رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تساؤلات طفل عن العدو الصهيونى!!


يوسف طفل لم يبلغ عمره بعد العشر سنوات، لكن اهتماماته ليست كبقية الأطفال الذين في مثل عمره، فدائما ما يثير العديد من التساؤلات التي تبدو أنها أكبر من عمره بكثير، ولا أتعجب من ذلك لعلمى بأن الطفل هو ابن بيئته، والإنسان عموما كائن اجتماعي يولد كصفحة بيضاء، ومحيطه الاجتماعى هو الذي يشكل هذه الصفحة فيرسم فوقها ما يشاء.


وبما أن يوسف طفل نشأ في كنف أب يقضي معظم وقته في العمل السياسي تنظيرا وممارسة، حيث القراءة والكتابة ما بين كتب وبحوث علمية ومقالات صحفية ومحاضرات وندوات ولقاءات إذاعية وتليفزيونية، تدور في أغلبها حول ما يشهده الوطن والأمة والعالم من أحداث ذات صبغة سياسية بطريقة أو بأخرى، وإذا أضفنا إلى هذا الموقف الأيديولوجى لهذا الأب القومى العربي، والانتماء السياسي الناصرى، والانحياز لقضايا الفقراء والكادحين والمهمشين داخل مجتمعه وأمته بل والعالم أجمع، لوضحت تماما الصورة الذهنية التي يمكن أن ترتسم داخل عقل ذلك الطفل، خاصة وأنه مرتبط بالأب ارتباطا وثيقا سواء خارج المنزل أو داخله.

وبما أننا وخلال السنوات الست الماضية منذ كان يوسف لم يبلغ بعد الرابعة من عمره، ندور في فلك حديث لا ينقطع عن دور العدو الصهيونى فيما يحدث من مؤامرات داخل مجتمعاتنا العربية، تحت مسمي مزعوم هو الربيع العربي، في حين أن كل من لديه عقل ووقف ليتأمل المشهد جيدا سيتأكد بما لا يدع مجال للشك أن هذا الربيع هو ربيعا عبريا بامتياز، وقد ردد الأب هذا الكلام كثيرا في الكتابات واللقاءات الإعلامية المختلفة مقروءة ومسموعة ومرئية، وخاض العديد من المعارك للدفاع عن وطنه وأمته العربية التي تتعرض لهذه المؤامرة التي يلعب فيها العدو الصهيونى دور الأصيل، في حين تلعب الجماعات الإرهابية التكفيرية المسلحة دور الوكيل، وكان يوسف يتابع ذلك ويحفظه ويردده في بعض الأحيان دون وعى، وكان الأب يسعد بما يردده يوسف كنوع من تأثره بما يسمعه منه.

ولم يكن يدرى ذلك الأب أن يوسف قد بدأ يفكر فيما يسمعه، بل بدأت الحيرة تنتابه وكثير من التساؤلات عن ذلك العدو الصهيونى تدور في ذهنه، وبدأ يقارن بين ما يسمعه من والده عن أن العدو الصهيونى هو سبب كل المصائب التي تحل على وطننا، وبين ما يسمعه في وسائل الإعلام من أن هناك اتفاقية سلام بين مصر وهذا العدو الصهيونى، فكيف يكون هناك بيننا وبينهم سلام، وفى نفس الوقت يرجع والده كل ما يحدث من قتل لجيشنا في سيناء إلى هذا العدو الصهيونى، وهذه الاتفاقية المزعومة للسلام ؟!

وجاءت الأسابيع الأخيرة لتزداد حيرة يوسف أكثر فأكثر، فوالده يكتب ويخرج في لقاءات إعلامية يتابعها هو بشغف كبير، ليؤكد أن اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيونى هي أحد أهم أسباب عدم تمكن الجيش المصرى من إنهاء الحرب الدائرة مع الجماعات الإرهابية التكفيرية التي عبرت الحدود، وتمركزت في سيناء في تلك المنطقة المعروفة بالمنطقة (ج) وفقا للاتفاقية وهى منطقة منزوعة السلاح ولا يسمح للجيش المصرى بالتواجد بها لا بالجنود ولا بالمعدات الحربية، فقط وعلى مساحة شاسعة من الأرض بعض أفراد الشرطة بأسلحتهم الخفيفة. في نفس الوقت يسمع يوميا عن معارك الجيش في هذه المنطقة خاصة جبل الحلال في شمال سيناء.

هنا جاء سؤال يوسف لوالده مباغتا كيف تقول إن الاتفاقية لا تسمح في حين أن الجيش يستخدم قواته ومعداته الحربية في هذه المعركة؟ هنا حاول الأب التوضيح أن التدخل الأخير جاء بالتنسيق مع العدو الصهيونى. فكان السؤال الأكثر مباغتة كيف نقبل باتفاقية لا تسمح لنا بحماية أرضنا؟ وكانت الإجابة أن رفضنا للاتفاقية يأتى من أنها مجحفة ولا تسمح لنا بسيادة كاملة وحقيقية على أرضنا. فكان سؤال الطفل من الذي عقد الاتفاقية؟ وجاءت الإجابة الرئيس السادات ومازالت مستمرة حتى اليوم. فجاء سؤال آخر: ولماذا لا تلغى مصر الاتفاقية مادامت هي سبب هذه الكوارث في سيناء؟ وجاءت الإجابة إن عملية الإلغاء تتطلب جرأة سياسية، لأنها تعنى إعلان الحرب على العدو الصهيونى.

انتظر الوالد رد فعل يوسف الطفل الصغير، وبعد تفكير وتردد من الطفل عاود مشاكسته من جديد: مادام العدو الصهيونى مغتصب لأرضنا العربية في فلسطين كما تقول، ومادام يحتل جزءا من سورية ويقوم الآن بضربها بالطيران وتقوم الصواريخ السورية بالتصدى لها كما قلت في مقالك الأسبوع الماضى، ومادام يواصل محاولات ضرب لبنان وتتصدى له المقاومة والسيد حسن نصر الله كما تقول، ومادام الجيش المصرى يواصل معاركه في سيناء ويتصدى لهذه الجماعات الإرهابية والمعركة تطول بسبب هذه الاتفاقية مع العدو الصهيونى، إذن لماذا لا تتوحد كل الدول المتضررة من العدو الصهيونى وتعلن عليه الحرب؟ وجاءت الإجابة أن مسألة الوحدة هذه هي المعضلة التي تحتاج لحل أولا.

وهنا وجد الأب سؤالا أخيرا لم يكن يتوقعه من يوسف وهو لو كان جمال عبد الناصر موجودا هل كان سيعقد اتفاقية سلام مع العدو الصهيونى؟ وهل كان سيسكت على ما تتعرض له البلدان العربية من اعتداءات صهيونية؟ هنا جاءت إجابة الأب الأخيرة رحم الله جمال عبد الناصر الذي قال: "لا صلح لا تفاوض لا اعتراف " وقال أيضا: "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"..

لذلك فمعركتنا مع العدو الصهيونى معركة وجود وليست معركة حدود، الأولى تنتهى بالحرب والثانية بالسلام المزعوم، وهو ما لا نقبله لذلك مازلنا نردد مصطلح العدو الصهيونى، ولن نتوقف عن اعتباره كذلك قبل أن نخوض الحرب وننتصر، اللهم بلغت اللهم فاشهد.


Advertisements
الجريدة الرسمية