رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السلفية والتسلف


يرفع البعض شعار"فلنكن كما كان السلف في الفقه والأفكار والأعمال"، ويبدو أن هذه الدعوة كانت براقة، لذلك حدث تمدد للتيار السلفي في كثير من الدول، ورغم أن الله سبحانه لم يطلق علينا إلا تسمية واحدة، إذ قال في كتابه الكريم "هو سماكم المسلمين من قبل" ولكن البعض يرغب في التمايز، فيفارق تلك التسمية المباركة ويخترع من عندياته تسميات لا أصل لها في زمن النبوة، ولعلنا جميعا نعرف الحديث الشريف:"يبعث الله على رأس كل مائة من يجدد للأمة أمر دينها"، وهذا الحديث يعني أن فهم المسلمين للدين سيظل متجددا وفقا للأحداث ولتغير الزمان والمكان، إلا أن من رفع شعار السلفية أراد من الأمة أن تقف عند زمن واحد وفكر واحد.


لذلك سؤال لابد من الإجابة عنه، وهو: هل السلفية مذهب ديني أم أنها فترة زمنية؟ أجاب عن هذا السؤال العلامة الدكتور المرحوم محمد سعيد البوطي في كتابه الشهير "السلفية مرحلة زمنية مباركة"، وأظن أن عنوان الكتاب يدل على طبيعة الإجابة، لم يكن غريبا على البوطي أن يطرح فكرته بسلاسة واقتدار، وهو الدارس الباحث الأريب الذي أوتي من كل فقه سببا، ولم يكن من المستغرب أن يصل البوطي في بحثه إلى حقيقة غابت كثيرا عن أذهان بعضهم، تلك الحقيقة الغائبة تشير إلى أن "السلف لم يكن شيئا واحدا ولا طريقة واحدة" بل عاش الإسلام في الأعصر الأولى ــ

تلك العصور التي يبتغي البعض اقتفاء آثارها ذراعا بذراع وشبرا بشبر ــ بين تشدد المتشددين وتيسير الميسرين، عاشت تلك العصور التي نطلق عليها عصور السلف بين أهل التقليد وأهل الرأي، بين من يأخذ بالعزيمة ومن يأخذ بالرخصة دون أن ينكر هذا على ذاك ولا أولئك على هؤلاء.

كانت السلفية إذن مرحلة زمنية، ولكنها تحولت عند بعض أصحاب الأفهام المتشددة إلى مذهب ديني مبتدع، وعن ذلك يقول البوطي رحمه الله : "إن السلفية الحالية مذهب جديد مخترع في الدين".

ولأن السلفية بمفهومها المتشدد تمددت وانتشرت في أوساط أنصاف المتعلمين إلا أن الطامة الكبرى هي أن السلفية سيطرت على الأزهر، ووضعت أفكارها في مناهجه.. "وإنا لله وإنا إليه راجعون"..
Advertisements
الجريدة الرسمية