رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ضحايا لندن قتلتهم «لندن» !


كلاهما فاجأ الآخر ورد الضربة قبيل الآخر. كلاهما أراد أن يثبت للعالم أنه يقظ ومسيطر وموجود ومحرك للأحداث. الطرف الأول الإرهاب، غالبا سيكون تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإرهابية المشهور بداعش، والطرف الثاني تنظيم الدولة الترامبية، والمشهور بالإدارة الأمريكية، ولها ملحق ضخم بحجم بريطانيا، اعتاد أن يمضي مقطورا خلف البيت الأبيض.


هاجم الإرهاب مقر البرلمان البريطاني في قصر "ويستمنستر" بقلب لندن، وبداخله "تيريزا ماي" رئيسة الحكومة البريطانية، وكانت موجودة بقاعة التصويت، وجاء الهجوم بعد أقل من ٤٨ ساعة فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه قرر منع مواطني مصر وتركيا والسعودية والإمارات والأردن والمغرب من ركوب طائرات متجهة إلى مطارات الولايات المتحدة، وهم يحملون اللاب توب أو الآي باد، أو الفيديو جيمز!

لن نترجمها لأنها الآن لغة شائعة ومفردات يعرفها حتى التوكتجي.

ولم يمض على إعلان القرار الأمريكي ٢٤ ساعة أخرى حتى أعلنت بريطانيا بدورها أنها ستفعل الشيء ذاته، وتمنع ركوب الأجهزة أعلاه مع الركاب على الرحلات التي تقصد مطاراتها.

بعد ٢٤ ساعة أخرى، وفي تمام الثالثة إلا الثلث بتوقيت لندن (الرابعة إلا الثلث بتوقيت القاهرة)، وعند كوبري "ويستمنستر"، وهو وقت الذروة وخروج الموظفين، اندفعت سيارة الإرهابى تدهس عشرات المواطنين على طول الكوبرى، قبل أن تستدير، في طريقها إلى سور البرلمان، وداست تحت العجلات٢٠ شخصا، إصاباتهم كارثية، وترجل الإرهابي، وأخرج سكينا ليطعن جنديا بسور مجلس العموم البريطاني، فأطلقت الشرطة عليه أربع رصاصات، طار بعدها إلى الجحيم.

وفي آخر حصيلة للقتلي ذكرت الشرطة أنهم أربعة أشخاص. ثلاثة ورابعهم الإرهابي.. وأيا كانت الأعداد، فقد تم المراد!

سبق تنفيذ هذه العملية نجاح القوات الخاصة الأمريكية في القضاء على مجموعة قيادية من تنظيم القاعدة باليمن، ومكنتهم هذه العملية النوعية من الحصول على أجهزة لاب توب ومستندات ومعلومات غاية في الخطورة، من بينها خطط مدروسة ومتفق عليها لإسقاط طائرة ركاب فوق الولايات المتحدة، عن طريق دس متفجرات داخل أجهزة لاب توب أو أي باد أو ألعاب الفيديو.

من ناحية أخرى تسربت معلومات أن المخابرات المركزية الأمريكية اعترضت محادثات بين قادة في القاعدة داخل اليمن عن خطة وأساليب لتفجير طائرة ركاب باستخدام الأجهزة المبينة أعلاه.

من أجل هذا وافق ترامب على الفور على ضم ركاب مصر والسعودية والإمارات والأردن والمغرب، وتركيا، وكلها كما ترى دول صديقة، إلى قائمة حظر السفر ما لم يتخلصوا من الأجهزة السابقة.

وبينما كان المرتقب وقوع حادث أو حوادث متزامنة في أماكن داخل الولايات المتحدة، أو في مقارها الدبلوماسية في أي مكان في العالم، فإن الحادث وقع في قلب لندن، وعند أسوار برلمانها.

الحادث في شكله ومحصلته، رغم الضحايا المدهوسين ظلما، يمكن اعتباره ردا رمزيا، لا يعكس خطة تفجير أو هجوم شامل متزامن متعدد، يبدد جهد الشرطة البريطانية، ويشتتها. ولم يعرف لماذا لم يكن المهاجم مزودا بحزام ناسف ولا معه أية شحنة تفجيرية، وهل كان ذلك مقصودا، أم أن الأطواق الأمنية داخل لندن منعته منعا. التفسير الثاني ممكن لأن مستوى التحذير الأمني في بريطانيا كان severe بناء على معلومات متبادلة بين جهازي المخابرات بين واشنطن ولندن، موثقة بالعملية النوعية داخل اليمن.

من الطبيعي أنه سيكون هناك رد فعل أمني ساحق، في التعزيزات، لكن لن نتوقع إجراءات صارمة تضم جماعة الإخوان التي ترتع في لندنستان بالإرهابية. وسيخرج من يفصل بين فكرها وبين الدماء التي أريقت على الأسفلت فوق جسر "ويستمنستر".

يعلن ترامب الحرب على الإرهاب، وتشارك بريطانيا في الحملة الدولية على الإرهاب، والعالم كله يعلم أن رأس الأفعى هناك والديناصور الحاضن هو لندن. لندن تفتح أحشاءها للإخوان المسلمين، وتعلن حربها على الإرهاب.

الموقف البريطاني يصدم الحقيقة الواقعة على أرض بريطانيا ذاتها، والعشرات من الجرحي والقتلي هم في الحق مسئولية حكومة لندن التي تأوى القتلة وتوسع لهم وتبرر تصرفاتهم.

تري هل سيعلن ترامب أن العملية الإرهابية داخل لندن نتيجة طبيعية لاحتضان الإرهابيين؟!

لن يعلن.

لو أن هناك جدية حقيقية في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، لأغلقت لندن مفارخ تخريج الإرهابيين والغلاة، وأغلقت مقرات وروابط وجمعيات الجماعة، وصادرت أموال رجالها ومموليها وراقبت مشروعاتها ومدارسها ومراكزها، يعلمون فيها أجيالا بريطانية وأوروبية ناشئة كراهية الآخر وتحليل سفك الدماء، بل ينظرون إلى الإنجليز بوصفهم كفارا وجب قتالهم. نفاق الغرب يمد الدواعش والقاعدة وأمهم الكبرى، الإخوان، بشرايين الحياة.

من أجل هذا لابد من النظر بحذر إلى المشروعات الأمنية والقتالية التي ستطرح على مصر وقت زيارة الرئيس السيسي أوائل أبريل إلى واشنطن. الحرب على الإرهاب تتجاوز داعش والقاعدة إلى طهران. ذلك هو الكمين!
Advertisements
الجريدة الرسمية