رئيس التحرير
عصام كامل

الخيبة الثقيلة في «المترو»!


على الرغم من أن عدد محطات مرفق مترو الأنفاق بخطوطه الثلاثة يقرب من 90 محطة يرتادها -يوميًا- ما يزيد عن 3 ملايين مواطن، وتمتد كل هذه الكيلو مترات ويخسر! فإنا نقف أمام خلل جسيم في الإدارة ولا غير ذلك!


وربما ليس من قبيل الثرثرة أن نقول إن مقترحات زيادة دخل المترو لم تتوقف من إعلانات بطول الخطوط، إلى إعلانات على عربات المترو ذاتها، إلى دائرة إعلانات تلفزيونية داخل العربات، وعلى الأرصفة، إلى إعلانات على تذاكر المترو ذاتها، إلى أماكن للوجبات السريعة داخل المحطات، بكل وسائل الأمان الممكنة، إلى زيادة طرح مساحات للمكتبات وأكشاك الهدايا داخلها، وفي محيطها إلى عربات لرجال الأعمال بأسعار مرتفعة وغيرها من الأفكار، لكن لم يتم العمل أو حتى السعي لواحد منها!

صحيح أسعار الانتقال كلها ارتفعت لكن أسعار المترو-تحديدًا- ارتفعت بينما الناس تنتظر هبوط باقي الأسعار.. والناس لم تهنأ بعد بإجراءات ضبط منظومة التموين، والتدخل في تحديد أسعار بعض السلع، وصحيح أن الانتقال بالمترو أقل كثيرًا من الانتقال بباقي الوسائل، وهذا يدفع إلى الإبقاء على خدمة ترحم الناس من جحيم باقي الوسائل وليس العكس.. فجشع الجزارين في رفع أسعار اللحوم مثلًا لا يبرر، لأن وزارتي الزراعة والتموين ترفع أسعارهما بل يدفعهما للعكس!

باختصار الخيبة خيبة إدارة.. تراكم عندها الفشل فوق الفشل، وأصبحت مثل هذه الوظائف تذهب لغير المبدعين، وإنما تذهب لمن يرغبون في اختتام حياتهم الوظيفية بهدوء وبنهاية خدمة مشرفة أدبيًا مرتفعة ماديًا، وبغير رغبة في إحداث نقلات مهمة في الأماكن التي تولوها تحفظ أداء مرافق مهمة وتقدم للشعب- الصاحب والمالك الحقيقي للمرافق- ما يستحقه!

ولذلك فمن يهللون للقرار يسهمون في دفع مثل هذه الإجراءات للأمام وتكرارها وبما لا يفيد المصلحة العليا للبلد!
كان ممكن رفع الأجرة ربع جنيه أو حتى نصف جنيه، وكان ذلك سينهي رقم العجز سبب الأزمة، وكان من الأفضل إعلان الزيادة قبلها بمدة تسمح بمن يريد أن يتحول إلى نظام الاشتراك السنوي أو الدوري وفق أي دورية.. كل ثلاثة أشهر أو نصف سنوي أو حتى شهري، وبما يمنحهم الفرصة لترتيب أحوالهم خصوصًا في الأسر التي يستخدم أكثر من فرد منها المترو.. وكان من الممكن تقسيم المحطات فلا يتساوى من ينتقل عددًا قليلًا منها بمن يستخدم الخط حتى نهايته، وبما يحقق نوعًا من العدل، وكان من الممكن أشياء كثيرة لكن ككل مرة يسيء الإخراج الجيد للقرارات المهمة بما يؤلم الناس ربما أكثر من مضمون القرارات نفسها!

عامان تقريبًا والكلام لم ينقطع عن زيادة أسعار المترو، استهلكت كلها في موافقة وعدم موافقة البرلمان، وفي نفي شائعات الزيادة، ولم يفكر مسئول واحد خلالهما في ابتكار ما يحول الخسائر إلى أرباح.. لذلك فمن يهللون للقرار يسهمون في دفع مثل هذه الإجراءات للأمام وتكرارها واستسهالها وبما لا يفيد المصلحة العليا للبلد، ولذا فملاحظاتنا ليست للبكاء على زيادة أسعار المترو فأولًا ما جرى قد جرى..

وثانيًا فكاتب هذه السطور تقريبًا لا يستخدم المترو أصلًا وإنما هى ملاحظات عن طريقة أداء مسئولينا إذ بالمنهج ذاته تدار هيئات ومرافق أخرى تحتاج اليوم إلى ثورة في إدارتها وحسم وضبط وربط على ما فيها من بيروقراطية وإهمال، فلا وقت ولا يصح ولا ينبغي ولا بلدنا تحتمل أصلًا أن ننتظر لعدد من هيئاتها ومرافقها المهمة أي فشل!!
الجريدة الرسمية