملونه مسئولية الأزمة، كما سيجد من يدافع عنه، بحجة أنه ورث الأزمة عن حكومات سابقة، ولم يشعلها وأن التعويم قرار دولة وليس قرار فرد... إنها حقًا.. أزمة أخلاق!
الجريدة الرسمية