رئيس التحرير
عصام كامل

إذاعة القرآن الكريم شاب عمرها فشب عطاؤها


اتفقت معي أو اختلفت فهي الأعلى تشغيلا واستماعا منذ نشأتها، نافستها القنوات الفضائية والإذاعات (الإنترنتية) والمواقع الإلكترونية، لكنها ظلت محافظة على صدارتها وجماهيريتها، سواء كان ذلك بغية المتابعة والاستفادة من علومها أو تبركا بما فيها من آيات بينات ومواعظ مباركات، فهي المولود الذي نطق يوم مولده فعم صوته أرجاء من حوله.. إنها إذاعة القرآن الكريم. 


تطورت بتطور الزمن فلم تكتف بما عليه من نجاح، فأطلقت موقعا الكترونيا لكي يَعبُر أثيرها مخترقا الجبال والمحيطات يوم 25 مارس 1964م أي منذ 53 عاما، كان الشيخ محمود الحصري -بلغة الإعلام- حصريا على ذبذباتها، يقرأ القرآن بمزماره الداوودي بقراءة حفص عن عاصم، وبعد عام انتهى الحَصري للشيخ الحُصري بعد أن ختم لها القرآن بروايتي حفص وورش فنافسه -وفي ذلك فليتنافس المتنافسون- الشيوخ مصطفى إسماعيل، محمد صديق المنشاوى، وعبد الباسط محمد عبد الصمد، وبعد عامين تقريبا بنى الشيخ محمود على البنا مكانا له بين هؤلاء العمالقة فسجل للإذاعة ختمة مرتلة بصوته..

وقد قيض الله للإذاعة خلال هذه الفترة أعضاء نواب غيورين على دينهم حين تقدم النائب الشيخ محمد حافظ سليمان أحد نواب مجلس الأمة عن دائرة أولاد طوق بسوهاج باقتراح لإدخال أذان الصلوات، وبعض برامج تفسير القرآن الكريم، وبرامج في شرح الأحاديث الشريفة باعتبارها البيان النبوي للقرآن الكريم والمصدر الثاني للتشريع الإسلامي، وتمت الموافقة على هذا الاقتراح، وأحيل للعمل بموجبه إلى السيد وزير الثقافة والإرشاد، الدكتور عبدالقادر حاتم المسئول عن الإعلام في ذلك الوقت..

وبناء عليه أدخل إلى نسيج المادة المذاعة أذان الصلوات وعدد من برامج التفسير وبرامج السنة المطهرة كان من بينها برامج الأحكام في القرآن، والأمثال في القرآن، والحياة في القرآن، والتفسير المقروء، ومن بيوت الله، وكانت هذه إحدى مراحل تطور إذاعة القرآن الكريم، فقد بدأت إذاعة هذه البرامج بمدة إجمالية تمثل (5%) من نسبة عدد ساعات الإرسال، التي كانت تبلغ أربع عشرة ساعة يوميا، والباقي (95%) للقرآن المرتل، ومن بعدها تم إدخال القرآن المجود بأصوات مشاهير القراء، واحتل القرآن المجود بجانب القرآن المرتل مساحة مهمة في مضمون المادة الإذاعية بالمحطة، وصارت تلك الخطوة نافذة تكشف عن عشرات المواهب من القراء الجدد الذين يتم اعتمادهم من قبل لجنة اختبار القراء والمبتهلين بالإذاعة..

ومع حرب أكتوبر زاد عدد ساعات الإرسال إلى 19 ساعة بدلا من 14 وازدادت معها نسبة البرامج، إلى أن جاء عام 94 معلنا عن دوي صوت إذاعة القرآن على مدار اليوم ليشمل الإرسال 24 ساعة تُطرَب فيها آذانك بجمال أصوات المقرئين والمذيعين، فالتنوع في تخصصات رؤساء الإذاعة يبرهن على دمائها المتجددة فإن تولاه رجل أو امرأة، خريج دراسات إسلامية وعربية أو آداب إنجليزي تظل كما هي ببرامجها المتميزة وأصواتها العذبة..

فمن يرصد تخصصات رؤساء الإذاعة منذ نشأتها يكتشف تنوعا وثراء انعكس أثره على العاملين بها، فقد ترأسها في بداية إرسالها شاعر وأديب وهو محمود حسن إسماعيل، ثم تعاقب عليها خريج الآداب كامل البوهي، وخريج الإنجليزي عطية إبراهيم، وخريج الاقتصاد والعلوم السياسية محمد عويضة، وخريجة الدراسات الإسلامية هاجر سعد الدين، وخريجي دار العلوم محمد الشناوي وإبراهيم مجاهد وحسن سليمان، وخريجي الصحافة والإعلام عبدالصمد دسوقي والسيد صالح، وهذا التنوع في التخصصات وفي التلاوات يؤكد لك أن إذاعة القرآن الكريم شاب عمرها وشب عطاؤها.
الجريدة الرسمية